أوّلاً: آمنا بآيات ربنا، ثم قالوا ثانياً: وتوفنا مسلمين فوجب أن يكون ذلك الإيمان هو ذلك الإسلام وذلك يدل على أنّ أحدهما هو الآخر واعلم أنّ فرعون بعد وقوع هذه الواقعة لم يتعرّض لموسى لأنه كان كلما رأى موسى عليه السلام خافه أشدّ الخوف فلهذا السبب لم يتعرّض له إلا أن القوم لم يعرفوا ذلك فقالوا له: ﴿أتذر موسى وقومه﴾ كما حكى الله تعالى ذلك عنهم بقوله تعالى:
﴿وقال الملأ﴾ أي: الأشراف ﴿من قوم فرعون﴾ له ﴿أتذر﴾ أي: تترك ﴿موسى وقومه﴾ من بني إسرائيل ﴿ليفسدوا في الأرض﴾ أي: أرض مصر وأراد بالفساد فيها أنهم يأمرونهم بمخالفة فرعون وهو قولهم: ﴿ويذرك وآلهتك﴾ أي: معبوداتك أي: فلا يعبدك ولا يعبدها، قال ابن عباس: كان لفرعون بقرة حسنة يعبدها وكان إذا رأى بقرة حسنة أمرهم بعبادتها ولذلك أخرج لهم السامري عجلاً، وقال السدي: كان فرعون اتخذ لقومه أصناماً وكان يأمرهم بعبادتها وقال لهم: أنا ربكم ورب هذه الأصنام وذلك قوله: ﴿أنا ربكم الأعلى﴾.
فإن قيل: إنّ فرعون إن لم يكن كامل العقل لم يجز في حكمة الله تعالى إرسال الرسل إليه وإن كان عاقلاً لم يجز أن يعتقد في نفسه كونه خالق السموات والأرض لأنّ فساد معلوم بالضرورة؟ أجيب: بأن الأقرب أن يكون دهرياً منكر الوجود الصانع وكان يقول: مدبر هذا السفلي هو الكواكب واتخذ أصناماً على صورة الكواكب وكان يعبدها ويأمر بعبادتها وكان يقول في نفسه: إنه المطاع المخدوم في الأرض ولهذا قال: ﴿أنا ربكم الأعلى﴾ ﴿قال﴾ فرعون مجيباً لملئه حين قالوا له: أتذر موسى وقومه ﴿سنقتل أبناءهم﴾ أي: المولودين ﴿ونستحيي نساءهم﴾ أي: نتركهم أحياء كما كنا نفعل من قبل ليعلم أنا على ما كنا عليه من القهر والغلبة ولا يتوهم إنه المولود الذي حكم المنجمون والكهنة بذهاب ملكك على يديه. وقرأ نافع وابن كثير بفتح النون وسكون القاف وضم التاء مخففة والباقون بضم النون وفتح القاف وكسر التاء مشدّدة ﴿وإنا فوقهم قاهرون﴾ أي: غالبون وهم مقهورون تحت أيدينا ولا أثر لغلبة موسى لنا في هذه المناظرة فأعادوا عليهم القتل فشكت بنو إسرائيل لموسى فأمرهم بالصبر كما قال تعالى:
﴿قال موسى لقومه﴾ أي: بني إسرائيل ﴿استعينوا بالله واصبروا﴾ أي: استعينوا بالله على فرعون وقومه فيما نزل بكم من البلاء فإن الله تعالى هو الكافي لكم واصبروا على ما نالكم من المكاره في أنفسكم وأبنائكم ﴿إنّ الأرض﴾ أي: أرض مصر وإن كانت الأرض كلها ﴿﴾ تعالى لأنّ الكلام فيها ﴿يورثها من يشاء من عباده﴾ وفي هذا تسلية لهم وتقريراً للأمر بالاستعانة بالله عز وجل والتثبت في الأمر وقوله تعالى: ﴿والعاقبة﴾ أي: المحمودة ﴿للمتقين﴾ لأنّ الله تعالى وعدهم بالنصر وتذكير لما وعدهم به من إهلاك القبط وتوريثهم ديارهم وتحقيق له ولما سمع بنو إسرائيل ما قال فرعون من توعده لهم بالقتل مرّة ثانية.
﴿قالوا﴾ لموسى ﴿أوذينا من قبل أن تأتينا﴾ أي: بالرسالة وذلك إن بني إسرائيل كانوا مستضعفين في يد فرعون وقومه وكان يأخذ منهم الجزية وكان يستعملهم في الأعمال الشاقة إلى نصف النهار ويمنعهم من الترفه والتنعم ويقتل أبناءهم ويستحيي نساءهم فلما جاء موسى بالرسالة وجرى له ما جرى شدد فرعون في استعمالهم فكان يستعملهم جميع النهار بلا أجر وأراد أن يعيد القتل
لا شريك له، النوع السادس من الدلائل: قوله تعالى:
﴿وهو﴾ أي: لا غيره ﴿الذي خلق الليل والنهار﴾ ثم أتبعهما أعظم آيتهما بقوله تعالى: ﴿والشمس﴾ التي هي أعظم آية النهار ﴿والقمر﴾ الذي هو أعظم آية الليل ﴿كل﴾ أي: من الشمس والقمر، وتابعه وهو النجوم ﴿في فلك﴾ أي: مستدير كالطاحونة في السماء ﴿يسبحون﴾ أي: يسيرون بسرعة كالسابح في الماء، وللتشبيه به أتى بضمير جمع من يعقل والمراد بالفلك الجنس كقولك: كساهم الأمير حلة، وقلدهم سيفاً، أي: كل واحد منهم، أو كساهم وقلدهم هذين الجنسين، فاكتفى بما يدل على الجنس اختصاراً، ولأن الغرض الدلالة على الجنس، ونزل لما قال الكفار: إن محمداً سيموت:
﴿وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد﴾ أي: البقاء في الدنيا ﴿أفإن﴾ أي: أيتمنون موتك، فإن ﴿مت فهم الخالدون﴾ فيها لا والله ليسوا بخالدين، فالجملة الأخيرة هي محل الاستفهام الإنكاري، وفي معنى ذلك قول فروة بن مسيك الصحابي:
*وقل للشامتين بنا أفيقوا
... سيلقى الشامتون كما لقينا
وقرأ نافع وحفص والكسائي بكسر الميم والباقون بضمها، ثم بيّن تعالى أن أحداً لا يبقى في هذه الدنيا بقوله تعالى:
﴿كل نفس ذائقة الموت﴾ أي: ذائقة مرارة الموت، أي: مرارة مفارقة روحها جسدها، فلا يفرح أحد، ولا يحزن لموت أحد بل يشتغل بما يهمه، وإليه الإشارة بقوله: ﴿ونبلوكم﴾ أي: نعاملكم معاملة المبتلي المختبر ليظهر في عالم الشهادة الشاكر والصابر، والمؤمن والكافر كما هو عندنا في عالم الغيب بأن نخالطكم ﴿بالشر﴾، وهو المضارّ الدنيوية من الفقر والألم، وسائر الشدائد النازلة بالمكلفين ﴿والخير﴾ وهو نعم الدنيا من الصحة واللذة والسرور، والتمكن من المرادات، وقوله تعالى: ﴿فتنة﴾ مفعول له أي: لننظر أتصبرون وتشكرون أم لا كما يفتن الذهب إذا أريد تصفيته بالنار عما يخالطه من الغش، فبين تعالى أنّ العبد مع التكليف يتردد بين هاتين الحالتين لكي يشكر على المنح ويصبر على المحن، فيعظم ثوابه إذا قام بما يلزم ﴿وإلينا﴾ بعد الموت لا إلى غيرنا ﴿ترجعون﴾ فنجازيكم بما فعلتم، ثم عطف تعالى على قوله: ﴿وأسرّوا النجوى﴾ قوله تعالى:
﴿وإذا رآك﴾ أي: وأنت أشرف الخلق ﴿الذين كفروا إن﴾ أي: ما ﴿يتخذونك﴾ أي: حال الرؤية ﴿إلا هزواً﴾ أي: مهزواً به يقولون إنكاراً واستصغاراً ﴿أهذا الذي يذكر آلهتكم﴾ أي: بسوء، والذكر يكون بالخير والشر، فإذا دلت القرينة على أحدهما أطلق عليه وذكر العدوّ لا يكون إلا بسوء ﴿وهم﴾ أي: والحال أنهم ﴿بذكر الرحمن﴾ أي: إذا ذكر لهم الرحمن ﴿هم كافرون﴾ وذلك أنهم كانوا يقولون: لا نعرف الرحمن إلا مسيلمة، وهم الثانية للتأكيد، ونزل في استعجالهم العذاب
﴿خلق الإنسان من عجل﴾ كأنه خلق منه لفرط استعجاله وقلة ثباته، والعرب تقول للذي يكثر منه الشيء: خلقت منه كقولك: خلق زيد من الكرم، فجعل ما طبع عليه بمنزلة المطبوع هو منه مبالغة في لزومه له، ولذلك قيل: إنه على القلب أي: خلق العجل من الإنسان، ومن عجلته مبادرته إلى الكفر، واستعجال الوعد، وقال سعيد بن جبير والسدّي: لما دخل الروح في رأس آدم وعينيه نظر إلى ثمار الجنة، فلما دخل الروح في جوفه اشتهى الطعام، فوثب قبل أن تبلغ الروح إلى رجليه عجلاً إلى ثمار الجنة، فوقع، فقيل: خلق الإنسان
وصدق نيته ونصوح طويته ألا ترى قوله تعالى: ﴿ومثل الذين ينفقون أموالهم ابتغاء مرضاة الله وتثبيتاً من أنفسهم﴾ (البقرة: ٢٦٥)
أي: يثبتون أنفسهم ويدلون على ثباتها بإنفاق الأموال وما خدع المؤلفة قلوبهم إلا بلمظة من الدنيا فقرت عصبيتهم ولانت شكيمتهم، وأهل الردة بعد رسول الله ﷺ ما تظاهروا إلا بمنع الزكاة فنصبت لهم الحروب وجوهدوا، وفيه بعث للمؤمنين على أداء الزكاة وتخويف شديد في منعها، حيث جعل المنع من أوصاف المشركين وقرن بالكفر بالآخرة، وقال ابن عباس: هم الذين لا يقولون لا إله إلا الله وهي زكاة الأنفس، والمعنى: لا يطهرون أنفسهم من الشرك بالتوحيد، وقال الحسن وقتادة: لا يقرون بالزكاة ولا يرون إيتاءها واجباً وكان يقال: الزكاة قنطرة الإسلام فمن قطعها نجا ومن تخلف عنها هلك.
وقال الضحاك ومقاتل: لا ينفقون في الطاعة ولا يتصدقون، وقال مجاهد: لا يزكون أعمالهم.
ولما ذكر تعالى ما للجاهلين وعيداً وتحذيراً ذكر ما لأضدادهم وعداً وتبشيراً فقال تعالى مجيباً لمن تشوق لذلك مؤكداً لإنكار من ينكره:
﴿إن الذين آمنوا﴾ أي: بما آتاهم الله تعالى من العلم النافع ﴿وعملوا الصالحات﴾ من الزكاة وغيرها من أنواع الطاعات ﴿لهم أجر﴾ أي: عظيم ﴿غير ممنون﴾ أي: غير مقطوع جزاء على سماحهم بالفاني اليسير من أموالهم في الزكاة وغيرها وما أمر الله تعالى من أقوالهم وأفعالهم في الآخرة والدنيا، والممنون المقطوع من مننت الحبل إذا قطعته ومنه قولهم قد منّه السفر أي: قطعه، وقال مقاتل: غير منقوص، ومنه المنون لأنه ينقص من الإنسان وقوته، وأنشدوا لذي الإصبع العدواني:

*إني لعمرك ما بابي بذي غلق على الصديق ولا أجري بممنون*
وقيل: غير ممنون به عليهم لأن عطاء الله تعالى لا يمن به إنما يمن المخلوق، وقال السدي: نزلت في المرضى والزمنى إذا عجزوا عن الطاعة كتب لهم الأجر كما صح ما كانوا يعملون فيه، روى عبد الله بن عمر أن رسول الله ﷺ قال: «إن العبد إذا كان على طريقة حسنة من العبادة ثم مرض قيل للملك الموكل به: اكتب له مثل عمله إذا كان طليقاً حتى أطلقه أو ألفته إلي».
ولما ذكر سبحانه وتعالى سفههم في كفرهم بالآخرة، شرع في ذكر الأدلة على قدرته عليها وعلى كل ما يريد كخلق الأكوان وما فيها الشامل لهم ولمعبوداتهم من الجمادات وغيرها الدال على أنه واحد لا شريك له، فقال منكراً عليهم ومقرراً بالوصف لأنهم كانوا عالمين بأصل الخلق:
﴿قل﴾ يا أشرف الرسل لمن أنكر الخلق منكراً عليه بقولك: ﴿أئنكم﴾ وأكد لإنكارهم التصريح بما يلزمهم من الكفر بقوله تعالى: ﴿لتكفرون﴾ أي: توجدون حقيقة الستر لأنوار العقول الظاهرة ﴿بالذي خلق الأرض﴾ أي: على سعتها وعظمها من العدم ﴿في يومين﴾ فتنكرون قدرته على إعادة ما خلقه منها ابتداء مع اعترافكم بأنه ابتدأ خلقها وخلق ذلك منها وهذان اليومان الأحد والاثنين كما قاله ابن عباس وعبد الله بن سلام، قال ابن الجوزي والأكثرون قال ابن عباس: إن الله خلق يوماً فسماه الأحد ثم خلق ثانياً فسماه الاثنين ثم خلق ثالثاً فسماه الثلاثاء ثم خلق رابعاً فسماه الأربعاء ثم خلق خامساً فسماه الخميس، فخلق الله الأرض في يوم
القلب وهذا هو الأمر الثاني. وأمّا الثالث فهو قوله تعالى:
﴿يسقون من رحيق﴾ أي: خمر صافية طيبة وقال مقاتل: الخمر البيضاء. وقال الرازي: لعله الخمر الموصوف بقوله تعالى: ﴿لا فيها غول﴾ (الصافات: ٤٧)
﴿مختوم﴾ أي: ختم ومنع من أن تمسه يد إلى أن يفك ختمه الأبرار. وقال القفال: يحتمل أن يكون ختم عليه تكريماً له بالصيانة على ما جرت به العادة من ختم ما يكرم ويصان، وهناك خمر أخرى تجري انهاراً لقوله تعالى: ﴿وأنهار من خمره لذة للشاربين﴾ (محمد: ١٥)
إلا أنّ هذا المختوم أشرف من الجاري.
﴿ختامه مسك﴾ أي: آخر شربه يفوح منه مسك، فالمختوم الذي له ختام، أي: آخر شربه، وختم كل شيء الفراغ منه. وقال قتادة: يمزج لهم بالكافور ويختم بالمسك. وقال ابن زيد: ختامه عند الله مسك. وقيل: طينه مسك. وقيل: تختم أوانيه من الأكواب والأباريق بمسك مكان الطينة.
﴿وفي ذلك﴾ أي: الأمر العظيم البعيد التناول، وهو العيش والنعيم أو الشراب الذي هذا وصفه ﴿فليتنافس﴾ أي: فليرغب غاية الرغبة بجميع الجهد والاختيار ﴿المتنافسون﴾ أي: الذين من شأنهم المنافسة، وهو أن يطلب كل منهم أن يكون ذلك المتنافس فيه لنفسه خاصة دون غيره؛ لأنه نفيس جداً، والنفيس هو الذي تحرص عليه نفوس الناس وتتغالى فيه، والمنافسة في مثل هذا بكثرة الأعمال الصالحة والنيات الخالصة.
وقال مجاهد: فليعمل العاملون نظيره قوله تعالى: ﴿لمثل هذا فليعمل العاملون﴾ (الصافات: ٦١)
وقال مقاتل بن سليمان: فليسارع المتسارعون. وقال عطاء: فليستبق المستبقون. وقال الزمخشري: فليرتقب المرتقبون. والمعنى: واحد. وأصله من الشيء النفيس الذي تحرص عليه نفوس الناس ويريده كل أحد لنفسه، وينفس فيه على غيره أي: يضنّ.
﴿ومزاجه﴾ أي: ما يمزج به ذلك الرحيق ﴿من تسنيم﴾ وهو علم لعين بعينها سميت بالتسنيم الذي هو مصدر سنمه إذا رفعه؛ لأنها تأتيهم من فوق على ما روي أنها تجري في الهواء مسنمة فتصب في أواني أهل الجنة على مقدار الحاجة، فإذا امتلأت أمسكت.
وقوله تعالى: ﴿عيناً﴾ نصب على المدح، وقال الزجاج: نصب على الحال. ﴿يشرب بها﴾ أي: بسببها على طريقة المزج منها ﴿المقرّبون﴾ وضمن يشرب معنى يلتذ، فهم يشربونها صرفاً، وتمزج سائر أهل الجنة.
﴿إنّ الذين أجرموا﴾ أي: قطعوا ما أمر الله به أن يوصل، وهم رؤوساء قريش. ﴿كانوا من الذين آمنوا﴾ وهم فقراء الصحابة عمار وصهيب وخباب وبلال وغيرهم من فقراء المؤمنين ﴿يضحكون﴾ أي: استهزاء بهم.
﴿وإذا مرّوا﴾ أي: المؤمنون ﴿بهم﴾ أي: بالذين أجرموا ﴿يتغامزون﴾ أي: يشير المجرمون إلى المؤمنين بالجفن والحاجب استهزاء بهم. وقيل: يغمز بعضهم بعضاً ويشيرون بأعينهم.x
قيل: جاء عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه في نفر من المسلمين فسخروا منه المنافقون وضحكوا وتغامزوا ثم رجعوا إلى أصحابهم فقالوا: رأينا اليوم الأصلع وضحكوا منه، فنزلت قبل أن يصل عليّ إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم
﴿وإذا انقلبوا﴾ أي: رجع الذين أجرموا برغبتهم في الرجوع وإقبالهم عليه من غير تكرّه ﴿إلى أهلهم﴾ أي: منازلهم التي هي عامرة بجماعتهم. وقرأ حمزة والكسائي في الوصل بضم الهاء والميم، وأبو عمرو بكسر الهاء، والباقون بكسر الهاء وضم الميم ﴿انقلبوا﴾ حالة كونهم ﴿فاكهين﴾ أي: متلذذين بما كان من مكنتهم ورفعتهم التي أوصلتهم إلى الاستسخار بغيرهم، قال ابن برجان: روي عنه عليه الصلاة والسلام: «إن الدين بدأ غريباً وسيعود


الصفحة التالية
Icon