فشهد لنفسه بنفسه قبل أن يخلق الخلق حين كان ولم يكن سماء ولا أرض ولا برّ ولا بحر فقال: شهد الله أنه لا إله إلا هو ﴿و﴾ شهد بذلك ﴿الملائكة﴾ أي: أقرّوا بذلك ﴿و﴾ شهد بذلك ﴿أولو العلم﴾ أي: بالإيمان بذلك والاحتجاج عليه.
فإن قيل: ما المراد بأولي العلم الذين عظمهم الله تعالى هذا التعظيم حيث جمعهم معه ومع الملائكة في الشهادة على وحدانيته وعدله؟ أجيب: بأنّ المراد بهم أنهم الذين يثبتون وحدانيته وعدله بالحجج الساطعة والبراهين القاطعة وهم علماء العدل والتوحيد من الأنبياء والمؤمنين وفيه دليل على فضل علم أصول الدين وشرف أهله وقوله تعالى: ﴿قائماً﴾ أي: بتدبير مصنوعاته حال من الله وإنما جاز إفراده تعالى بها لعدم اللبس، وإن اختلف في جاءني زيد وعمرو راكباً فقد منعه الزمخشري وتبعه البيضاويّ وجوّزه أبو حيان وقال: يحمل على الأقرب كما في الوصف في نحو جاءني زيد وعمرو الطويل أو حال من هو والعامل فيها معنى الجملة أي: تفرّد ﴿بالقسط﴾ أي: بالعدل وقوله تعالى: ﴿لا إله إلا هو﴾ كرّر للتأكيد ومزيد الاعتناء بمعرفة أدلة التوحيد والحكم به بعد إقامة الحجة وليبنى عليه قوله تعالى: ﴿العزيز﴾ أي: في ملكه ﴿الحكيم﴾ أي: في صنعه فيعلم أنه الموصوف بهما، وقدم العزيز؛ لأن العزة تلائم الوحدانية والحكمة تلائم القيام بالقسط فأتى بهما لتقرير الأمرين على ترتيب ذكرهما ورفعهما على البدل من الضمير الأوّل أو الثاني أو على الخبر المحذوف.
وعن أبي غالب القطان قال: أتيت الكوفة في تجارة فنزلت قريباً من الأعمش، وكنت أختلف إليه، فلما كنت ذات ليلة أردت أن أنحدر إلى البصرة فقام من الليل يتهجد فمرّ بهذه الآية، أي: شهد الله إلى آخرها ثم قال الأعمش: وأنا أشهد بما شهد الله به وأستودع الله هذه الشهادة وهي لي عند الله وديعة إن الدين عند الله الإسلام قالها مراراً قلت: لقد سمع فيها فصليت معه وودّعته ثم قلت: إني سمعتك تردّدها فما بلغك فيها؟ قال: والله لا أحدّثك بها إلى سنة فمكثت على بابه ذلك اليوم وأقمت سنة فلما مضت السنة قلت: يا أبا محمد قد مضت السنة فقال: حدّثني أبو وائل عن عبد الله قال: قال رسول الله ﷺ «يجاء بصاحبها يوم القيامة فيقول الله: إن لعبدي هذا عندي عهداً وأنا أحق من وفى بالعهد أدخلوا عبدي الجنة»، روى هذا الحديث الطبراني والبيهقيّ لكن بسند ضعيف وقوله تعالى:
﴿إن الدين﴾ أي: المرضي ﴿عند الله﴾ هو ﴿الإسلام﴾ جملة مستأنفة مؤكدة للأولى أي: لا دين مرضي عند الله سوى الإسلام وهو الشرع المبعوث به الرسل كما قال تعالى: ﴿ورضيت لكم الإسلام ديناً﴾ (المائدة، ٣) وقال تعالى: ﴿ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين﴾ (آل عمران، ٨٥) وقرأ الكسائي بفتح الهمزة إن قيل على أنه بدل من أنه إلخ.. بدل اشتمال وضعفه أبو حيان؛ لأن فيه فصلاً بين البدل والمبدل منه بأجنبي قال: والصواب أنه معمول للحكيم بإسقاط الجار أي: الحكيم بأن الدين، والباقون بكسرها على الإستئناف ﴿وما اختلف الذين أوتوا الكتاب﴾ أي: من اليهود والنصارى وقيل: من أرباب الكتب المتقدّمة في دين الاسلام فقال قوم: إنه حق. وقال قوم: إنه مخصوص بالعرب ونفاه آخرون مطلقاً أو في التوحيد فثلثت النصارى. وقالت اليهود: عزير ابن الله وقالوا: كنا أحق بأن تكون النبوّة فينا من قريش؛ لأنهم أميون ونحن أهل الكتاب ﴿إلا من بعد ما جاءهم العلم﴾
من أحب من عبادي». ولما ذكر إبليس أنه يغوي بني آدم إلا من عصمه الله بتوفيقه وتضمن هذا الكلام تفويض الأمور إلى الله تعالى وإلى إرادته.
﴿قال﴾ تعالى ﴿هذا﴾ أي: الذي ذكرته من حال المستثنى والمستثنى منه ﴿صراط﴾ أي: طريق ﴿عليّ مستقيم﴾ أي: لا انحراف عنه لأني قضيت به وحكمت به عليك وعليهم ولو لم تقل أنت. ولما قال إبليس لأزينن لهم في الأرض ولأغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين أوهم هذا أنّ له سلطاناً على عباد الله غير المخلصين فبين تعالى كذبه أنه ليس له سلطان على أحد من عبيد الله سواء أكانوا مخلصين أو لم يكونوا مخلصين ومن اتبع منهم إبليس باختياره صار تبعاً له ولكن حصول تلك المتابعات أيضاً ليس لأجل إبليس وأوهم أن له على بعض عباد الله سلطاناً فبين تعالى كذبه وذكر تعالى أنه ليس له على أحد منهم سلطان ولا قدرة أصلاً بقوله تعالى:
﴿إن عبادي﴾ أي: المؤمنين كلهم ﴿ليس لك﴾ أي: بوجه من الوجوه ﴿عليهم سلطان﴾ أي: لتردّهم كلهم عما يرضيني ونظير هذه الآية قوله تعالى حكاية عن إبليس: ﴿وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي﴾ (إبراهيم، ٢٢)
وقال تعالى في آية أخرى: ﴿إنه ليس له سلطان على الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون، إنما سلطانه على الذين يتولونه والذين هم به مشركون﴾ (النحل: ٩٩، ١٠٠)
. ﴿إلا من اتبعك﴾ أي: بتعمدٍ منه ورغبة من اتباعك ﴿من الغاوين﴾ أي: ومات من غير توبة فإني جعلت لك عليهم سلطاناً بالتزيين والإغواء وسئل سفيان بن عيينة عن هذه الآية؟ فقال: معناه ليس لك عليهم سلطان تلقيهم في ذنب يضيق عنه عفوي. وقيل: إنّ الإضافة للتشريف فلا تشمل إلا الخلص فحينئذ يكون الاستثناء منقطعاً وفائدة سوقه بصورة الاستثناء على تقدير الانقطاع الترغيب في رتبة التشريف بالإضافة إليه والرجوع عن اتباع العدو إلى الإقبال عليه لأن ذوي الأنفس الأبية والهمم العلية ينافسون في ذلك المقام ويرونه كما هو الحق أعلى مرام.
﴿وإن جهنم لموعدهم﴾ أي: الغاوين وهم إبليس ومن تبعه ﴿أجمعين﴾ ثم بين تعالى أنهم متفاوتون فيها بقوله تعالى:
﴿لها﴾ أي: لجهنم ﴿سبعة أبواب﴾ أي: سبع طبقات قال عليّ رضي الله تعالى عنه: أتدرون كيف أبواب النار؟ هكذا ووضع إحدى يديه على الأخرى، أي: سبعة أبواب بعضها فوق بعض. وإنّ الله تعالى وضع الجنات على العرض ووضع النيران بعضها على بعض. قال ابن جريج: النار سبعة دركات أوّلها جهنم ثم لظى ثم الحطمة ثم السعير ثم سقر ثم الجحيم ثم الهاوية. تنبيه: تخصيص العدد لأنّ أهلها سبع فرق وقيل: جعلت سبعة على وفق الأعضاء السبعة من العين والأذن واللسان والبطن والفرج واليد والرجل، لأنها مصادر السيئات فكانت مواردها الأبواب السبعة، ولما كانت هي بعينها مصادر الحسنات بشرط النية والنية من أعمال القلب زادت الأعضاء واحداً فجعلت أبواب الجنان ثمانية قال تعالى: ﴿لكل باب﴾ أي: منها ﴿منهم﴾ أي: من الغاوين خاصة لا يشاركهم فيها مخلص ﴿جزء﴾ أي: نصيب. وقرأ شعبة بضم الزاي والباقون بالسكون ﴿مقسوم﴾ أي: معلوم فلكل دركة قوم يسكنونها. قال الضحاك: في الدرجة الأولى أهل التوحيد الذي أدخلوا النار يعذبون بقدر ذنوبهم ثم يخرجون، وفي الثانية النصارى وفي الثالثة اليهود وفي الرابعة الصابئون، وفي
تعالى: الرسالة وبين ما على الرسول من الدعاء إلى التوحيد وإقامة الدليل قال: ﴿الله﴾ أي: الحاوي لجميع صفات الكمال وحده ﴿الذي خلق السموات﴾ كلها ﴿والأرض﴾ بأسرها ﴿وما بينهما﴾ من المنافع العينية والمعنوية ﴿في ستة أيام﴾ كما يأتي تفصيله في فصلت إن شاء الله تعالى ﴿ثم استوى على العرش﴾ وهو في اللغة سرير الملك استواء يليق به تعالى لم تعهد، وأمثله وهو أنه تعالى أخذ في تدبيره وتدبير ما حواه بنفسه لا شريك له ولا نائب فيه ولا وزير كما تعهدون من ملوك الدنيا إذا امتنعت ممالكهم وتباعدت أطرافها وتناءت أقطارها ﴿ما لكم من دونه﴾ لأن كل ما سواه دونه وتحت قهره، ودل على عموم النفي بقوله تعالى: ﴿من ولي﴾ أي: يلي أموركم ويقوم بمصالحكم وينصركم إذا حل بكم شيء مما تنذرون به ﴿ولا شفيع﴾ يشفع عنده في تدبيركم أو في أحد منكم بغير إذن. ﴿أفلا تتذكرون﴾ هذا فتؤمنون.
ولما نفى أن يكون له وزيرٌ أو شريكٌ في الخلق ذكر كيف يفعل في هذا الملك العظيم الذي أبدعه فقال مستأنفاً مفسراً للمراد بالاستواء:
﴿يدبر الأمر﴾ أي: كل أمر هذا العالم بأن يفعل في ذلك فعل الناظر في أدباره لإتقان خواتمه ولوازمه، كما نظر في إقباله لأحكام فواتحه وعوازمه، لا يكل شيئاً منه إلى أحد من خلقه. قال الرازي في اللوامع: وهذا دليل على أن استواءه على العرش بمعنى إظهاره القدرة، والعرش مظهر التدبير لا مقر لمدبر.
ولما كان المقصود للقرب إنما هو تدبير ما يمكن مشاهدتهم له من العالم قال تعالى مفرداً: ﴿من السماء﴾ أي: فينزل ذلك الأمر الذي أتقنه كما يتقن من ينظر في إدبار ما يعمله ﴿إلى الأرض﴾ أي: غير متعرض إلى ما فوق ذلك، على أن السماء تشمل كل عال فيدخل جميع العالم العلوي، والأرض تشمل كل ما سفل فيشمل ذلك العالم السفلي.
تنبيه: ههنا همزتان مكسورتان، فقالون وابن كثير يسهل الأولى كالياء مع المد والقصر، وورش وقنبل يسهل الثانية، ولهما إبدالهما من غير مدَ، وأسقط أبو عمرو الأولى مع المد والقصر والباقون بتحقيقهما. ولما كان الصعود أشق من النزول على ما جرت به العوائد فكان بذلك مستبعداً؛ أشار إلى ذلك بقوله تعالى: ﴿ثم يعرج﴾ أي: يصعد ﴿إليه﴾ أي: بصعود الملك إلى الله تعالى أي: إلى الموضع الذي شرفه أو أمره بالكون فيه كقوله تعالى ﴿إني ذاهب إلى ربي﴾ (الصافات: ٩٩)
﴿ومن يخرج من بيته مهاجراً إلى الله ورسوله﴾ (النساء: ١٠٠)
ونحو ذلك، أو إلى الموضع الذي ابتدأ منه نزول التدبير إلى السماء كأنه صاعد في معارج، وهي الدرج على ما تتعارفون بينكم في أسرع من لمح البصر ﴿في يوم﴾ أي: من أيام الدنيا ﴿كان مقداره﴾ لو كان الصاعد واحداً منكم على ما تعهدون ﴿ألف سنة مما تعدون﴾ من سنيكم التي تعهدون، قال البقاعي: والذي دل على هذا التقدير شيء من العرف وشيء من اللفظ، أما اللفظ فالتعبير بكان مع انتظام الكلام بدونها لو أريد غير ذلك، وأما العرف فهو أن الإنسان المتمكن يبني البيت العظيم العالي في سنة مثلاً، فإذا فرغه صعد إليه خادمه إلى أعلاه في أقل من درجتين من درج الرمل، فلا تكون نسبة ذلك من زمن بنائه الأجر، أو لا يبعد هذا وهو خلق محتاج، فما ظنّك بمن خلق الخلق في ستة أيام ولو شاء لخلقهم في لمحة، وهو غني عن كل شيء قادر على كل شيء انتهى.
فنزول الأمر وعروج العمل في مسافة ألف سنة مما تعدون وهو ما بين السماء والأرض فإن
من مقادير أعمار بني آدم وأرزاقهم وغيرها من جميع شؤونهم ﴿وما يعرج﴾ أي: يصعد ويرتقي ويغيب ﴿فيها﴾ كالأبخرة والأنوار والكواكب والأعمال وغيرها ولم يجمع السماء لأنّ المقصود حاصل بالواحدة مع إفهام التعبير بها الجنس الشامل للكل ﴿وهو معكم﴾ بالعلم والقدرة أيها الخلق ﴿أينما كنتم﴾ لا ينفك علمه وقدرته عنكم بحال فهو عالم بجميع أموركم وقادر عليكم تعالى الله عن اتصال بالعالم ومماسة أو انفصال عنه بغيبة أو مسافة ﴿والله﴾ أي: المحيط بجميع صفات الكمال ﴿بما تعملون﴾ أي: على سبيل التجدّد والاستمرار ﴿بصير﴾ أي: عالم بجليله وحقيرة فيجازيكم به وقدم الجار لمزيد الاهتمام والتنبيه على تحقيق الإحاطة ﴿له﴾ أي: وحده ﴿ملك السموات﴾ وجمع لاقتضاء المقام له ﴿والأرض﴾ وأفرد لخفاء تعدّدها عليهم مع إرادة الجنس، ودل على إرادة ملكه وإحاطته بقوله تعالى: ﴿وإلى الله﴾ أي: الملك الذي لا كفؤ له وحده ﴿ترجع﴾ بكل اعتبار على غاية السهولة ﴿الأمور﴾ أي: كلها حساً لبعث ومعنى بالابتداء والإفناء ودل على ذلك بقوله تعالى: ﴿يولج﴾ أي: يدخل ويغيب بالنقص والمحو ﴿الليل في النهار﴾ فإذا هو قد قصر بعد طوله وقد انمحى بعد شخوصه وحلوله، وزاد النهار وملأ الضياء الأقطار بعد ذلك الظلام ﴿ويولج النهار﴾ الذي عمّ الكون ضياؤه ﴿في الليل﴾ الذي كان قد غاب في علمه فإذا الظلام قد طبق الآفاق فيزيد الليل والطول الذي كان في النهار قد صار نقصاً ﴿وهو﴾ أي: وحده ﴿عليم﴾ أي: بالغ العلم ﴿بذات الصدور﴾ أي: بما فيها من الأسرار والمعتقدات على كثرة اختلافها وتغيرها وإن خفيت على أصحابها.
ولما قامت الأدلة على تنزيهه سبحانه قال تعالى آمراً بالإذعان له ولرسوله صلى الله عليه وسلم
﴿آمنوا﴾ أي: أيها الثقلان ﴿بالله﴾ أي: الملك الأعظم الذي لا مثل له ﴿ورسوله﴾ الذي عظمته من عظمته، ونزل في غزوة العسرة وهي غزوة تبوك ﴿وأنفقوا﴾ أي: في سبيل الله ﴿مما جعلكم مستخلفين فيه﴾ أي: من الأموال التي في أيديكم فإنها أموال الله تعالى لأنها بخلقه وإنشائه لها، وإنما موّلكم إياها وخولكم بالاستمتاع بها وجعلكم خلفاء في التصرّف فيها فليست هي بأموالكم في الحقيقة وما أنتم فيها إلا بمنزلة الوكلاء والنواب، فأنفقوا منها في حقوق الله تعالى وليهن عليكم الإنفاق منها كما يهون على الرجل النفقة من مال غيره إذا أذن له فيه، أو جعلكم مستخلفين ممن كان قبلكم فيما في أيديكم بتوريثه إياكم فاعتبروا بحالهم حيث انتقل منهم إليكم وسينقل منكم إلى من بعدكم، فلا تبخلوا به وانفعوا بالإنفاق منها أنفسكم.
ولما أمر تعالى بالإنفاق ووصفه بما سهله سبب عنه ما يرغب فيه فقال تعالى: ﴿فالذين آمنوا منكم وأنفقوا﴾ من أموالهم في الوجوه التي ندب إليها على وجه الإصلاح على ما دلّ عليه التعبير بالإنفاق ﴿لهم أجر كبير﴾ أي: لا تبلغ عقولكم حقيقة كبره فاغتنموا الإنفاق في أيام استخلافكم قبل عزلكم وإتلافكم، وخصهم بالذكر بقوله تعالى: ﴿منكم﴾ لضيق في زمانهم، وقيل: إنّ ذلك إشارة إلى عثمان فإنه جهز جيش العسرة.
وقوله تعالى: ﴿وما﴾ أي: وأيّ شيء ﴿لكم﴾ من الأعذار أو غيرها في أنكم أو حال كونكم ﴿لا تؤمنون بالله﴾ أي: تجدّدون الإيمان تجديداً مستمراً بالملك الأعلى، أي: الذي له الملك كله والأمر كله


الصفحة التالية
Icon