معنى قوله (رجالاً وعلى كل ضامر)
المقدم: أيضاً في قوله سبحانه وتعالى: ﴿وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا﴾ [الحج: ٢٧] بعض الناس يعتقد أن قوله: ﴿رِجَالًا﴾ [الحج: ٢٧] معناه نفي النساء.
الشيخ: (رجال) في القرآن ليست كذلك، فهي جمع (راجل)، وهو من يمشي على قدميه، ويفهم من هذا أن الله قدم الماشي على الراكب.
ولهذا اختلف العلماء في الجمع بين الآية والسنة، وذلك أن الآية دلت على أن الله قدم من يمشي، لكن النبي ﷺ حج راكباً إلى الحرم؛ ونقل عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه قال: تمنيت لو أني حججت ماشياً لأن الله قدّم المشاة.
ولا شك أن في الحج مشياً فضيلة لزيادة التعب، لكن تلك أقرب للسنة، وقد يكون الركوب من النبي لبعد الديار.
أو قد يجاب أن النبي ﷺ ما أراد أن يشق على أمته واختار لها الأمر الوسط.
وثمة عالم موجود في بريطانيا يقال إنه حج ماشياً، وهو موجود حالياً وعمره قد ناهز المائة، وكنت قد عزمت على الذهاب إليه، لكن أخبرني بعض تلاميذه أو بعض من يعرفه جيداً قال: إن الرجل طاعن في السن ولا أظنك تستفيد من الجلوس معه شيئاً.
موضوع الشاهد أنه حج ماشياً من ديار شنقيط إلى مكة وأدى المناسك كلها ماشياً، ثم عاد مرة أخرى إلى بيته في بلاد شنقيط.
ويقول لي هذا الأخ وهو أحد طلابه وقد قابلته في قطر قال: إنه لما عاد من الحج كان قد كسي ورعاً، وقال: كان في بلادنا من هو أعلم منه لكن التف الناس حوله لورعه وزهده، نسأل الله القبول! المقدم: لكن يقال إن التقديم في الذكر لا يعني الفضيلة، يعني: عندما قال سبحانه وتعالى: ﴿يَأْتُوكَ رِجَالًا﴾ [الحج: ٢٧] قدم ذكر (رجالاً) لأن الرجال في ذلك الزمان أكثر من الركبان؟ الشيخ: هذه قرينة جيدة، لكن من يقول بفضل التقديم يعتبره مثل قول النبي صلى الله عليه وسلم: (أبدأ بما بدأ الله به ﴿إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ﴾ [البقرة: ١٥٨]).