ذلك؟ قال: لست أشك في محمد أنه نبي وأمّا ولدي فلعل والدته خانت فقال عمر: وفقك الله تعالى يا ابن سلام فقد صدقت.
فإن قيل: لم خص الأبناء من الأولاد؟ أجيب: بأنّ الذكور أشهر وأعرف وهم لصحبة الآباء ألزم وبقلوبهم ألصق ﴿وإنّ فريقاً منهم﴾ أي: أهل الكتاب ﴿ليكتمون الحق﴾ أي: صفته ﷺ وأمر الكعبة ﴿وهم يعلمون﴾ ولا يظهرونه عناداً.
وقوله تعالى: ﴿الحق من ربك﴾ كلام مستأنف، والحق إما مبتدأ خبره من ربك والمعنى أنه الحق أي: ما ثبت أنه من الله تعالى كالذي أنت عليه لا ما لم يثبت كالذي عليه أهل الكتاب، وإما خبر مبتدأ محذوف أي: هذا الحق ومن ربك حال أو خبر، بعد خبر والمعنى أنّ ما جاءك من العلم أو ما يكتمونه هو الحق لا ما يزعمون ﴿فلا تكونن من الممترين﴾ أي: من الشاكين في أنه من ربك أو في كتمانهم الحق عالمين به أي: فلا تكونن من هذا النوع وهو أبلغ من لا تمتر وليس فيه نهي للرسول ﷺ عن الشك فيه؛ لأنه غير متوقع منه بل إما لتحقيق الأمر، وإنه بحيث لا يشك فيه ناظر، وإمّا أنّ المراد به أمته.
﴿ولكل﴾ أي: أمة من الأمم ﴿وجهة﴾ أي: قبلة أو لكل قوم من المسلمين جهة وجانب من الكعبة ﴿هو موليها﴾ وجهه في صلاته، وقرأ ابن عامر وحده مولاها بفتح اللام وألف بعدها أي: هو مولى تلك الجهة قد وليها، والباقون بكسر اللام وياء بعدها وعلى هذا فأحد المفعولين محذوف أي: هو موليها وجهه كما مرّ تقديره أو الله تعالى موليها إياه ﴿فاستبقوا الخيرات﴾ أي: بادروا إلى الطاعات وقبولها من أمر القبلة وغيره مما تناولوا به سعادة الدارين ﴿أين ما تكونوا﴾ أنتم وأهل الكتاب ﴿يأت بكم الله جميعاً﴾ يوم القيامة، فيجازيكم بأعمالكم ﴿إنّ الله على كل شيء قدير﴾ فيقدر على الإحياء والجمع.
تنبيه: رقق ورش الراء المفتوحة بعد الياء الساكنة. واتفق المصاحف على قطع أين من ما هنا.
فإن قيل: له ذرية والملائكة لا ذرية لهم. أجيب: بأنّ ابن عباس روى أنّ من الملائكة نوعاً يتوالدون يقال لهم: الجن ومنهم إبليس، وقيل: إن الله تعالى لما أخرجه من الملائكة جعل له ذرية وأنّ من الملائكة من ليس بمعصوم وإن كان الغالب فيهم العصمة كما أنّ من الإنس معصومين وهم الأنبياء والغالب في الإنس عدم العصمة ولمن زعم أنه لم يكن من الملائكة أن يقول إنه كان جنياً نشأ بين أظهر الملائكة وكان مغموراً بالألوف منهم فغلبوا عليه لقوله تعالى: ﴿إلا إبليس كان من الجنّ ففسق عن أمر ربه﴾ (الكهف، ٥٠) وهو أصل الجنّ كما أنّ آدم أصل الإنس ولأنه خلق من النار والملائكة خلقوا من النور، قال البغوي: والأوّل أصح لأنّ خطاب السجود كان مع الملائكة وقوله تعالى: ﴿كان من الجنّ﴾ أي من الملائكة الذين هم خزنة الجنة، وقال سعيد بن جبير: من الذين يعملون في الجنة، وقال قوم: من الملائكة الذين كانوا يصوغون حلى الجنة وقيل: إنّ الجنّ أيضاً كانوا مأمورين مع الملائكة لكنه استغنى بذكر الملائكة عن ذكرهم فإذا علم أن الأكابر وهم الملائكة مأمورون بالتذلل لأحد والتوسل به علم أيضاً أن الأصاغر وهم الجنّ مأمورون به أيضاً والضمير في فسجدوا راجع للقبيلين فكأنه قال: فسجد المأمورون بالسجود إلا إبليس.
تنبيه: من فوائد الآية استقباح الاستكبار وأنه يفضي بصاحبه إلى الكفر والحث على الائتمار لأمره وترك الخوض فيما لا ينبغي في سر نفسه وأن الأمر للوجوب وأن الذي علم الله من حاله أنه يتوفى على الكفر هو الكافر على الحقيقة إذ العبرة بالخواتيم وإن كان بحكم الوقت الحاضر مؤمناً.
تنبيه: ما مقطوعة من حيث في موضعي هذه السورة، وكرر سبحانه وتعالى التولي لشطر المسجد الحرام ثلاث مرات لتأكيد أمر القبلة وتشديده؛ لأنّ النسخ من مظان الفتنة والشبهة وتسويل الشيطان، فكرر عليهم ليثبتوا ويقوموا ويجدّوا؛ ولأنه نيط بكل واحد ما لم ينط بالآخر؛ لأنه تعالى علق بكل آية فائدة، ففي الأولى أن أهل الكتاب يعلمون أن أمر محمد أو أمر القبلة حق لمشاهدتهم له في التوراة والإنجيل، وفي الثانية أنه تعالى شهد أنه حق وشهادة الله تعالى مغايرة لعلم أهل الكتاب، وفي الثالثة بيان العلة وهي قطع حجة اليهود أو لأن الأحوال ثلاثة أوّلها: أن يكون الانسان في المسجد الحرام وثانيها: أن يخرج عنه ويكون في البلد وثالثها: أن يخرج عن البلد، فالآية محمولة على الأوّل والثانية على الثاني والثالثة على الثالث وقوله تعالى: ﴿لئلا يكون الناس﴾ أي: اليهود والمشركين ﴿عليكم حجة﴾ أي: مجادلة في التولي علة لقوله: قولوا والمعنى أن التولية عن الصخرة إلى الكعبة تدفع احتجاج اليهود بأن المنعوت في التوراة قبلته الكعبة، وأن محمداً يجحد ديننا ويتبعنا
حبها له فقالت: ﴿إلا أن يسجن﴾، أي: يحبس في السجن ويمنع التصرّف ﴿أو عذاب أليم﴾، أي: مؤلم بأن يضرب بالسياط ونحوها، وإنما بدأت بالسجن قبل العذاب؛ لأنّ المحب لا يشتهي إيلام المحبوب، وإنما أرادت أن يسجن عندها يوماً أو يومين ولم ترد السجن الطويل فإنه لا يعبر عنه بهذه العبارة، بل يقال: يجب أن يجعل من المسجونين، ألا ترى أن فرعون هكذا قال في حق موسى عليه السلام في قوله: ﴿لئن اتخذت إلهاً غيري لأجعلنك من المسجونين﴾ (الشعراء، ٢٩). فلما سمع يوسف عليه السلام مقالتها
﴿قال﴾ مبرئاً نفسه ﴿هي﴾ بضمير الغيبة لاستحيائه بمواجهتها بإشارة أو ضمير خطاب ﴿راودتني عن نفسي﴾، أي: طلبت مني الفاحشة فأبيت وفررت منها، وذلك أنّ يوسف عليه السلام ما كان يريد أن يذكر ذلك القول ولا يهتك سترها ولكن لما قالت هي ما قالت ولطخت عرضه احتاج إلى إزالة هذه التهمة عن نفسه، وصدقه لعمري فيما قال لا يحتاج إلى بيان أكثر من الحال الذي كان فيه وهو أنهما عند الباب ولو كان الطلب منه لما كان إلا في محلها الذي تجلس فيه وهو صدر البيت وأشرف موضع فيه، وأيضاً هو عبد لهم والعبد لا يمكنه أن يتسلط على مولاه إلى هذا الحال، وأيضاً أنّ المرأة زينت نفسها على أكمل الوجوه، وأما يوسف فما كان عليه أثر من آثار تزيين النفس فكان إلحاق هذه الفتنة بالمرأة أولى.
ثم إنه تعالى أظهر ليوسف عليه السلام دليلاً آخر يقوي تلك الدلائل المذكورة، ويدل على أنه بريء من الريب وأنّ المرأة هي المذنبة وهو قوله تعالى: ﴿وشهد شاهد من أهلها﴾، أي: وحكم حاكم من أهل المرأة، واختلفوا في هذا الشاهد، فقال سعيد بن جبير والضحاك: كان صبياً في المهد أنطقه الله تعالى كرامة ليوسف عليه السلام.
وروي أنه ﷺ قال: «تكلم في المهد أربعة وهم صغار شاهد يوسف وابن ماشطة بنت فرعون وعيسى بن مريم وصاحب جريج الراهب» رواه الإمام أحمد، وفي الصحيحين أنه ﷺ قال: «لم يتكلم في المهد إلا ثلاثة؛ عيسى بن مريم وصاحب جريج وصبيّ كان يرضع أمّه فمرّ راكب حسن الهيئة فقالت أمّه: اللهم اجعل ابني مثل هذا فقال الصبي: اللهم لا تجعلني مثله» وبهذا الاعتبار صاروا خمسة وزاد الثعلبي سادساً وهو يحيى بن زكريا عليهما السلام وزاد غيره على ذلك، ولعل الحصر فيما ذكر في الحديث كان قبل العلم بالزيادة فلا تناقض وأوصلهم السيوطي إلى أحد عشر ونظمهم فقال:

*تكلم في المهد النبي محمد ويحيى وعيسى والخليل ومريم
*ومبري جريج ثم شاهد يوسف وطفل لدى الأخدود يرويه مسلم
*وطفل عليه مرّ بالأمّة التي يقال لها تزني ولا تتكلم
*وماشطة في عهد فرعون طفلها وفي زمن الهادي المبارك يختم
وقالت طائفة عظيمة من المفسرين: إنها كان لها ابن عم وكان رجلاً حكيماً واتفق في ذلك الوقت أنه كان مع الملك يريد أن يدخل عليها فقال: قد سمعنا الجلبة من وراء الباب وشق القميص إلا أنّا لا ندري أيكما قدّام صاحبه ولكن ﴿إن كان قميصه قدّ من قبل﴾، أي: من قدام ﴿فصدقت وهو من الكاذبين﴾ ﴿وإن كان قميصه قد من دبر﴾، أي: من خلف ﴿فكذبت وهو من الصادقين﴾ لأنه لولا إدباره
من جهة الغرب على يمين المتوجه إلى ناحية مكة المشرّفة من ناحية مصر فناداه فيه العزيز الجبار وهو ذو طوى ﴿إذ﴾ أي: حين ﴿قضينا﴾ أي: أوحينا ﴿إلى موسى الأمر﴾ أي: أمر الرسالة إلى فرعون وقومه وما يريد أن يفعل من ذلك في أوّله وأثنائه وآخره مجملاً فكان كل ما أخبرنا به مطابقاً تفصيله لإجماله ﴿وما كنت﴾ أي: بوجه من الوجوه ﴿من الشاهدين﴾ لتفاصيل ذلك الأمر الذي أجملناه لموسى عليه السلام حتى تخبر به كله على هذا الوجه الذي آتيناك به في هذه الأساليب المعجزة، ولا شك أنّ معرفتك لذلك من قبيل الأخبار عن المغيَّبات التي لا تعرف إلا بالوحي ولذلك استدرك عنه بقوله تعالى:
﴿ولكنا﴾ أي: بما لنا من العظمة ﴿أنشأنا﴾ بعدما أهلكنا أهل ذلك الزمان الذين علموا هذه الأمور بالمشاهدة وهم السبعون المختارون للميقات أو بالإخبار كلهم ﴿قروناً﴾ أي: أمما كثيرة بعد موسى عليه السلام ﴿فتطاول﴾ أي: بمروره وعلوه ﴿عليهم العمر﴾ أي: ولكنا أوحينا إليك أنا أنشأنا قروناً مختلفة بعد موسى عليه السلام فتطاولت عليهم المدد فنسوا العهود واندرست العلوم وانقطع الوحي فحذف المستدرك وهو أوحينا وأقام سببه وهو الإنشاء مقامه على عادة الله تعالى في اختصاراته فهذا الاستدراك شبيه بالاستداركين بعده، فإن قيل: ما الفائدة في إعادة قوله تعالى: ﴿وما كنت من الشاهدين﴾ بعد قوله: ﴿وما كنت بجانب الغربي﴾ لأنه ثبت بذلك أنه لم يكن شاهداً لأنّ الشاهد لا بدّ أن يكون حاضراً؟ أجيب: بأنّ ابن عباس قال: التقدير لم تحضر ذلك الموضع ولو حضرت ما شاهدت تلك الوقائع فإنه يجوز أن يكون هناك ولا يشهد ولا يرى.
وقرأ أبو عمرو في الوصل بكسر الهاء والميم، وحمزة والكسائي بضمّ الهاء والميم، وحمزة في الوقف بضمّ الهاء وسكون الميم، والباقون في الوصل بكسر الهاء وضمّ الميم، ولما نفى العلم عن ذلك بطريق الشهود نفي سبب العلم بذلك بقوله تعالى: ﴿وما كنت ثاوياً﴾ أي: مقيماً إقامة طويلة مع الملازمة بمدين ﴿في أهل مدين﴾ أي: قوم شعيب عليه السلام كمقام موسى وشعيب فيهم ﴿تتلوا﴾ أي: تقرأ ﴿عليهم﴾ تعلماً منهم ﴿آياتنا﴾ العظيمة التي منها قصتهما لتكون ممن يهتم بأمور الوحي ويتعرّف دقيق أخباره فيكون خبرهم وخبر موسى عليه السلام معك ﴿ولكنا كنا مرسلين﴾ إياك رسولاً وأنزلنا عليك كتاباً فيه هذه الأخبار تتلوها عليهم ولولا ذلك ما علمتها ولم تخبرهم بها.
﴿وما كنت بجانب الطور﴾ أي: بناحية الجبل الذي كلم الله تعالى عليه موسى عليه السلام ﴿إذ﴾ أي: حين ﴿نادينا﴾ أي: أوقعنا النداء لموسى عليه السلام فأعطيناه التوراة وأخبرناه بما لا يمكن الاطلاع عليه إلا من قبلنا أو من قبله، ومن المشهور أنك لم تطلع على شيء من ذلك من قبله لأنك ما خالطت أحداً ممن حمل تلك الأخبار عن موسى عليه السلام ولا أحداً حملها ممن حملها عنه ولكن كان ذلك إليك منا، وهو معنى قوله تعالى ﴿ولكن﴾ أي: أنزلنا ما أردنا وأرسلناك به ﴿رحمة من ربك﴾ لك خصوصاً وللخلق عموماً.
وقيل: إذ نادينا موسى خذ الكتاب بقوّة، وقال وهب: قال موسى يا رب أرني محمداً قال إنك لن تصل إلى ذلك وإن شئت ناديت أمّته وأسمعتك صوتهم قال: بلى يا رب فقال الله تعالى: يا أمّة محمد فأجابوه من أصلاب آبائهم، وقال أبو زرعة: نادى يا أمّة محمد قد أجبتكم قبل أن تدعوني وأعطيتكم قبل أن تسألوني،
لرسله وإعلاماً بأنّ فعلهم فعله تعالى ﴿غير بيت﴾ أي: واحد وهو بيت ابن أخي إبراهيم عليهما السلام، وقيل: كانت عدّة الناجين منهم ثلاثة عشر ﴿من المسلمين﴾ أي: العريقين في إسلام الظاهر والباطن لله تعالى من غير اعتراض أصلاً، وهم إبراهيم وآله عليهم السلام وإنهم أوّل من وجد منهم الإسلام الأتم وتسموا به كما مرّ في سورة البقرة، وسموا به أتباعهم فكان هذا البيت الواحد صادقاً عليه الإيمان الذي هو التصديق والإسلام الذي هو الإنقياد قال البغوي: وصفهم الله تعالى بالإيمان والإسلام جميعاً لأنه ما من مؤمن إلا وهو مسلم يعني لما بينهما من التلازم وإن اختلف المفهومان، وقال الأصفهاني: وقيل: كان لوط وأهل بيته الذين نجوا ثلاثة عشر وقيل: هم لوط وابنتاه وصفوا بالإيمان والإسلام أي هم مصدّقون بقلوبهم عاملون بجوارحهم الطاعات.
تنبيه: في الآية إشارة إلى أنّ الكفر إذا غلب والفسق إذا فشا لا تنفع معه عبادة المؤمنين، بخلاف ما لو كان أكثر الخلق على الطريقة المستقيمة وفيهم شرذمة يسيرة يسرقون ويزنون ومثاله: أنّ العالم كالبدن، ووجود الصالحين كالأغذية الباردة والحارة والسموم والواردة عليه الضارة، ثم إنّ البدن إذا خلا عن النافع وفيه الضار هلك وإن خلا عن الضار وفيه النافع طاب ونما، وإن وجدا فيه معاً فالحكم للأغلب، وإطلاق الخاص على العام لا مانع منه لأنّ المسلم أعم من المؤمن، فإذا سمى المؤمن مسلماً لا يدل على اتحاد مفهوميهما فكأنه تعالى قال: أخرجنا المؤمنين فما وجدنا الأعم منهم إلا بيتاً من المسلمين، ويلزم من هذا أن لا يكون هناك غيرهم من المؤمنين.
﴿وتركنا﴾ أي: بما لنا من العظمة ﴿فيها﴾ أي تلك القرى بما أوقعنا بها من العذاب ﴿آية﴾ أي علامة عبرة على هلاكهم كالحجارة أو الماء المنتن، فإنا قلعنا قراهم كلها وصعدت في الجوّ كالغمام إلى عنان السماء ولم يشعر أحد من أهلها بشيء من ذلك ثم قلبت واتبعت بالحجارة ثم خسف بها وغمرت بالماء الذي لا يشبهه شيء من مياه الأرض، كما أنّ جنايتهم لم تكن تشبه جناية أحد ممن تقدّمهم من أهل الأرض ﴿للذين يخافون العذاب الأليم﴾ أي: أن يحل بهم كما حل بهذه القرى في الدنيا من رفع الملائكة لهم في الهواء الذاري إلى عنان السماء وقلبهم وإتباعهم الحجارة المحرقة، وغمرهم بالماء المناسب لفعلهم بنتنه وعدم نفعه، وما ادّخر لهم في الآخرة أعظم وخص الذين يخافون بالذكر لأنهم المعتبرون بها. وقوله تعالى:
عطف على قوله تعالى: ﴿فيها﴾ بإعادة الجار، لأنّ المعطوف عليه ضمير مجرور فيتعلق بتركنا من حيث المعنى ويكون التقدير وتركنا في قصة موسى آية ﴿إذ أرسلناه﴾ أي: بمالنا من العظمة ﴿إلى فرعون بسلطان مبين﴾ أي بحجة واضحة وهي معجزاته الظاهرة كاليد والعصا ومع ذلك لم ينتفع بها، ولذلك سبب عنها وعقب بها قوله تعالى:
﴿فتولى﴾ أي: كلف نفسه الإعراض عنها بعدما دعاه علمها إلى الإقبال إليها وأشار إلى قواه بقوله تعالى: ﴿بركنه﴾ أي: بسبب ما يركن إليه من القوّة في نفسه وبأعوانه وجنوده، لأنهم له كالركن وقيل: بجميع بدنه كناية عن المبالغة في الإعراض ﴿وقال﴾ معلماً بعجزه عما أتاه به وهو لا يشعر ﴿ساحر﴾ ثم ناقض كمناقضتكم فقال بجهله عما يلزم على قوله ﴿أو مجنون﴾ أي: لاجترائه علىّ مع مالي من عظيم الملك


الصفحة التالية
Icon