تفسير قوله تعالى: (يقول الإنسان يومئذ أين المفر)
قال عز وجل: ﴿يَقُولُ الإِنسَانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ﴾ [القيامة: ١٠]، أين أذهب؟ أين أختبئ؟ ﴿إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ﴾ [القيامة: ١٢]، أي: المآل والمرجع إلى الله عز وجل: ﴿إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى﴾ [العلق: ٨].
ثم قال تعالى: ﴿يُنَبَّأُ الإِنسَانُ يَوْمَئِذٍ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ﴾ [القيامة: ١٣]، بما قدم من طاعات، وأخر من معاص.
(يُنَبَّأُ الإِنسَانُ) أي: يخبر يومئذ بأعماله، فالسعيد من أخذ كتابه بيمينه، ونظر في صحيفته، فوجد فيها الصلاة، والصيام، والزكاة، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وإحياء السنة، والتمسك بعقيدة السلف، وبمنهج السلف في العبادة، عندئذ يرفع الصحيفة بين الناس جميعاً ويقول مفتخراً متباهياً: ﴿هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ * إِنِّي ظَنَنتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسَابِيَهْ﴾ [الحاقة: ١٩ - ٢٠] كتابي بيميني أبيض كالصفا، فيه أعمال وطاعات.
والآخر يأخذ كتابه بشماله من وراء ظهره، ووجهه أسود كالح، ذليل، منكسر، فيه ربا، وفيه زنا، وفيه حرب لله ولرسوله، وفيه حرب على الدعاة والموحدين، وفيه إجرام وظلم، فماذا يقول لربه؟