كل شيء} قال إبليس: أنا من ذلك الشيء فقال تعالى: ﴿فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة﴾ ﴿والذين هم بآياتنا يؤمنون﴾ ولا يكفرون بشيء منها فأيس إبليس منها وتمناها اليهود والنصارى وقالوا: نحن نتقي ونؤمن بآيات ربنا فأخرجهما الله تعالى بقوله:
﴿الذين يتبعون الرسول النبيّ الأميّ﴾ وإنما سماه رسولاً بإضافته إلى الله عز وجل لأنه الواسطة بين الله تعالى وبين خلقه لرسالته وأوامره ونواهيه وشرائعه إليهم ونبياً لأنه رفيع الدرجة عند الله ثم وصفه بالأميّ وهو الذي لا يكتب ولا يقرأ وهي صفة نبينا محمد ﷺ قال ﷺ «نحن أمة أمية لا نكتب ولا نحسب» والعرب أكثرهم ما كانوا يكتبون ولا يقرؤون أي: الخط والنبيّ ﷺ كان كذلك، قال أهل التحقيق: وكونه أمياً بهذا التفسير كان من جملة معجزاته وبيانه من وجوه:
الأوّل: أنه عليه الصلاة والسلام كان يقرأ عليهم كتاب الله تعالى منظوماً مرّة بعد أخرى من غير تبديل ألفاظه ولا تغيير كلماته والخطيب من العرب إذا ارتجل خطبة ثم أعادها فلا بدّ وأن يزيد فيها أو أن ينقص عنها بالقليل والكثير ثم إنه عليه الصلاة والسلام مع أنه ما كان يكتب ولا يقرأ يتلو كتاب الله تعالى من غير زيادة ولا نقصان ولا تغيير فكان ذلك معجزة وإليه الإشارة بقوله تعالى: ﴿سنقرئك فلا تنسى﴾ (الأعلى، ٦)
الثاني: أنه لو كان يحسن الخط والقراءة لكان متهماً في أنه ربما طالع كتب الأوّلين فحصل هذه العلوم من تلك المطالعة فلما أتى بهذا القرآن العظيم المشتمل على العلوم الكثيرة من غير تعلم ولا مطالعة كان ذلك من المعجزات وهذا هو المراد من قوله تعالى: ﴿وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك إذاً لارتاب المبطلون﴾ (العنكبوت، ٤٨)
الثالث: تعلم الخط شيء سهل فإن أقلّ الناس ذكاء وفطنة يتعلمون الخط بأدنى سعي فعدم تعلمه يدل على نقصان عظيم في الفهم ثم إنه تعالى آتاه علوم الأوّلين والآخرين وأعطاه من العلوم والحقائق ما لم يصل إليه أحد من الخلق ومع تلك القوّة العظيمة في العقل والفهم جعله بحيث لم يتعلم الخط الذي يسهل تعلمه على أقل الخلق عقلاً وفهماً فكان الجمع بين هاتين الحالتين المتضادتين جارياً مجرى الجمع بين الضدين وذلك من الأمور الخارقة للعادة وجارية مجرى المعجزات وهذا الاتباع تارة يكون بالقوّة فقط لمن تقدم موته على زمانه ﷺ وتارة يخرج من القوّة إلى الفعل كمن لحق زمان دعوته فمن علم الله تعالى منه أنه لا يتبعه إذا أدركه لا يغفر له ولو عمل جميع الطاعات غير ذلك وعرّفه لهم بجميع خواصه حتى لا يتطرق إليه عند مجيئه ريب ولا يتعلل في أمره بعلة ولذلك اتبعه.
﴿الذي يجدونه﴾ أي: علماء بني إسرائيل ﴿مكتوباً عندهم في التوراة والإنجيل﴾ باسمه ونعته ولكنهم كتموا ذلك وبدلوه وغيروه حسداً منهم له وخوفاً على زوال رياستهم وقد حصل لهم ما كانوا يخافونه فقد زالت رياستهم ووقعوا في الذل والهوان وعن عطاء بن يسار قال: لقيت عبد الله بن عمرو بن العاصي رضي الله عنهما فقلت: أخبرني عن صفة رسول الله ﷺ في التوراة فقال: أجل إنه لموصوف في التوراة ببعض صفته في القرآن يا أيها النبيّ إنا أرسلناك شاهداً ومبشراً ونذيراً وحرزاً للأميين أنت عبدي ورسولي سميتك المتوكل ليس بفظ ولا غليظ ولا سخاب في الأسواق ولا يدفع السيئة بالسيئة ولكن يعفو ويغفر ولن يقبضه الله تعالى حتى
والأولاد وأعافي زوجك فرجعت إلى أيوب فأخبرته بما قال لها، وما أراها قال: لقد أتاك عدوّ الله ليفتنك عن دينك، ثم أقسم أن الله عافاه ليضربنها مائة جلدة، وعند ذلك قال: مسني الضرّ من طمع إبليس في سجود حرمتي ودعائه إياها وإياي إلى الكفر ﴿وأنت﴾ أي: والحال أنت ﴿أرحم الراحمين﴾ فافعل بي ما يفعل الرحمن بالمضرور، وهذا تعريض بسؤال الرحمة حيث ذكر نفسه بما يوجب الرحمة، وذكر ربه بغاية الرحمة، ولم يصرّح فكان ذلك ألطف في السؤال، فهو أجدر بالنوال.
ويحكى أنّ عجوزاً تعرّضت لسليمان بن عبد الملك فقالت: يا أمير المؤمنين مشت جرذان بيتي على العصا، فقال لها: ألطفت في السؤال لا جرم لأردّنّها تثب وثب الفهود، وملأ بيتها حباً، ثم إنّ الله تعالى رحم رحمة امرأة أيوب بصبرها معه على البلاء وخفف عليها، وأراد أن يبر يمين أيوب فأمره أن يأخذ ضغثاً يشتمل على مائة عود صغار، فيضربها به ضربة واحدة كما قال الله تعالى في آية أخرى: ﴿وخذ بيدك ضغثاً فاضرب به ولا تحنث﴾ (ص، ٤٤)
وروي أنّ إبليس اتخذ تابوتاً وجعل فيه أدوية وجلس على طريق امرأة أيوب يداوي الناس فمرت به امرأة أيوب، فقالت: إنّ لي مريضاً أفتداويه قال: نعم ولا أريد شيئاً إلا أن يقول إذا شفيته: أنت شفيتني، فذكرت ذلك لأيوب فقال: هو إبليس قد خدعك وحلف إن شفاه الله تعالى ليضربنها مائة جلدة، وقال وهب وغيره: كانت امرأة أيوب تعمل للناس وتجيئه بقوته، فلما طال عليه البلاء سئمها الناس فلا يستعملها أحد، فالتمست له يوماً من الأيام ما تطعمه فما وجدت شيئاً، فجزت قرناً من رأسها فباعته برغيف فأتته به، فقال لها: أين قرنك، فأخبرته فحينئذٍ قال: مسني الضرّ، وقال قوم: إنما قال ذلك حين قصد الدود إلى قلبه ولسانه، فخشي أن يمتنع عن الذكر والفكر، وقال حبيب بن أبي ثابت: لم يدع الله تعالى بالكشف حتى ظهرت له ثلاثة أشياء.
أحدها: قدم عليه صديقان حين بلغهما خبره، فجاءا إليه ولم تبق إلا عيناه، ورأيا أمراً عظيماً فقالا: لو كان عند الله لك منزلة ما أصابك هذا.
والثاني: أنّ امرأته طلبت طعاماً.
فلم تجد ما تطعمه، فباعت ذؤابتها، وحملت إليه طعاماً.
والثالث: قول إبليس إني أداويه على أن يقول: أنت شفيتني، وقيل: إن إبليس وسوس إليه أن امرأته زنت، فقطعت ذؤابتها فحينئذٍ عيل صبره، وحلف ليضربنها مائة جلدة، وقيل معناه مسني الضرّ من شماتة الأعداء، وقيل: قال ذلك حين وقعت دودة من فخذه فردّها إلى موضعها، وقال: كلي جعلني الله طعامك، فعضته عضة زاد ألمها على جميع ما قاسى من عض الديدان فإن قيل: إن الله تعالى سماه صابراً، وقد أظهر الشكوى والجزع بقوله: أني مسني الضرّ، ومسني الشيطان بنصب؟ أجيب: بأن هذا ليس بشكاية إنما هو دعاء بدليل قوله تعالى:
﴿س٢١ش٨٤/ش٨٦ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ؟ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ؟ مِن ضُرٍّ؟ وَءَاتَيْنَاهُ أَهْلَهُ؟ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ * وَإِسْمَاعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ؟ كُلٌّ مِّنَ الصَّابِرِينَ * وَأَدْخَلْنَاهُمْ فِى رَحْمَتِنَآ؟ إِنَّهُم مِّنَ الصَّالِحِينَ﴾
﴿فاستجبنا له﴾ والجزع إنما هو الشكوى إلى الخلق، وأما الشكوى إلى الله تعالى، فلا يكون جزعاً، ولا ترك صبر، كما قال يعقوب عليه السلام: ﴿إنما أشكو بثي وحزني إلى الله﴾ (يوسف، ٨٦)
وقال سفيان بن عيينة من أظهر الشكوى إلى الناس وهو راض بقضاء الله تعالى لا يكون ذلك جزعاً، كما روي «أن جبريل عليه السلام دخل على النبي ﷺ فقال: كيف تجدك، قال: أجدني مغموماً أجدني مكروباً»، وقال ﷺ «لعائشة رضي الله تعالى عنها حين قالت: وارأساه، بل أنا وارأساه» وروي أن امرأة أيوب قالت له يوماً: لو دعوت
فنفع إيمانهم يعود إليهم، وإن كفروا فضرر كفرهم يعود إليهم، والله سبحانه وتعالى يوصل إلى كل أحد ما يليق به من الجزاء ﴿وما ربك﴾ أي: المحسن إليك بإرسالك لتتميم مكارم الأخلاق ﴿بظلام﴾ أي: بذي ظلم ﴿للعبيد﴾ أي: هذا الجنس فلا يتصور أن يقع ظلم لأحد منهم أصلاً لأن له الغنى المطلق والحكمة البالغة.
﴿إليه﴾ أي: المحسن إليك لا إلى غيره ﴿يرد علم الساعة﴾ أي: لا سبيل إلى معرفة وقت ذلك اليوم ولا يعلمه إلا الله، وكذا العلم بحدوث الحوادث المستقبلة في أوقاتها المعينة ليس إلا عند الله، ثم ذكر من أمثلة هذا الباب مثالين:
أحدهما قوله تعالى: ﴿وما تخرج من ثمرات﴾ أي: في وقت من الأوقات، وقرأ نافع وابن عامر وحفص بألف بعد الراء جمعاً، والباقون بغير ألف إفراداً وقوله تعالى: ﴿من أكمامها﴾ جمع كم وكمامة، قال البقاعي تبعاً للزمخشري: بالكسر فيهما وهو وعاء الطلع وكل ما غطى على وجه الإحاطة شيئاً من شأنه أن يخرج فهو كم، وقال الراغب: الكم ما يغطي البدن من القميص وما يغطي الثمرة وجمعه أكمام وهذا يدل على أنه مضموم الكاف أو جعله مشتركاً بين كم القميص وكم الثمرة، ولا خلاف في كم القمص أنه بالضم فيجوز أن يكون في وعاء الثمرة لغتان دون كم القميص جمعاً بين القولين.
والمثال الثاني قوله تعالى: ﴿وما تحمل من أنثى﴾ حملاً ناقصاً أو تاماً، وأكد النفي بإعادة النافي ليشهد كل على حياله ﴿ولا تضع﴾ حملاً حياً أو ميتاً ﴿إلا﴾ حال كونه متلبساً ﴿بعمله﴾ ولا علم لأحد غيره بذلك، ومن ادعى علماً به فليخبر بأن ثمرة الحديقة الفلانية والبستان الفلاني والبلد الفلاني تخرج في الوقت الفلاني أو لا تخرج العام شيئاً، والمرأة الفلانية تحمل في الوقت الفلاني وتضع في وقت كذا أو لا تحمل العام شيئاً، ومن المعلوم أنه لا يحيط بهذا علماً إلا الله تعالى.
فإن قيل: قد يقول الرجل الصالح من أصحاب الكشوف قولاً فيصيب فيه وكذلك الكهان والمنجمون؟ أجيب: بأن أصحاب الكشوف إذا قالوا قولاً فهو من إلهام الله تعالى واطلاعه إياهم عليه فكان من علمه الذي يرد إليه، وأما الكهان والمنجمون فلا يمكنهم القطع والجزم في شيء مما يقولونه البتة وإنما غايتهم ادعاء ظن ضعيف قلما يصيب، وعلم الله تعالى هو العلم اليقين المقطوع به الذي لا يشاركه فيه أحد جل ربنا وعلا ﴿ويوم يناديهم﴾ أي: المشركين بعد بعثهم من القبول للفصل بينهم في سائر الأمور ﴿أين شركائي﴾ أي: الذين زعمتم أنهم يشفعون لكم في هذا اليوم ويحمونكم من العقاب واللوم ﴿قالوا﴾ أي: المشركون ﴿آذناك﴾ أي: أعلمناك ﴿ما منا﴾ وأكدوا النفي بإدخال الجار في المبتدأ ﴿من شهيد﴾ أي: يشهد أن لك شريكاً وذلك لما رأوا العذاب تبرؤوا من الأصنام وقيل: معناه ما منا أحد يشاهدهم لأنهم ضلوا عنهم وضلت عنهم آلهتهم فلا يبصرونها في ساعة التوبيخ، وقيل: هذا كلام الأصنام كأن الله تعالى يحييها وأنها تقول ما منا من شهيد أي: أحد يشهد بصحة ما أضافوا إلينا من الشركة، وعلى هذا التقدير فمعنى ضلالتهم عنهم أنهم لا ينفعونهم فكأنهم ضلوا عنهم وهو معنى قوله تعالى:
﴿وضل﴾ أي: ذهب وغاب وخفي ﴿عنهم ما كانوا﴾ أي: دائماً ﴿يدعون﴾ في كل حين على وجه العبادة ﴿من قبل﴾ فهم لا يرونه فضلاً عن أنهم يجدون نفعه ﴿وظنوا﴾ أي: في ذلك الحال ﴿ما لهم﴾ وأبلغ في النفي
الكفار، كما قال تعالى: ﴿إنّ المنافقين في الدرك الأسفل من النار﴾ (النساء: ١٤٥)
. فإن قيل: قوله تعالى:
﴿ثم لا يموت فيها ولا يحيى﴾ يقتضي أن ثم حالة غير الحياة والموت، وذلك غير معقول. أجيب: عن ذلك بوجهين: أحدهما: لا يموت فيستريح ولا يحيا حياة تنفعه كما قال تعالى: ﴿لا يقضي عليهم فيموتوا ولا يخفف عنهم من عذابها﴾ (فاطر: ٣٦)
وهذا جاء على مذهب العرب يقولون للمبتلى بالبلاء الشديد لا هو حيّ ولا هو ميت. ثانيهما: أنّ نفس أحدهم في النار في حلقة لا تخرج فيموت، ولا ترجع إلى موضعها فيحيا.
تنبيه: قوله تعالى: ثم للتراخي بين الرتب في الشدّة.
ولما ذكر تعالى وعيد من أعرض عن النظر في دلائل الله تعالى أتبعه بالوعد لضدّه فقال تعالى:
﴿قد أفلح﴾ أي: فاز بكل مراد ﴿من تزكى﴾ أي: تطهر من الكفر بالإيمان؛ لما روي عن ابن عباس أنّ رسول الله ﷺ قال: «قد أفلح من تزكى وشهد أي لا إله إلا الله وخلع الأنداد وشهد أني رسول الله». وقيل: تطهر للصلاة وأدّى الزكاة.
﴿وذكر اسم ربه﴾ أي: بقلبه ولسانه مكبراً ﴿فصلى﴾ أي: الصلوات الخمس. قال الزمخشري: وبه يحتج على وجوب تكبيرة الافتتاح وعلى أنها ليست من الصلاة؛ لأنّ الصلاة معطوفة عليها. وقال قتادة: تزكى: عَمِلَ صالحاً. وعن عطاء نزلت في صدقة الفطر. قال ابن سيرين: قد أفلح من تزكى، قال: خرج فصلى بعد ما أدّى زكاة الفطر وصلى صلاة العيد. قال بعضهم: لا أدري ما وجه هذا التأويل فإنّ هذه السورة مكية ولم يكن بمكة عيد ولا زكاة فطر. وأجاب البغوي: بأنه يجوز أن يكون النزول سابقاً على الحكم كقوله تعالى: ﴿وأنت حل بهذا البلد﴾ (البلد: ٢)
والسورة مكية وظهر أثر الحل يوم الفتح قال ﷺ «أحلت لي ساعة من نهار». وقيل: المراد زكاة الأعمال لا زكاة الأموال، أي: زكى أعماله من الرياء والتقصير. وروي عن عطاء أنه قال: إنّ هذه الآية نزلت في عثمان، وذلك أنه كان بالمدينة منافق له نخلة مائلة إلى دار رجل من الأنصار، إذا هبت الريح تساقط منها بسر ورطب في دار الأنصاري فيأكل هو وعياله من ذلك، فخاصمه المنافق، فذكر الأنصاري ذلك للنبيّ ﷺ فأرسل خلف المنافق وهو لا يعلم نفاقه فقال له النبيّ ﷺ «إنّ أخاك الأنصاري ذكر أنّ بسرك ورطبك يقع في منزله فيأكل هو وعياله منه فهل لك أن أعطيك نخلة في الجنة بدلها؟ قال: أبيع عاجلاً بآجل لا أفعل» فذكروا أنّ عثمان قد أعطاه حائطاً من نخل بدل نخلته. ويقول فيه: ﴿قد أفلح من تزكى﴾ وفي المنافق ﴿ويتجنبها الأشقى﴾ وقال الضحاك: نزلت في أبي بكر
وقرأ ﴿بل تؤثرون الحياة الدنيا﴾ أبو عمرو بياء الغيبة، والباقون بتاء الخطاب، ومعناه على القراءة الأولى: بل تؤثرون الأشقون، وعلى القراءة الثانية: بل تؤثرون أيها المسلمون الاستكثار من الدنيا بالعز الحاضر مع أنها شرٌّ وفانية اشتغالاً بها لأجل حضورها كالحيوانات التي هي مقيدة بالمحسوسات على الاستكثار من الثواب.
﴿والآخرة﴾، أي: والحال أنّ الدار التي هي غاية القصد المبرأة عن العيب المنزهة عن الخروج عن الحكمة ﴿خير﴾، أي: من الدنيا ﴿وأبقى﴾ لأنها تشتمل على السعادة الجسمانية، والروحانية، ليست كذلك فالآخرة خير من الدنيا ولأنّ الدنيا لذاتها مخلوطة بالآلام والآخرة ليست كذلك، ولأنّ الدنيا فانية والأخرة باقية، والباقي خير من الفاني.
وعن عمر:


الصفحة التالية
Icon