فيها، فتعين كونها شرطاً لصحة الاعتكاف، وأنّ الوطء محرّم في الاعتكاف ويفسده؛ لأنّ النهي في العادات يوجب الفساد، أما ما دون الجماع من المباشرات فإن كان بشهوة فحرام، ولا يبطل اعتكافه إن لم ينزل، فإن أنزل وكان بلا حائل فكالجماع وإلا فلا، فعن عائشة رضي الله تعالى عنها أنها قالت: «كان رسول الله ﷺ إذا اعتكف أدنى إليّ رأسه فأرجله، وكان لا يدخل البيت إلا لحاجة الإنسان» ﴿تلك﴾ الأحكام المذكورة وهي قوله تعالى: ﴿الآن باشروهنّ﴾ إلى قوله تعالى ﴿في المساجد﴾ ﴿حدود الله﴾ حدها لعذابه ليقفوا عندها ﴿فلا تقربوها﴾ نهى تعالى أن يقرب الحد الحاجز بين الحق والباطل؛ لئلا يداني الباطل فضلاً أن يتخطى عنه، وهذا أبلغ من قوله تعالى في آية أخرى ﴿فلا تعتدوها﴾ (البقرة، ٢٢٩)، لكن في ذلك مأمورات وهي لا ينهى عن قربانها، فالمراد منها أضدادها بناء على أنّ
الأمر بالشيء نهي عن ضدّه أو مستلزم له؛ ليصح النهي عن قربانها، ويجوز أن يراد بحدود الله محارمه ونواهيه. وعلى هذا فالنهي عن القربان ظاهر كما قال عليه الصلاة والسلام: «إنّ لكل ملك حمى، وإن حمى الله في أرضه محارمه، فمن رتع حول الحمى يوشك أن يقع فيه» رواه الشيخان ﴿كذلك﴾ أي: كما بيّن لكم ما ذكر ﴿يبين الله آياته للناس لعلهم يتقون﴾ أي: لكي يتقوا مخالفة الأوامر والنواهي فينجوا من العذاب.
﴿ولا تأكلوا أموالكم بينكم﴾ أي: لا يأكل بعضهم مال بعض ﴿بالباطل﴾ أي: الحرام شرعاً كالغصب والسرقة وقوله تعالى: ﴿وتدلوا﴾ مجزوم داخل في حكم النهي، أو منصوب بإضمار، أن والإدلاء الإلقاء أي: ولا تلقوا ﴿بها﴾ أي: بحكومتها وبالأموال رشوة ﴿إلى الحكام لتأكلوا﴾ بالتحاكم ﴿فريقاً﴾ أي: طائفة ﴿من أموال الناس بالإثم﴾ أي: بما يوجب إثماً كشهادة الزور واليمين الكاذبة أو متلبس بالإثم، فالباء إمّا للسببية فتكون متعلقة بتأكلوا، أو للمصاحبة فتتعلق بمحذوف، وتكون مع مدخولها حالاً من فاعل تأكلوا ﴿وأنتم تعلمون﴾ أنكم مبطلون فإن ارتكاب المعصية مع العلم أقبح.
روي «أن عبدان الحضرمي ادّعى على امرىء القيس الكندي قطعة أرض ولم يكن له بينة فحكم رسول الله ﷺ بأن يحلف امرؤ القيس فهمّ بالحلف فقرأ عليه رسول الله ﷺ ﴿إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمناً قليلاً﴾ (آل عمران، ٧٧) فارتدع عن اليمين، وسلّم الأرض لعبدان» فنزلت، وهو دليل على أنّ حكم القاضي لا ينفذ في باطن الأمر وفيه خلاف ظاهر، ويؤيده قوله ﷺ لخصمين اختصما إليه: «إنما أنا بشر وأنتم تختصمون لديّ، ولعل بعضكم يكون ألحن بحجته ـ أي: أقوم وأقدر ـ عليها من بعض فأقضي له على ما أسمع منه فمن قضيت له بشيء من أخيه فإنما أقطع له قطعة من نار» قبكيا وقال كل واحد منهما: حقي لصاحبي، فقال: «اذهبا وتواخيا ثم استهما ثم ليحل كل واحد منكما صاحبه» و «سأل معاذ بن جبل وثعلبة بن غنم رسول الله ﷺ ما بال الهلال يبدو دقيقاً كالخيط ثم يزيد حتى يمتلىء نوراً ويستوي ثم لا يزال ينقص حتى يعود دقيقاً كما بدا ولا يكون على حالة واحدة كالشمس؟ فنزل:
﴿يسئلونك﴾ يا محمد ﴿عن الأهلة﴾ جمع هلال مثل رداء وأردية، والهلال اسم له: أوّل الليلة الأولى والثانية والثالثة، وبعدها يسمى قمراً، وهنا سماه بأوّل حالاته لأنّ الناس يرفعون أصواتهم بالذكر عند رؤيته من قولهم: استهل الصبيّ إذا صرخ حين يولد ﴿قل﴾ لهم
فعلوا ذلك من أنفسهم؛ لأنهم لما طلبوا السقاية فلم يجدوها، ولم يكن هناك أحد غيرهم غلب على ظنهم أنهم الذين أخذوها. ولما وصل إليهم الرسول قال لهم: ألم نحسن ضيافتكم ونكرم مثواكم ونفيكم كيلكم وفعلنا بكم ما لم نفعل بغيركم؟ قالوا: بلى، وما ذاك؟ قالوا: سقاية الملك فقدناها ولا نتهم عليها غيركم فذلك قوله تعالى:
﴿قالوا و﴾ الحال أنهم قد ﴿أقبلوا عليهم﴾، أي: على جماعة الملك المنادي وغيره ﴿ماذا﴾، أي: ما الذي ﴿تفقدون﴾ مما يمكننا أخذه والفقدان ضدّ الوجود ﴿قالوا نفقد﴾ وكان للسقاية اسمان فعبروا بقولهم ﴿صواع الملك﴾ والصواع هو المكيال وهو السقاية المتقدّمة سموه تارة كذا وتارة كذا، وإنما اتخذوا هذا الإناء مكيالاً لعزة ما يكال به في ذلك الوقت. ﴿ولمن جاء به حمل بعير﴾، أي: من الطعام، والبعير يطلق لغة على الذكر خاصة وأطلقه بعضهم على الناقة أيضاً، وجعله نظير إنسان وهو ما جرى عليه الفقهاء في باب الوصية، والجمع في القلة على أبعرة، وفي الكثرة على بعران ﴿وأنا به زعيم﴾ قال مجاهد: هذا الزعيم هو الذي أذن، والزعيم الكفيل، وهذه الآية تدل على أنّ الكفالة كانت صحيحة في شرعهم، وقد حكم بها رسول الله ﷺ في قوله: «الزعيم غارم».
وإذا ورد في شرعنا ما يقرّر شرع غيرنا، هل يكون شرعاً لنا؟ في ذلك خلاف والراجح أنه ليس بشرع لنا. فإن قيل: كيف تصح هذه الكفالة مع أنّ السارق لا يستحق شيئاً؟ أجيب: بأنهم لم يكونوا سراقاً في الحقيقة فيحمل ذلك على مثل رد الضائع، فيكون ذلك جعالة أو أنّ مثل هذه الكفالة، كانت جائزة عندهم في ذلك الزمان.
﴿قالوا﴾، أي: أخوة يوسف عليه السلام ﴿تالله﴾ التاء حرف قسم، وهي عند الجمهور بدل من واو القسم، والواو بدل من الباء، فهي فرع الفرع، فلذلك ضعفت عن التصريف في الأسماء، فلا تدخل إلا على الجلالة الكريمة أو الرب مضافاً للكعبة أو الرحمن في قول ضعيف، ولو قلت: تالرحمن لم يجز، أي: والله ﴿لقد علمتم﴾ أي: بما جرّبتم من أمانتنا قبل هذا في كون مجيئنا ﴿ما جئنا﴾ وأكدوا النفي باللام فقالوا ﴿لنفسد﴾، أي: نوقع الفساد ﴿في الأرض﴾، أي: أرض مصر ﴿و﴾ لقد علمتم ﴿ما كنا﴾، أي: بوجه من الوجوه ﴿سارقين﴾، أي: موصوفين بهذا الوصف قطعاً. فإن قيل: من أين علموا ذلك؟ أجيب: بأنّ ذلك يعلم مما رأوا من أحوالهم، وقيل: لأنهم ردّوا البضاعة التي جعلت في رحالهم، قالوا: فلوا كنا سارقين ما رددناها، وقيل: قالوا ذلك؛ لأنهم كانوا معروفين بأنهم لا يتناولون ما ليس لهم، وكانوا إذا دخلوا مصر كمموا أفواه دوابهم كي لا تتناول شيئاً من حروث الناس.
﴿قالوا﴾، أي: أصحاب يوسف عليه السلام المنادي ومن معه ﴿فما جزاؤه﴾، أي: السارق، وقيل: الصواع ﴿إن كنتم كاذبين﴾ في قولكم: ما كنا سارقين ووجد فيكم، والجزاء مقابلة العمل بما يستحق من خير وشر.
﴿قالوا﴾ وثوقاً منهم بالبراءة وإخباراً بالحكم عندهم ﴿جزاؤه من وجد في رحله﴾ ولتحققهم البراءة علقوا الحكم على مجرد الوجدان لا السرقة، ثم أكدوا ذلك بقولهم: ﴿فهو جزاؤه﴾ قال ابن عباس: كان ذلك الزمان كل سارق بسرقته فلذلك قالوا ذلك، أي: فالسارق جزاؤه أن يسلم بسرقته إلى المسروق منه فيسترق سنّة، وكان ذلك سنّة آل يعقوب في حكم السارق وكان حكم ملك مصر أن يضرب السارق ويغرم ضعفي قيمة المسروق، فأراد يوسف أن يحبس
في ثواب الله ﴿فإن أجل الله﴾ أي: الوقت المضروب للقائه ﴿لآت﴾ أي: لجاءٍ لا محالة فإنه لا يجوز عليه إخلاف الوعد، فإن قيل: كيف وقع فإن أجل الله لآت جواباً للشرط؟ أجيب: بأنه إذا كان وقت اللقاء آتياً كان اللقاء آتياً لا محالة كما تقول من كان يرجو لقاء الملك فإن يوم الجمعة قريب، إذا علم أنه يقعد للناس يوم الجمعة، وقال مقاتل يعني: يوم القيامة لكائن ومعنى الآية أن من يخشى الله تعالى ويأمله فليستعد له وليعمل لذلك اليوم كما قال تعالى: ﴿فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملاً صالحاً﴾ (الكهف: ١١٠)
﴿وهو السميع﴾ أي: لما قالوه ﴿العليم﴾ يعلم من صدق فيما قال ومن كذب فيثيب ويعاقب على حسب علمه، قال الرازي: وههنا لطيفة وهي أنّ للعبد أموراً هي أصناف حسناته عمل قلبه وهو التصديق وهو لا يرى ولا يسمع وإنما يعلم، وعمل لسانه وهو يسمع، وعمل أعضائه وجوارحه وهو يرى فإذا أتى بهذه الأشياء يجعل الله تعالى لمسموعه ما لا أذن سمعت، ولمرئيه ما لا عين رأت ولعمل قلبه ما لا خطر على قلب بشر كما وصف في الخبر في وصف الجنة اه.
(تنبيه) لم يذكر الله تعالى من الصفات غير هذين الصفتين كالعزيز والحكيم وذلك لأنه سبق القول في قوله ﴿أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمناً﴾ وسبق الفعل بقوله تعالى: ﴿وهم لا يفتنون﴾ وبقوله تعالى: ﴿فليعلمن الله الذين صدقوا﴾ وبقوله تعالى: ﴿أم حسب الذين يعملون السيئات﴾ ولا شك أن القول يدرك بالسمع، والعمل منه ما يدرك بالبصر ومنه ما لا يدرك به كما علم مما مرّ والعلم يشملها، ولما بين تعالى أنّ التكليف حسن واقع وإن عليه وعداً وإيعاد ليس لهما دافع بين أن طلب الله تعالى ذلك من المكلف ليس لنفع يعود إليه بقوله تعالى:
﴿ومن جاهد﴾ أي: بذل جهده في جهاد حرب أو نفس حتى كأنه يسابق آخر في الأعمال الصالحة ﴿فإنما يجاهد لنفسه﴾ لأنّ منفعة جهاده له لا لله تعالى فإنه غني مطلق كما قال تعالى: ﴿إن الله﴾ أي: المتصرّف في عباده بما شاء ﴿لغنيّ عن العالمين﴾ أي: الأنس والجنّ والملائكة وعن عبادتهم ومثل هذا كثير في القرآن كقوله تعالى: ﴿من عمل صالحاً فلنفسه﴾ (فصلت: ٦)
وقوله تعالى: ﴿إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم﴾ (الإسراء: ٧)
فينبغي للعبد أن يكثر من العمل الصالح ويخلصه لأنّ من عمل فعلاً يطلب به ملكاً ويعلم أنّ الملك يراه يحسن العمل ويتقنه، وإذا علم أن عمله لنفسه لا لأحد يكثر منه، نسأل الله الكريم الفتاح أن يوفقنا للعمل الصالح وأن يفعل ذلك بأهلينا وذريتنا ومحبينا بمحمد وآله، ولما بين تعالى حال المسيء مجملاً بقوله تعالى: ﴿أم حسب الذين يعملون السيئات أن يسبقونا﴾ إشارة إلى التعذيب مجملاً، وذكر حال المحسن بقوله تعالى: ﴿ومن جاهد فإنما يجاهد لنفسه﴾ وكان التقدير فالذين جاهدوا والذين عملوا السيئات لنجزينهم أجمعين ولكنه طواه لأن السياق لأهل الرجاء عطف عليه قوله تعالى:
﴿والذين آمنوا وعملوا﴾ تصديقاً لإيمانهم ﴿الصالحات﴾ أي: في الشدة والرخاء على حسب طاقتهم وفي ذلك إشارة إلى أن رحمته تعالى أتم من غضبه وفضله أتم من عدله وأشار بقوله تعالى: ﴿لنكفرنّ عنهم سيئاتهم﴾ إلى أن الإنسان وإن اجتهد لا بد من أن يزل عن الطاعة لأنه مجبول على النقص: «فالصلاة إلى الصلاة كفارة لما بينهما ما لم تؤت الكبائر، والجمعة، إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان» ونحو ذلك مما وردت به الأخبار عن النبيّ ﷺ المختار، فالصغائر تكفر بعمل الصالحات، وأما الكبائر فتكفر بالتوبة، ولما بشرهم
وكانت عائشة تقول لم ير محمد ﷺ ربه وتحمل الرؤية على رؤية جبريل قال مسروق قلت لعائشة: يا أمّتاه هل رأى محمد ربه فقالت لقد قف شعري مما قلت، أين أنت من ثلاث من حدّثكهنّ فقد كذب؟ من حدّثك أنّ محمداً رأى ربه فقد كذب ثم قرأت ﴿لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير﴾ (الأنعام: ١٠٣)
﴿وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحياً أو من وراء حجاب﴾ (الشورى: ٥١)
ومن حدّثك أنه يعلم ما في غد فقد كذب، ثم قرأت ﴿وما تدري نفس ماذا تكسب غداً وما تدري نفس بأي أرض تموت﴾ (لقمان: ٣٤)
. ومن حدّثك أنه كتم شيئاً مما أنزل الله تعالى فقد كذب، ثم قرأت ﴿يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك﴾ (المائدة: ٦٧)
الآية ولكنه رأى جبريل في صورته مرتين»، وروى أبو ذر قال سألت رسول الله ﷺ هل رأيت ربك «قال نور أنّى أراه» وحاصل المسألة: أنّ الصحيح ثبوت الرؤية وهو ما جرى عليه ابن عباس حبر الأمّة، وهو الذي يرجع إليه في المعضلات، وقد راجعه أبو عمرو فأخبره أنه رآه ولا يقدح في ذلك حديث عائشة، لأنها لم تخبر أنها سمعت من رسول الله ﷺ أنه قال لم أر وإنما اعتمدت على الاستنباط مما تقدم وجوابه ظاهر، فإنّ الإدراك هو الإحاطة والله تعالى لا يحاط به وإذا ورد النص بنفي الإحاطة لا يلزم منه نفي الرؤية بغير إحاطة، وأجيب عن احتجاجها بقوله تعالى: ﴿وما كان لبشر أن يكلمه الله﴾ (الشورى: ٥١)
الآية بأنه لا يلزم من الرؤية وجود الكلام حال الرؤية فيجوز وجود الرؤية من غير كلام، وبأنه عام مخصوص بما تقدّم من الأدلة.
وأمّا قوله ﷺ «نور أنّى أراه» فقال الماوردي: الضمير في أراه عائد إلى الله تعالى ومعناه: إنه خالق النور المانع من رؤيته أي رؤية إحاطة كما مرّ إذ من المستحيل أن تكون ذات الله نوراً إذ النور من جملة الأجسام والله تعالى منزه عن ذلك فإن قيل: هلا قيل أفتمارونه على ما رأى بصيغة الماضي لأنهم إنما جادلوه حين أسري به فقالوا: صف لنا بيت المقدس وأخبرنا عن عيرنا في الطريق وغير ذلك مما جادلوه به وما الحكمة في إبرازه بصيغة المضارع أجيب: بأنّ التقدير أفتمارونه على ما يرى فكيف وهو قد رآه في السماء فماذا تقولون فيه.
والواو في قوله تعالى: ﴿ولقد رآه﴾ يحتمل أن تكون عاطفة ويحتمل أن تكون للحال أي: كيف تجادلونه فيما رآه وهو قد رآه ﴿نزلة أخرى﴾ على وجه لا شك فيه.
تنبيه: قوله تعالى: ﴿نزلة﴾ فعلة من النزول كجلسة من الجلوس فلا بدّ من نزول، واختلفوا في ذلك النزول. وفيه وجوه:
الأوّل: أنّ الضمير في رآه عائد إلى جبريل أي رأى جبريل نزلة أخرى أي رأى جبريل في صورته التي خلق عليها نازلاً من السماء مرّة أخرى وذلك أنه رآه في صورته مرتين مرة في الأرض ومرّة في السماء ﴿عند سدرة المنتهى﴾ قال الرازي: ويحتمل أن تكون النزلة لمحمد صلى الله عليه وسلم
الثاني: أن الضمير عائد إلى الله تعالى أي رأى الله نزلة أخرى، وهذا قول من قال في قوله تعالى: ﴿ما كذب الفؤاد ما رأى﴾ هو الله تعالى وقد قيل: إنّ النبي ﷺ رأى ربه بقلبه مرتين وعلى هذا ففي النزول وجهان: أحدهما: قول من يجوز على الله الحركة من غير تشبيه. وثانيهما: أنّ نزوله بمعنى القرب بالرحمة والفضل، الثالث: أن محمداً رأى الله تعالى نزلة أخرى والمراد من النزلة: ضدّها وهي العرجة كأنه قال: رآه عرجة أخرى قال ابن عباس: نزلة أخرى هو أنه كان للنبيّ ﷺ عرجات في تلك الليلة لمسألة التخفيف