ساجداً، والزجل ـ بفتح الزاي والجيم: القوّة، قال البغوي: وروي مرفوعاً «من قرأ سورة الأنعام يصلي عليه أولئك السبعون ألف ملك ليله ونهاره»، وقال الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس رضي الله عنهما: نزلت سورة الأنعام بمكة إلا قوله تعالى: ﴿قل تعالوا أتل ما حرّم ربكم عليكم﴾ إلى قوله تعالى: ﴿لعلكم تتقون﴾ فهذه الست آيات مدنيات.
ويروى أنه ﷺ دعا بالكتاب فكتبوها من ليلتهم إلا الست آيات، قال بعض العلماء: واختصت هذه السورة بنوعين من الفضيلة أحدهما: أنها نزلت دفعة واحدة، والثاني: أنها شيعها سبعون ألفاً من الملائكة والسبب فيها أنها مشتملة على دلائل التوحيد والعدل والنبوّة والمعاد وإبطال مذاهب المبطلين والملحدين وهي مائة وخمسة وستون آية وعدد كلماتها ثلاثة آلاف واثنتان وخمسون كلمة وعدد حروفها اثنا عشر ألفاً وأربعمائة واثنان وعشرون حرفاً.
﴿بسم الله﴾ الذي تعالت عظمته عن كل شائبة نقص فكان له كل كمال ﴿الرحمن﴾ الذي عمت نعمته المحسن والمسيء فغمر الكل بالنوال ﴿الرحيم﴾ الذي خص أولياءه بإتمام النعمة فهداهم بنعمة الإيصال.
﴿الحمد﴾ هو الوصف بالجميل ثابت ﴿﴾ وهل المراد الإعلام بذلك للإيمان به أو الثناء به أو هما احتمالات قال الجلال المحلى في سورة الكهف: أفيدها الثالث، وتقدّم الكلام على الحمد لغة واصطلاحاً في أوّل الفاتحة، وقال كعب الأحبار: هذه الآية أوّل آية في التوراة وآخر آية في التوراة ﴿وقل الحمد الذي لم يتخذ ولداً﴾ (الإسراء، ١١١) إلى آخر الآية. وفي رواية أن آخر آية في التوراة آخر سورة هود، وقال ابن عباس رضي الله عنهما: افتتح الله الخلق بالحمد فقال: ﴿الحمد﴾ ﴿الذي خلق السموات والأرض﴾ وختم بالحمد فقال تعالى: ﴿وقضي بينهم بالحق وقيل الحمد رب العالمين﴾ (الزمر، ٧٥) وقال أهل المعاني: لفظ الحمد لله خبر ومعناه الأمر أي: احمدوا الله وإنما جاء على صيغة الخبر وفيه معنى الأمر لأنه أبلغ في البيان من حيث أنه جمع الأمرين، ولو قيل: احمدوا الله لم يجمع الأمرين فكان قوله: ﴿الحمد﴾ أبلغ وإنما خص السموات والأرض بالذكر لأنهما أعظم المخلوقات فيما ترى العباد لأنّ السماء بغير عمد ترونها فيها العبر والمنافع والأرض مسكن الخلائق وفيها أيضاً العبر والمنافع، وجمع السموات دون الأرض وهي مثلهنّ لأنّ طبقاتها مختلفة الذات متفاوتة الآثار والحركات بالكواكب في سيرها وحركاتها في السرعة والبطء واستتار بعضها ببعض عند الخسوف وغيره وغير ذلك مما هو محرّر عند أهله وقدمها لشرفها قدراً وعظماً، وإن كانت الأرض أشرف من حيث أنها مسكن الأنبياء ﴿وجعل﴾ أي: خلق ﴿الظلمات والنور﴾ أي: كل ظلمة ونور وجمعها دونه لكثرة أسبابها والأجرام الحاملة لها إذ ما من جرم إلا وله ظلّ وظلمة بخلاف النور فإنه من جنس واحد وهو النار ولا ترد الأجرام المنيرة كالكواكب لأنّ مرجع كل نير إلى النار على ما قيل: إنّ الكواكب أجرام نورانية نارية وإنّ الشهب منفصلة من نار الكواكب فصح أنّ النور من جنس النار وأن المراد بالظلمة الضلال وبالنار الهدى والهدى واحد والضلال متعدّد وتقديمها
لتقدّم الإعدام على الملكات وقوله تعالى: ﴿ثم الذين كفروا بربهم يعدلون﴾ عطف على قوله: ﴿خلق﴾ أي: إنه تعالى خلق ما لا يقدر عليه أحد سواه ثم الذين كفروا يعدلون بربهم الأوثان
القيامة، قال البقاعي: ويجوز أن تكون هذه الفاء فاء الفصيحة فيكون المراد النفخة الأولى أي: ونفخ فمات الخلائق كلهم فبليت أجسامهم وتفتت عظامهم كما كان من تقدّمهم، ثم نفخ الثانية فجمعناهم من التراب بعد تمزقهم فيه وتفرّقهم في أقطار الأرض بالسيول والرياح وغير ذلك ﴿جمعاً﴾ فأمتناهم دفعة واحدة كلمح البصر وحشرناهم إلى الموقف للحساب ثم للثواب والعقاب،
﴿وعرضنا﴾ أي: أظهرنا ﴿جهنم يومئذٍ﴾ أي: إذ جمعناهم لذلك ﴿للكافرين عرضاً﴾ ظاهرة لهم بكل ما فيها من الأهوال وهم لا يجدون لهم عنها مصرفاً. ثم وصفهم بما أوجب لهم ذلك بقوله تعالى:
﴿الذين كانت﴾ كوناً كأنه جبلة لهم ﴿أعينهم﴾ وهو بدل من الكافرين ﴿في غطاء عن ذكري﴾ أي: عن القرآن فهم لا يهتدون به وعما جعلنا على الأرض من زينة دليلاً على الساعة بإفنائه ثم إحيائه وإعادته بعد إبداده ﴿وكانوا﴾ بما جعلناهم عليه ﴿لا يستطيعون سمعاً﴾ أي: لا يقدرون أن يسمعوا من النبي ﷺ ما يتلو عليهم بغضاله فلا يؤمنون به. ولما بيّن تعالى أمر الكافرين أنهم أعرضوا عن الذكر وعن استماع ما جاء به النبي ﷺ أتبعه بقوله تعالى:
﴿أفحسب الذين كفروا أن يتخذوا عبادي﴾ من الأحياء كالملائكة وعزير والمسيح والأموات كالأصنام ﴿من دوني﴾ وقوله تعالى: ﴿أولياء﴾ أي: أرباباً مفعول ثان ليتخذوا، والمفعول الثاني لحسب محذوف والمعنى أظنوا أنّ الاتخاذ المذكور ينفعهم ولا يغضبني ولا أعاقبهم عليه كلا، وقرأ نافع وأبو عمرو بفتح الياء والباقون بسكونها وهم على مراتبهم في المدّ. ولما كان معنى الاستفهام الإنكاري ليس الأمر كذلك حسن جداً قوله تعالى مؤكداً لأجل إنكارهم ﴿إنا أعتدنا جهنم﴾ التي تقدم أنا عرضناها لهم ﴿للكافرين﴾ أي: هؤلاء وغيرهم ﴿نزلاً﴾ أي: هي معدة لهم كالمنزل المعد للضعيف وهذا على سبيل التهكم ونظيره قوله تعالى: ﴿فبشرهم بعذاب أليم﴾ (آل عمران، ٢١)
﴿س١٨ش١٠٣/ش١١٠ قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُم بِا؟خْسَرِينَ أَعْمَا؟ * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِى الْحياةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا * أُو؟لَا؟؟ـ؟ِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا؟ بِـ؟َايَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَآ؟ـ؟ِهِ؟ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَ نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا * ذَالِكَ جَزَآؤُهُمْ جَهَنَّمُ بِمَا كَفَرُوا؟ وَاتَّخَذُو؟ا؟ ءَايَاتِى وَرُسُلِى هُزُوًا * إِنَّ الَّذِينَءَامَنُوا؟ وَعَمِلُوا؟ الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُ؟ * خَالِدِينَ فِيهَا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَ؟ * قُل لَّوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِّكَلِمَاتِ رَبِّى لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَن تَنفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّى وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ؟ مَدَدًا * قُلْ إِنَّمَآ أَنَا؟ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى؟ إِلَىَّ أَنَّمَآ الهكُمْ اله وَاحِدٌ؟ فَمَن كَانَ يَرْجُوا؟ لِقَآءَ رَبِّهِ؟ فَلْيَعْمَلْ عَمَ؟ صَالِحًا وَيُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ؟ أَحَدَ؟ا﴾
ثم ذكر تعالى ما فيه تنبيه على جهل القوم فقال تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم.
﴿قل﴾ لهم ﴿هل ننبئكم﴾ أي: نخبركم وأدغم الكسائي لام هل في النون والباقون بالإظهار ﴿بالأخسرين أعمالاً﴾ أي: الذين أتعبوا أنفسهم في عمل يرجون به فضلاً ونوالاً فنالوا هلاكاً وبواراً، واختلفوا فيهم فقال ابن عباس وسعد بن أبي وقاص: هم اليهود والنصارى وهو قول مجاهد، قال سعد بن أبي وقاص: أما اليهود فكذبوا بمحمد ﷺ وأما النصارى فكفروا بالجنة فقالوا: لا طعام فيها ولا شراب انتهى. قال البقاعي: وكذا قال اليهود لأن الفريقين أنكروا الحشر الجسماني وخصوه بالروحاني، وقيل: هم الرهبان الذين حبسوا أنفسهم في الصوامع.
تنبيه: أعمالاً تمييز للأخسرين جمع عمل وإن كان مصدر التنوع أعمالهم، ثم وصفهم تعالى بضدّ ما يدّعونه لأنفسهم من نجاح السعي وإحسان الصنع فقال تعالى: ﴿الذين ضلّ﴾ أي: ضاع وبطل ﴿سعيهم في الحياة الدنيا﴾ لكفرهم.
تنبيه: محل الموصول الجر نعتاً أو بدلاً أو بياناً أو النصب على الذم أو الرفع على الخبر المحذوف فإنه جواب السؤال، ومعنى خسرانهم أنه مثلهم بمن يشتري سلعة يرجو فيها ربحاً فخسر وخاب سعيه كذلك أعمال هؤلاء الذين أتعبوا أنفسهم مع ضلالهم فبطل جدّهم
منهم ثمانين جلدة لأجل أنهم قذفوا، فإذا كان هذا الحال في واحد من آحاد الصحابة كذلك، فكيف الحال مع داود عليه السلام مع أنه من أكابر الأنبياء عليهم السلام، فثبت بما ذكرنا أن القصة الذي ذكرها هؤلاء باطلة لا يجوز ذكرها.d
قال الرازي: حضرت في مجلس وفيه بعض الأكابر فكان يريد أن يتعصب لتقرير ذلك القول الفاسد والقصة الخبيثة بسبب اقتضى ذلك فقلت له: لا شك أن داود عليه السلام كان من أكابر الأنبياء والرسل، وقال الله تعالى: ﴿الله أعلم حيث يجعل رسالاته﴾ (الأنعام: ١٢٤)
ومن مدحه الله تعالى بمثل هذا المدح العظيم لم يجز لنا أن نبالغ في الطعن فيه وأيضاً بتقدير أنه ما كان نبياً فلا شك أنه كان مسلماً وقال ﷺ «لا تذكروا موتاكم إلا بخير» وذكرت له أشياء أخر قال: سكت ولم يذكر شيئاً.
فإن قيل: قد ذكر هذه القصة كثير من المحدثين والمفسرين. أجيب: بأنه لما وقع التعارض بين الدلائل القاطعة وبين خبر واحد من أخبار الآحاد كان الرجوع إلى الدلائل القطعية واجباً والمحققون يردون هذا القول ويحكمون عليه بالكذب، وأما القول الثاني: فقالوا: تحمل هذه القصة على حصول الصغيرة لا على حصول الكبيرة وذلك من وجوه: الأول: أن هذه المرأة خطبها أوريا فأجابوه ثم خطبها داود عليه السلام فآثره أهلها فكان ذنبه أن خطب على خطبة أخيه المؤمن مع كثرة نسائه. الثاني: قالوا: إنه وقع بصره عليها فمال قلبه إليها وليس له في هذا ذنب البتة أما وقوع بصره عليها بغير قصد فليس بذنب وأما حصول الميل عقب النظر فليس أيضاً ذنباً لأن الميل ليس في وسعه فليس مكلفاً به بل لما اتفق أنه قتل زوجها تزوج بها. الثالث: أنه كان أهل زمان داود عليه السلام يسأل بعضهم بعضاً أن يطلق زوجته حتى يتزوجها وكانت عادة مألوفة معهودة في هذا المعنى فاتفق أن عين داود عليه السلام وقعت على تلك المرأة فأحبها فسأله النزول عنها فاستحيا أن يرده ففعل وهي أم سليمان، فقيل له ذلك، وإن كان جائزاً في ظاهر الشريعة إلا أنه لا يليق بك فإن حسنات الأبرار سيئات المقربين، فهذه وجوه ثلاثة لو حملت هذه القصة على واحد منها لم يلزم في حق داود عليه السلام إلا ترك الأفضل والأولى.
وأما القول الثالث: فقال تحمل هذه القصة على وجه لا يلزم منه إيجاب كبيرة ولا صغيرة لداود عليه السلام بل يوجب أعظم أنواع المدح والثناء له وهو أنه قد روي أن جماعة من الأعداء طمعوا في أن يقتلوا نبي الله داود عليه السلام وكان له يوم يخلو فيه بنفسه ويشتغل فيه بطاعة ربه فانتهزوا الفرصة في ذلك اليوم وتسوروا المحراب فلما دخلوا عليه وجدوا عنده أقواماً تمنعهم منه فخافوا ووضعوا كذباً، وقالوا: ﴿خصمان بغى بعضنا على بعض﴾ إلى آخر القصة فعلم غرضهم وقصد أن ينتقم منهم وظن أن ذلك ابتلاء من الله تعالى فاستغفر ربه مما هم به وأناب، فإن قيل: ههنا أربعة ألفاظ يمكن أن يحتج بها في إلحاق الذنب بداود عليه السلام أحدها: قوله تعالى: ﴿وظن داود أنما فتناه﴾ وثانيها: قوله تعالى: ﴿فاستغفر ربه﴾ وثالثها: قوله تعالى: ﴿وأناب﴾ ورابعها: قوله تعالى: ﴿فغفرنا له ذلك﴾. أجيب: بأن هذه الألفاظ لا يدل شيء منها على ما ذكر لاحتمال أن تكون الزلة إنما حصلت من باب ترك الأفضل والأولى كما مر، وحمل هذه الألفاظ
كموسى عليه السلام في أوقات المناجاة، ومحمد ﷺ ليلة المعراج في العالم الأعلى في حضرة قاب قوسين أو أدنى.
وقال القرطبي: المعنى ﴿فلا يظهر على غيبه أحداً إلا من ارتضى من رسول﴾ فإنه يظهره على ما يشاء من غيبه لأنّ الرسل مؤيدون بالمعجزات، ومنها الإخبار عن بعض المغيبات كما ورد في التنزيل في قوله تعالى: ﴿وأنبئكم بما تأكلون وما تدخرون في بيوتكم﴾ (آل عمران: ٤٩)
وقال الزمخشري: في هذه الآية إبطال الكرامات لأنّ الذين تضاف إليهم وإن كانوا أولياء مرتضين فليسوا برسل، وقد خص الله تعالى الرسل من بين المرتضين بالاطلاع على الغيب، وفيها إبطال الكهانة والتنجيم لأنّ أصحابهما أبعد شيء من الارتضاء وأدخله في السخط ا. هـ. وإنكار الكرامات مذهب المعتزلة.
وأمّا مذهب أهل السنة فيثبتونها، فإنه يجوز أن يلهم الله تعالى بعض أوليائه وقوع بعض الوقائع في المستقبل فيخبر به وهو من إطلاع الله إياه على ذلك، ويدل على صحة ذلك ما روي عن أبي هريرة عن النبي ﷺ أنه قال: «لقد كان فيمن قبلكم من الأمم ناس محدثون من غير أن يكونوا أنبياء وإن يكن في أمّتي أحد فإنه عمر» أخرجه البخاري. قال ابن وهب: تفسير محدثون ملهمون ولمسلم عن عائشة عن النبيّ ﷺ أنه كان يقول: «في الأمم قبلكم محدثون، فإن يكن في أمّتي منهم أحد، فإنّ عمر بن الخطاب منهم» ففي هذا إثبات كرامات الأولياء.
فإن قيل: لو جازت الكرامة للولي لما تميزت معجزة النبي من غيرها وانسدّ الطريق إلى معرفة الرسول من غيره؟ أجيب: بأنّ معجزة النبي أمرخارق للعادة مع عدم المعارضة مقترن بالتحدّي، ولا يجوز للولي أن يدّعي خرقاً للعادة مع التحدّي إذ لو ادعاه الولي لكفر من ساعته فبان الفرق بين المعجزة والكرامة. وأمّا الكهانة وما ضاهاها فقال القرطبي: إنّ العلماء قالوا لما تمدّح سبحانه بعلم الغيب واستأثر به دون خلقه كان فيه دليل على أنه لا يعلم الغيب أحد سواه، ثم استثنى من ارتضاه من الرسل، فأعلمهم ما شاء من غيبه بطريق الوحي إليهم وجعله معجزة لهم ودلالة صادقة على نبوّتهم، وليس المنجم ومن ضاهاه ومن يضرب بالحصا وينظر في الكواكب ويزجر بالطير ممن ارتضاه من رسول فيطلعه على ما يشاء من غيبه، بل هو كافر بالله مفتر عليه بحدسه وتخمينه وكذبه.
قال بعض العلماء: وليت شعري ما يقول المنجم في سفينة ركب فيها ألف إنسان مختلفي الأحوال والرتب، فيهم الملك والسوقة والعالم والجاهل والغني والفقير والكبير والصغير مع اختلاف طوالعهم وتباين مواليدهم ودرجات نجومهم، فعمهم حكم الغرق في ساعة واحدة، فإن قال قائل: إنما أغرقهم الطالع الذي ركبوا فيه فيكون على مقتضى ذلك أنّ هذا الطالع أبطل أحكام تلك الطوالع كلها على اختلافها عند ولادة كل واحد منهم، وما يقتضيه طالعه المخصوص به، فلا فائدة إذاً في عمل المواليد ولا دلالة فيها على شقي وسعيد ولم يبق إلا معاندة القرآن الكريم، ولقد أحسن القائل:

*حكم المنجم إن طالع مولدي يقضي علي بميتة الغرق*
*قل للمنجم صبحة الطوفان هل ولد الجميع بكوكب الغرق*
وقيل لعلي رضي الله عنه لما أراد لقاء الخوارج: تلقهم والقمر في العقرب، فقال: فأين قمرهم


الصفحة التالية
Icon