ويعقل فاستوى جالساً فقال له الملك: كم لبثت؟ ﴿قال لبثت يوماً﴾ وذلك أنّ الله تعالى أماته ضحى في أول النهار وأحياه بعد مائة عام في آخر النهار قبل غيبوبة الشمس فقال: لبثت يوماً وهو يرى أنّ الشمس قد غربت ثم التفت فرأى بقية من الشمس فقال: ﴿أو بعض يوم﴾ أي: بل بعض يوم ﴿قال﴾ أي: الله أو الملك له ﴿بل لبثت مائة عام﴾ قرأ نافع وابن كثير وعاصم بإظهار الثاء المثلثة في كم لبثت، وفي قال: لبثت وفي بل لبثت، والباقون بالإدغام.
ثم قال له الله أو الملك ﴿فانظر إلى طعامك﴾ وكان تيناً أو عنباً ﴿وشرابك﴾ وكان عصيراً أو لبناً ﴿لم يتسنه﴾ أي: لم يتغير بمرور الزمان فكان التين أو العنب كأنه قد قطف من ساعته والعصير كأنه قد عصر أو اللبن قد حلب من ساعته قال الكسائيّ أي: كأنه لم يأت عليه السنون، وإنما أفرد الضمير لأنّ الطعام والشراب كالجنس الواحد.
فإن قيل: إذا كان المارّ كافراً فكيف يسوغ أن يكلمه الله؟ أجاب الزمخشريّ بأنّ الكلام كان بعد البعث ولم يك إذ ذاك كافراً وقال أبو حيان: لا نص في الآية، إنّ الله كلمه شفاهاً، وقرأ حمزة والكسائيّ لم يتسنّ بإسقاط الهاء إذا وصلها بما بعدها، والباقون بإثباتها وفي الوقت ثابتة للجميع.
﴿وانظر إلى حمارك﴾ كيف هو فرآه ميتاً وعظامه بيض وكان له حمار قد ربطه، وقيل: رآه حياً مكانه كما ربطه حفظ بلا ماء ولا علف، كما حفظ الطعام والشراب من التغير.
وقوله تعالى: ﴿ولنجعلك آية للناس﴾ معطوف على محذوف تقديره فعلنا ذلك لتعلم ولنجعلك آية وقيل: الواو زائدة مقحمة أي: لنجعلك عبرة ودلالة على البعث بعد الموت ﴿وانظر إلى العظام كيف ننشرها﴾ قرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو بالراء ومعناه نحييها، والباقون بالزاي ومعناه نرفعها من الأرض ونردّها إلى أماكنها من الجسد.
وفي الآية تقديم وتأخير وتقديرها: وانظر إلى حمارك وانظر إلى العظام كيف ننشرها ولنجعلك آية للناس، واختلفوا في معنى الآية فقال الأكثرون: إنه أراد به عظام حماره وهذا يؤيد كون حماره كان ميتاً قال السديّ: إن الله أحيا عزيراً ثم قال له: انظر إلى حمارك قد هلك وبليت عظامه، فبعث الله ريحاً فجاءت بعظام الحمار من كل سهل وجبل، الذي ذهبت به الطيور والسباع، فاجتمعت فركب بعضها في بعض، وهو ينظر فصار حماراً من عظام ليس فيه لحم ولا دم ثم كسا العظام لحماً ودماً كما قال تعالى: ﴿ثم نكسوها لحماً﴾ فصار حماراً لا روح فيه ثم أقبل ملك يمشي حتى أخذ بمنخر الحمار فنفخ فيه فقام الحمار ونهق بإذن الله تعالى، وقال الأقلّون: أراد به عظام هذا الرجل فأحيا الله عينيه ورأسه وسائر جسده ميت ثم قال: انظر إلى حمارك فنظر فرأى حماره قائماً واقفاً كهيئته يوم ربطه، وهذا يؤيد كون حماره كان حياً وذلك من أعظم الآيات أن يعيش مائة عام من غير علف ولا ماء قال الضحاك وقتادة: وتقدير أي على هذا وانظر إلى حمارك وانظر إلى عظامك كيف ننشرها.
روي أن عزيراً لما أحياه الله تعالى ركب حماره حتى أتى محلته، فأنكره الناس وأنكر الناس ومنازله، فانطلق على وهم حتى أتى منزله فإذا هو بعجوز عمياء مقعدة أتى عليها مائة وعشرون سنة كانت أمة لهم، فخرج عزير عنهم وهي بنت عشرين سنة فقال لها عزير: يا هذه هذا منزل عزير قالت: نعم هذا منزل عزير وبكت، وقالت: ما رأيت أحداً من كذا وكذا سنة يذكر عزيراً فقال: فإني أنا عزير فقالت: سبحان الله فإن عزيراً فقدناه من مائة سنة، لم نسمع له بذكر، قال: إنّ الله أماتني مائة سنة ثم
إلا بشر مثلكم} كما قلتم، فسلموا أنّ الأمر كذلك لكنهم بينوا أنّ التماثل في البشرية لا يمنع من اختصاص بعض بمنصب النبوّة بقولهم ﴿ولكنّ الله يمنّ﴾ أي: يتفضل ﴿على من يشاء من عباده﴾ بالنبوّة والرسالة فيصطفي من يشاء من عباده لهذا المنصب العظيم الشريف، كما قال تعالى: ﴿الله أعلم حيث يجعل رسالته﴾ (الأنعام، ١٢٤)
. ﴿وما كان﴾، أي: ما صح واستقام ﴿لنا أن نأتيكم بسلطان إلا بإذن الله﴾، أي: إلا بأمره؛ لأنا عبيد مربوبون فليس إلينا الاتيان بالآيات، ولا تستبد به استطاعتنا حتى نأتيكم بما اقترحتموه، وإنما هو أمر متعلق بمشيئة الله تعالى فله أن يخص كل نبيّ بنوع من الآيات. ﴿وعلى الله فليتوكل﴾ بأمر حتم ﴿المؤمنون﴾، أي: يثقوا به فلا نخاف من تخويفكم ولا نلتفت إلى تهديدكم فإن توكلنا على الله، واعتمادنا على فضل الله، فإن الروح متى كانت مشرفة بالمعارف الإلهية مشرقة بأضواء علم الغيب قلما تبالي بالأحوال الجسمانية، وقلما تقيم لها وزناً في حالتي السراء والضراء فلهذا توكلوا على الله، وعوّلوا على فضله، وقطعوا أطماعهم عمن سواه، وعمموا الأمر للإشعار بما يوجب التوكل وقصدوا به أنفسهم قصداً أوّلياً ألا ترى إلى قولهم:
﴿وما لنا أن لا نتوكل على الله﴾، أي: أيّ عذر لنا في أن لا نتوكل عليه ﴿وقد هدانا سبلنا﴾، أي: وقد عرّفنا طريق النجاة وبيّن لنا الرشد، فإنّ من فاز بشرف العبودية ووصل إلى مقام الإخلاص والمكاشفة يقبح عليه أن يرجع في أمر من الأمور إلى غير الحق وفي هذه الآية دلالة على أنه تعالى يعصم أولياءه، والمخلصين في عبوديته عن كيد أعدائهم ومكرهم. وقرأ أبو عمرو بسكون الباء والباقون بالرفع، وكذلك لرسلهم سكن أبو عمرو السين ورفعها الباقون، ثم قالوا: ﴿ولنصبرنّ على ما آذيتمونا﴾ فإنّ الصبر مفتاح الفرج، ومطلع الخيرات، والحق لا بدّ وأن يصير غالباً قاهراً، والباطل لا بدّ وأن يصير مغلوباً مقهوراً ثم قالوا: ﴿وعلى الله فليتوكل المتوكلون﴾. فإن قيل: ، أي: فرق بين التوكلين؟ أجيب: بأنّ الأوّل لاستحداث التوكل والثاني طلب دوامه، ، أي: فليثبت المتوكلون على ما استحدثوه من توكلهم المسبب عن إيمانهم. ولما حكى الله تعالى عن الأنبياء عليهم السلام أنهم اكتفوا في دفع شرور أعدائهم بالتوكل عليه والاعتماد على حفظه وحياطته حكى عن الكفار أنهم بالغوا في السفاهة بقوله تعالى:
﴿وقال الذين كفروا لرسلهم﴾ مستهينين لمن قصروا التجاءهم عليه. ﴿لنخرجنكم من أرضنا﴾، أي: التي لنا الآن الغلبة عليها. ﴿أو لتعودنّ في ملتنا﴾، أي: حلفوا ليكونن أحد الأمرين إمّا إخراجكم أيها الرسل، وإمّا عودكم إلى ملتنا، أي: ديننا. فإن قيل: قد يفهم هذا بظاهره أنهم كانوا على ملتهم قبل ذلك؟ أجيب: بأنّ العود هنا بمعنى الصيرورة وهو كثير في كلام العرب كثرة فاشية، لا تكاد تسمعهم يستعملون صار ولكن عاد يقولون ما عدت أراه، عاد لا يكلمني، ما عاد لفلان مال. وقد أجمعت الأمّة على أنّ الرسل من أوّل الأمر إنما نشؤوا على التوحيد لا يعرفون غيره ويجوز أن يكون الخطاب لكل رسول ولمن آمن معه فغلبوا الجماعات على الواحد، وقيل: ﴿أو لتعودنّ في ملتنا﴾ (الأعراف، ٨٨)
إلى ما كنتم عليه قبل ادعاء الرسالة من السكوت عند ذكر معايبه وعدم التعرّض له بالطعن والقدح. ولما ذكر الكفار هذا الكلام قال تعالى: ﴿فأوحى إليهم﴾، أي: الرسل ﴿ربهم﴾ وقوله تعالى: ﴿لنهلكنّ الظالمين﴾، أي: الكافرين حكاية تقتضي إضمار
فساد أقوالهم بين لهم ضلال أمثالهم وأشكالهم الذين كانت أفعالهم كأفعالهم بقوله تعالى: لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم
﴿قل﴾ أي: لهؤلاء الذين لا همّ لهم سوى الدنيا ﴿سيروا في الأرض﴾ فإنّ سيركم الماضي لكونه لم تصحبه عبرة عدمٌ ﴿فانظروا﴾ نظرَ اعتبار ﴿كيف كان عاقبة الذين من قبل﴾ أي: من قبل أيامكم لتروا منازلهم ومساكنهم خالية فتعلموا أنّ الله تعالى أذاقهم وبال أمرهم وأوقعهم في حفائر مكرهم ﴿كان أكثرهم مشركين﴾ أي: فلذلك أهلكناهم ولم تغن عنهم كثرتهم وأنجينا المؤمنين وما ضرّتهم قلتهم، ولما نهى الله تعالى الكفار عما هم عليه أمر المؤمنين بما هم عليه وخاطب النبيّ ﷺ ليعلم المؤمن فضيلة ما هو مكلف به فإنه أمر به أشرف الأنبياء بقوله تعالى:
﴿فأقم وجهك للدين القيم﴾ أي: المستقيم وهو دين الإسلام ﴿من قبل أن يأتي يوم﴾ أي: عظيم ﴿لا مردّ له﴾ أي: لا يقدر أن يرده أحد. وقوله تعالى ﴿من الله﴾ يجوز أن يتعلق بيأتي أو بمحذوف يدل عليه المصدر أي: لا يردّه من الله أحد. والمراد به يوم القيامة لا يقدر أحد على رده من الله، وغيره عاجز عن رده فلا بد من وقوعه ﴿يومئذ﴾ أي: إذ يأتي ﴿يصدّعون﴾ أي: يتفرقون فريق في الجنة وفريق في السعير، ثم أشار إلى التفرّق بقوله تعالى:
﴿من كفر﴾ أي: منهم ﴿فعليه كفره﴾ أي: وبال كفره ﴿ومن عمل صالحاً﴾ أي: بالإيمان وما يترتب عليه ﴿فلأنفسهم يمهدون﴾ أي: يوطئون منازلهم في القبور وفي الجنة بل وفي الدنيا فإن الله تعالى يعزهم بعز طاعته.
تنبيه: أظهر قوله تعالى صالحاً ولم يضمر لئلا يتوهم عود الضمير على من كفر وبشارة بأنّ أهل الجنة كثير وإن كانوا قليلاً؛ لأنّ الله تعالى هو مولاهم فهو مزكيهم. وأفرد الشرط وجمع الجزاء في قوله تعالى ﴿فلأنفسهم يمهدون﴾ (الروم: ٤٤)
إشارة إلى أنّ الرحمة أعم من الغضب فتشمله وأهله وذريته، وفيه ترغيب في العمل من غير نظر إلى مساعد، وبأنه ينفع نفسه وغيره لأنّ المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً وأقل ما ينفع والديه وشيخه في ذلك العمل. وقوله تعالى:
﴿ليجزي﴾ أي: الله سبحانه وتعالى الذي أنزل هذه السورة لبيان أنه ينصر أولياءه لإحسانه لأنه مع المحسنين، ولذلك اقتصر هنا على ذكرهم بقوله تعالى: ﴿الذين آمنوا وعملوا الصالحات﴾ أي: تصديقاً لإيمانهم ﴿من فضله﴾ علة ليمهدون أو ليصدعون، والاقتصار على جزاء الموصوفين للإشعار بأنه المقصود بالذات والاكتفاء عن فحوى قوله تعالى ﴿إنه لا يحب الكافرين﴾ فإن فيه إثبات البغض لهم فيعذبهم، والمحبة للمؤمنين فيثيبهم، وتأكيدُ اختصاص الصلاح المفهوم من ترك ضميرهم إلى التصريح بهم تعليل لهم، وقوله تعالى ﴿من فضله﴾ دال على أنّ الإثابة بمحض الفضل. ولما ذكر تعالى ظهور الفساد والهلاك بسبب الشرك ذكر ظهور الصلاح ولم يذكر أنه بسبب العمل الصالح لأن الكريم لا يذكر لإحسانه عوضاً ويذكر لأضداده سبباً لئلا يتوهم به الظلم قال تعالى:
﴿ومن آياته﴾ أي: دلالاته الواضحة ﴿أن يرسل الرياح مبشرات﴾ أي: بالمطر كما قال تعالى ﴿بشراً بين يدي رحمته﴾ أي: قبل المطر، وقيل: مبشرات بصلاح الأهوية والأحوال فإن الرياح لو لم تهب لظهر الوباء والفساد، وقرأ ابن كثير وحمزة والكسائي الريح بالإفراد على إرادة الجنس، والباقون بالجمع وهي الجنوب والشمال والصبا؛ لأنها رياح الرحمة، وأمّا الدبور فريح العذاب ومنه قوله صلى الله عليه وسلم
الجنة كلها تدنوا إليهم في وقت واحد ومكان واحد.
﴿فبأي آلاء﴾ أي: نعم ﴿ربكما﴾ أي: المربي لكما الذي يقدر على كلّ ما يريده ﴿تكذبان﴾ أمن قدرته على عطف الأغصان وتقريب الثمار أم من غيرها؟.
ولما كان ما ذكر لا تتم نعمته إلا بالنسوان الحسان قال تعالى: ﴿فيهنّ﴾ أي الجنان التي علم مما مضى أنّ لكلّ فرد من الخائفين منها جنتين، فصح الجمع؛ وقال الزمخشري فيهنّ في هذه الآلاء المعدودة من الجنتين والعينين والفاكهة والفرش والجنى، أو في الجنتين لاشتمالهما على أماكن وقصور ومجالس ا. هـ. قال أبو حيان: وفيه أي: الأوّل بعد لأن الاستعمال أن يقال على الفراش كذا، ولا يقال في الفراش كذا إلا بتكلف ولذلك جمع الزمخشري مع الفرش غيرها حتى صح له أن يقول ذلك؛ وقيل يعود على الجنتين لأن أقل الجمع اثنان وقال الفراء كل موضع في الجنة جنة فلذلك صح أن يقال فيهنّ ﴿قاصرات الطرف﴾ أي: الأعين على أزواجهنّ المتكئين من الأنس والجنّ.
قال الرازي وقوله قاصرات الطرف أي نساء وأزواج فحذف الموصوف لنكتة وهي أنه تعالى لم يذكرهنّ باسم الجنس وهو النساء بل بالصفات، فقال تعالى: ﴿حور عين﴾ (الواقعة: ٢٢)
﴿كواعب أترابا﴾ (النبأ: ٣٣)
﴿قاصرات الطرف﴾ ﴿حور مقصورات﴾ (الرحمن: ٧٢)
ولم يقل: نساء عربا ولا نساء قاصرات لوجهين: أما على عادة العظماء كبنات الملوك إنما يذكرن بأوصافهنّ؛ وإما لأنهنّ لما كملن كأنهنّ خرجن عن جنسهنّ.
وقوله تعالى: ﴿قاصرات الطرف﴾ يدلّ على عفتهنّ وعلى حسن المؤمنين في أعينهنّ فيحببن أزواجهنّ حباً شديد يشغلهنّ عن النظر إلى غيرهم. قال ابن زيد: تقول لزوجها: وعزة ربي ما أرى في الجنة أحسن منك فالحمد الله الذي جعلك زوجي وجعلني زوجك، ويدلّ أيضاً على الحياء لأن الطرف حركة الجفن والحيية لا تحرّك جفنها ولا ترفع رأسها.
تنبيه: انظر إلى حسن هذا الترتيب فإنه تعالى بين أولاً: المسكن وهو الجنة، ثم بين ما يتنزه به وهو البستان والأعين الجارية، ثم ذكر المأكول فقال تعالى: ﴿فيهما من كل فاكهة﴾ ثم ذكر موضع الراحة بعد الأكل وهو الفراش، ثم ذكر ما يكون في الفراش معه.
ولما كان الاختصاص بالشيء من أعظم الملذذات لا سيما المرأة قال تعالى ﴿لم يطمثهنّ﴾ أي: لم يجامعهنّ ويتسلط عليهنّ؛ يقال طمثت المرأة كضرب وفرح حاضت، وطمثها الرجل افتضها، وأيضاً جامعها ﴿إنس قبلهم﴾ أي: المتكئين ﴿ولا جان﴾ فكأنه قال: هنّ أبكار لم يخالطهنّ أحد فإنّ هذا جمع كلّ من يمكن منه جماع، وفي ذلك دليل على أنّ الجني يغشى كما يغشى الإنسي ويدخل الجنة ويكون لهم فيها جنتان، قال ضمرة: للمؤمنين منهم أزواج من الحور فالإنسيات للإنس والجنيات للجنّ، وقال مقاتل لأنهنّ خلقن في الجنة فعلى قوله يكونون من حور الجنة؛ وقال الشعبي: من نساء الدنيا لم يمسسهن منذ أنشئن خلق وهو قول الكلبي. أي: لم يجامعهنّ في هذا الخلق الذي أنشئن فيه إنس ولا جان؛ وأمّا في الدنيا فقال مجاهد: إذا جامع الرجل ولم يسمّ ينطوي الجني على إحليله فيجامع معه. وقال القرطبي: لم يطمثهن لم يصبهنّ بالجماع قبل أزواجهنّ أحد، وهذا شامل لنساء الجنة ولنساء الدنيا بعد إنشائهنّ خلقاً جديداً، وقرأ الكسائي: يطمثهنّ بضم الميم في الموضعين بخلاف عنه وتخييراً في أحدهما، وهما لغتان: يقال طمثها يطمثها ويطمثها إذا جامعها.
﴿فبأي آلاء﴾ أي: نعم ﴿ربكما﴾ المدبر مصالحكما ﴿تكذبان﴾