الكاذبين.
﴿ثم أفيضوا﴾ يا قريش ﴿من حيث أفاض الناس﴾ وذلك أنهم وحلفاءهم ومن دان بدينهم وهم الحمس كانوا يقفون بالمزدلفة وسائر الناس بعرفة ويرون ذلك ترفعاً عليهم، ويقولون: نحن أهل الله وقطان حرمه، ولا نخرج منه، فأمروا أن يساووهم، وثم للترتيب في الذكر، وفي الكلام تقديم وتأخير تقديره: فمن فرض فيهن الجمع فلارفت ولا فسوق ولا جدال في الحج، ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس، فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام، وقيل: لتفاوت ما بين الإفاضتين أي: لتراخي الثانية عن الأولى رتبة إذ الأولى هي الصواب والثانية خطأ كما في قولك: أحسن إلى الناس، ثم لا تحسن إلى غير كريم، فإنك تأتي بثم لتفاوت ما بين الإحسان إلى الكريم وإلى غيره وبعد ما بينهما وقيل: ثم بمعنى الواو كما في قوله تعالى: ﴿ثم كان من الذين آمنوا﴾ (البلد، ١٧) ﴿واستغفروا الله﴾ من ذنوبكم في تغيير المناسك وغيره ﴿إنّ الله غفور رحيم﴾ يغفر ذنوب المستغفر وينعم عليه.
﴿فإذا قضيتم﴾ أي: أديتم ﴿مناسككم﴾ أي: عبادات حجكم كأن رميتم جمرة العقبة وطفتم واستقررتم بمنى، وأدغم أبو عمرو الكاف في الكاف بخلاف عنه، ولم يدغم مثلين من كلمة في القرآن إلا هنا وفي سورة المدثر وهو قوله تعالى: ﴿ما سلككم في سقر﴾ (المدثر، ٤٢).
﴿فاذكروا الله﴾ بالتكبير والتحميد والثناء عليه ﴿كذكركم آباءكم﴾ وذلك أنّ العرب كانت إذا فرغت من الحج وقفت بين المسجد بمنى وبين الجبل فيعدون فضائل آبائهم ويذكرون محاسن أيامهم، فأمرهم الله تعالى بذكره وقال: فاذكروني فأنا الذي فعلت ذلك بكم وبآبائكم، وأحسنت إليكم وإليهم، وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: فاذكروا الله كذكر الصبيان الصغار الآباء، وذلك أنّ الصبيّ أولّ ما يتكلم يلهج بذكر أبيه ولا يذكر غيره، فقال الله تعالى: ﴿فاذكروا الله﴾ لا غير كذكر الصبيّ أباه.
﴿أو أشد ذكراً﴾ من ذكركم إياهم ونصب أشدّ على الحال المنصوب باذكروا إذ لو تأخر عنه لكان صفة له ﴿فمن الناس من يقول ربنا آتنا﴾ نصيبنا ﴿في الدنيا﴾ وهم المشركون كانوا لا يسألون الله تعالى في الحج إلا الدنيا، يقولون: اللهمّ أعطنا غنماً وإبلاً وبقراً وعبيداً وكان الرجل يقوم فيقول: اللهمّ إنّ أبي كان عظيم الفئة كبير الجفنة كثير المال فأعطني مثل ما أعطيته ﴿وما له في الآخرة من خلاق﴾ أي: نصيب لأنّ همَّه مقصور على الدنيا.
﴿س٢ش٢٠١/ش٢٠٤ وَمِنْهُم مَّن يَقُولُ رَبَّنَآءَاتِنَا فِى الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي ا؟خِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ * أُو؟لَا؟ئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِّمَّا كَسَبُوا؟؟ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ * وَاذْكُرُوا؟ اللَّهَ فِى؟ أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ؟ فَمَن تَعَجَّلَ فِى يَوْمَيْنِ فَ؟ إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَن تَأَخَّرَ فَ؟ إِثْمَ عَلَيْهِ؟ لِمَنِ اتَّقَى؟ وَاتَّقُوا؟ اللَّهَ وَاعْلَمُو؟ا؟ أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ * وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ؟ فِى الْحياةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِى قَلْبِهِ؟ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ﴾
﴿ومنهم﴾ أي: الناس ﴿من يقول ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار﴾ بعدم دخولها، وهم المؤمنون، واختلفوا في معنى الحسنتين فقال عليّ رضي الله تعالى عنه: الحسنة في الدنيا: المرأة الصالحة، والحسنة في الآخرة: الجنة، يدل له قوله ﷺ «الدنيا متاع وخير متاعها المرأة الصالحة».
وروي عنه أيضاً أنه قال: «الحسنة في الدنيا المرأة الصالحة وفي الآخرة الحوراء وعذاب النار المرأة السوء». وقال الحسن: الحسنة في الدنيا العلم والعبادة، والحسنة في الآخرة الجنة. وقال السدي: الحسنة في الدنيا الرزق الحلال، والحسنة في الآخرة المغفرة والثواب، وأدغم أبو عمرو اللام في الراء بخلاف عنه.
﴿أولئك﴾ الداعون بالحسنتين ﴿لهم نصيب﴾ أي: ثواب ﴿مما كسبوا﴾ أي: من جنس ما كسبوا من الأعمال الحسنة، أو من أجل ما كسبوا كقوله تعالى: ﴿مما خطاياهم أغرقوا﴾ (نوح، ٢٥)، ويجوز أن يكون أولئك للفريقين جميعاً، وأن لكل فريق نصيباً من جنس ما كسبوا ﴿وا سريع الحساب﴾
جعلكم أباه فريداً منه ذليلاً بينكم، ثم في قولكم له لما وجد الصاع في رحله: لا يزال يأتينا البلاء من قبلكم يا بني راحيل، وإنما قال لهم ذلك نصحاً لهم وتحريضاً على التوبة وشفقة عليهم لما رأى من عجزهم وتمسكنهم لا معاتبة وتثريباً، وقيل: أعطوه كتاب يعقوب عليه السلام في تخليص بنيامين، وذكروا له ما هو فيه من الحزن على فقد يوسف وأخيه، فقال لهم ذلك وقوله ﴿إذ أنتم جاهلون﴾، أي: فاعلون فعلهم؛ أو لأنهم كانوا حينئذ صبياناً طياشين تلويحاً إلى معرفته، فقد روي أنه لما قال هذا تبسم وكان في تبسمه أمر من الحسن لا يجهله منه من رآه ولو مرّة واحدة فعرفوه بذلك فلذلك.
﴿قالوا أئنك لأنت يوسف﴾ استفهام تقرير، ولذلك حقق بأن واللام عليه، وقيل: عرفوه بنظره وخلقه حين كلمهم، وقيل: رفع التاج عن رأسه فرآوا علامة بقرنه تشبه الشامة البيضاء، وكان لسارة ويعقوب وإسحاق مثلها. وقرأ ابن كثير بهمزة مكسورة بعدها نون على الخبر، وقرأ قالون وأبو عمرو بهمزة مفتوحة بعدها همزة مكسورة مسهلة بينهما ألف على الاستفهام، وقرأ ورش بغير ألف بينهما، والتسهيل في الثانية على الاستفهام أيضاً، وقرأ الباقون بتحقيق الهمزتين مع القصر، ولهشام وجه ثان وهو المدّ، وقيل: أنهم لم يعرفوه حتى ﴿قال﴾ لهم ﴿أنا يوسف﴾ وزادهم بقوله ﴿وهذا أخي﴾ بنيامين شقيقي، وإنما ذكره لهم ليزيدهم ذلك معرفة له وتثبيتاً في أمره وليبني عليه قوله: ﴿قد منّ الله علينا﴾ قال ابن عباس: بكل خير في الدنيا والآخرة. وقال آخرون: بالجمع بيننا بعد التفرقة. ﴿إنه من يتق﴾، أي: المعاصي ﴿ويصبر﴾، أي: على البليات وأذى الناس وقال ابن عباس: يتقي الزنا ويصبر على العزوبة، وقال مجاهد: يتقي المعصية ويصبر على السجن ﴿فإن الله لا يضيع أجر المحسنين﴾ والمعنى أنه من يتق ويصبر، فإنّ الله لا يضيع أجرهم، فوضع المحسنين موضع الضمير لاشتماله على المتقين، وقرأ قنبل بإثبات الياء بعد القاف وقفاً ووصلاً، واختلف المعربون في ذلك على وجهين: أجودهما: أنّ إثبات حرف العلة في الجزم لغة لبعض العرب وأنشدوا عليه قول قيس بن زهير:
*ألم يأتيك والأنباء تنمي
... بما لاقت لبون بني زياد
وقول الآخر:
*هجوت زبان ثم جئت معتذراً
... من هجو زبان لم تهجو ولم تدع
وقول الآخر:
*إذا العجوز غضبت فطلقي
... ولا ترضاها ولا تلق
والثاني أنه مرفوع غير مجزوم ومن موصولة والفعل صلتها، فلذلك تمم بإثبات لامه وسكن (يصبر) لتوالي الحركات، وإن كانت في كلمتين، وقرأ الباقون بالحذف وقفاً ووصلاً، ولما ذكر يوسف عليه السلام لإخوته أنّ الله تعالى منّ عليه، وأنه من يتق ويصبر فإنّ الله تعالى لا يضيعهم صدقوه فيه واعترفوا له بالفضل والمرتبة ولذلك.
﴿قالوا﴾ مقسمين بقولهم: ﴿تالله﴾، أي: الملك الأعظم ﴿لقد آثرك﴾، أي: اختارك ﴿الله علينا﴾ بالعلم والعقل والحلم والحسن والملك والتقوى وغير ذلك، واحتج بعضهم بهذه الآية على أنّ إخوته ما كانوا أنبياء؛ لأنّ جميع المناصب التي تكون مغايرة لمنصب النبوّة
﴿أولئك﴾ أي: البعداء البغضاء ﴿يئسوا﴾ أي: متحققين يأسهم من الآن بل من الأزل لأنهم لم يرجوا لقاء الله يوماً ولا قال قائل منهم: ربّ اغفر لي خطيئتي يوم الدين ﴿من رحمتي﴾ أي: من أن أفعل بهم من الإكرام بدخول الجنة وغيرها فعل الراحم ﴿وأولئك لهم عذاب أليم﴾ أي: مؤلم بالغ ألمه، فإن قيل هلا اكتفى بقوله تعالى: ﴿أولئك﴾ مرة واحدة؟ أجيب: بأن ذلك كرّر تفخيماً للأمر فاليأس وصف لهم لأنّ المؤمن دائماً يكون راجياً خائفاً، وأمّا الكافر فلا يخطر بباله رجاء ولا خوف.
وعن قتادة: أن الله تعالى ذمّ قوماً هانوا عليه فقال: ﴿أولئك يئسوا من رحمتي﴾ وقال ﴿ولا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون﴾ (يوسف: ٨٧)
فينبغي للمؤمن أن لا ييأس من روح الله ولا من رحمته وأن لا يأمن عذابه وعقابه، فصفة المؤمن أن يكون راجياً لله خائفاً ثم إنّ الله تعالى أخبر عن فظاظة قوم إبراهيم وتكبرهم بقوله تعالى:
﴿فما كان جواب قومه﴾ لما أمرهم بالتوحيد وتقوى الله تعالى ﴿إلا أن قالوا﴾ أي: قال بعضهم لبعض أو قاله واحد منهم وكان الباقون راضين ﴿اقتلوه أو حرّقوه﴾ بالنار، فإن قيل كيف سمى قولهم اقتلوه أو حرّقوه جواباً مع أنه ليس بجواب؟ أجيب عنه من وجهين: أحدهما: أنه خرج مخرج كلام المتكبر كما يقول الملك لرسول خصمه جوابكم السيف مع أن السيف ليس بجواب وإنما معناه لا أقابل بالجواب وإنما أقابل بالسيف، وثانيهما: أن الله تعالى أراد بيان صلابتهم وأنهم ذكروا ما ليس بجواب في معرض الجواب فبين أنهم لم يكن لهم جواب أصلاً، وذلك أن من لا يجيب غيره وسكت لا يعلم أنه يقدر على الجواب أم لا لجواز أن يكون سكوته عن الجواب لعدم الالتفات، وأما إذا أجاب بجواب فاسد علم أنه قصد الجواب وما قدر عليه، ثم إنهم استقرّ رأيهم على الإحراق فجمعوا له حطباً إلى أن ملؤوا ما بين الجبال وأضرموا فيه النار حتى أحرقت ما دنا منها بعظيم الاشتعال وقذفوه فيها بالمنجنيق ﴿فأنجاه الله﴾ بما له من كمال العظمة ﴿من النار﴾ أي: من إحراقها وأذاها ونفعته بأن أحرقت وثاقه ﴿إن في ذلك﴾ أي: ما ذكر من أمره وما اشتملت عليه قصته من الحكم ﴿لآيات﴾ أي: براهين قاطعة على جميع أمر الله من تصرفه في الأعيان والمعاني لكون النار لم تحرقه وأحرقت وثاقه وكل ما مرّ عليها من طائر وإخمادها مع عظمتها في زمان يسير وإنشاء روض مكانها، وروي أنه لم ينتفع في ذلك اليوم الذي ألقي فيه إبراهيم عليه السلام بالنار وذلك لذهاب حرقها ﴿لقوم يؤمنون﴾ أي: يصدقون بتوحيد الله وقدرته لأنهم المنتفعون بالفحص عنها والتأمّل فيها.
﴿وقال﴾ أي: إبراهيم عليه السلام غير هائب لتهديدهم بقتل أو غيره ﴿إنما اتخذتم﴾ أي: أخذتم باصطناع وتكلف وأشار إلى عظمة الله وعلوّ شأنه ﴿من دون الله﴾ الذي كل شيء تحت قهره ﴿أوثاناً﴾ أي: أصناماً تبعدونها وما مصدرية ﴿مودّة بينكم﴾ أي: تواددتم على محبتها ﴿في الحياة الدنيا﴾ بالاجتماع عندها والتواصل في أمرها بالتناصر والتعاضد كما يتفق ناس على مذهب فيكون ذلك سبب تصادقهم، وهذا دال على أن جمع الفسوق لأهل الدنيا هو العادة المستمرّة، وأن الحب في الله والاجتماع له عزيز جدّاً لما فيه من قطع علائق الدنيا وشهواتها التي زينت للناس على ما فيها من الإلباس
فمن الأوّل تقديم الصلاة أو تأخيرها عن وقتها بلا عذر ومنع الزكاة وترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مع القدرة ونسيان القرآن واليأس من رحمة الله تعالى، وأمن مكر الله تعالى، وقتل النفس عمداً أو شبه عمد، والفرار من الزحف وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والإفطار في رمضان من غير عذر، وعقوق الوالدين والزنا واللواط وشهادة الزور، وشرب الخمر وإن قل، والسرقة والغصب وقيده جماعة بما يبلغ ربع مثقال كما يقطع به في السرقة، وكتمان الشهادة بلا عذر، وضرب المسلم بغير حق، وقطع الرحم والكذب على رسول الله ﷺ عمداً، وسب الصحابة، وأخذ الرشوة، والسحر والنميمة، وأما الغيبة فإن كانت في أهل العلم وحملة القرآن فهي كبيرة وإلا فصغيرة.q
ومن الصغائر النظر المحرم وكذب لا حد فيه ولا ضرر، والإشراف على سوآت الناس، وهجر المسلم فوق ثلاث والضحك في الصلاة المفروضة، والنياحة وشق الجيب في المصيبة والتبختر في المشي والجلوس بين الفساق إيناساً لهم، وإدخال مجانين وصبيان ونجاسة يغلب تنجيسهم المسجد، واستعمال نجاسة في بدن أو ثوب لغير حاجة، والإصرار على صغيرة من نوع أو أنواع يصيرها كبيرة إلا أن تغلب طاعاته معاصيه كما أوضحت ذلك في شرح المنهاج وغيره.
﴿إنّ ربك﴾ أي: المحسن إليك بإرسالك رحمة للعالمين والتخفيف عن أمتك ﴿واسع المغفرة﴾ يغفر الصغائر باجتناب الكبائر، ويغفر الكبائر بالتوبة وله أن يفغر ما شاء من الذنوب ما عدا الشرك صغيرها وكبيرها كما قال تعالى: ﴿إنّ الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء﴾ (النساء: ٤٨)
بخلاف غيره من الملوك فإنه لا يغفر لمن تكرّرت ذنوبه إليهم وإن صغرت قال البيضاويّ: ولعله عقب به وعيد المسيئين لئلا ييأس صاحب الكبيرة من رحمته ولا يتوهم وجوب العقاب على الله تعالى ا. هـ. ونزل فيمن كان يقول صلاتنا صيامنا حجنا ﴿هو أعلم بكم﴾ أي: بذواتكم وأحوالكم منكم بأنفسكم ﴿إذ﴾ أي: حين ﴿أنشأكم من الأرض﴾ أي: التي طبعها طبع الموت البرد واليبس بإنشاء أبيكم آدم عليه السلام منها، وتهيئتكم للتكوين بعد أن لم يكن فيكم وأنتم تراب قابلية للحياة بقوة قريبة ولا بعيدة أصلاً فميز التراب الذي يصلح لتكوينكم منه والذي لا يصلح ﴿وإذ﴾ أي: وحين ﴿أنتم أجنة﴾ أي: مستورون ﴿في بطون أمهاتكم﴾ فهو يعلم إذ ذاك ما أنتم صائرون إليه من خير وشرّ وإن عملتم مدة من العمر بخلافه، لأنه يعلم ما جبلكم عليه من ذلك.
وقرأ حمزة والكسائيّ في الوصل بكسر الهمزة والباقون بضمها، وكسر حمزة الميم وفتحها الباقون، وأما في الابتداء بالهمزة فالجميع بضمها.
﴿فلا تزكوا﴾ أي: تمدحوا بالزكاة وهي البركة والطهارة عن الدناءة ﴿أنفسكم﴾ أي: حقيقة بأن يثني الإنسان على نفسه فإنّ تزكيته لنفسه قال القشيري: من علامات كونه محجوباً عن الله تعالى أي: من مدح نفسه على سبيل الإعجاب، أما على سبيل الاعتراف بالنعمة فحسن، أو مجازاً بأن يثنى على غيره من إخوانه وأنه كثيراً ما يثنى بشيء فيظهر خلافه وربما حصل له الأذى بسببه «وإنّ العبد ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا باع أو ذراع» الحديث ولذلك علل بقوله تعالى: ﴿هو أعلم﴾ أي: منكم ومن جميع الخلق ﴿بمن اتقى﴾ أي فإنه يعلم المتقي وغيره منكم قبل أن يخرجكم من صلب أبيكم آدم عليه السلام فمن


الصفحة التالية
Icon