ولم يقل يرضوهما لأن رضا الرسول داخل في رضا الله عز وجل أو لأنها أعم، كما في قوله تعالى: ﴿والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله﴾ (التوبة، ٣٤) ردّ الكناية إلى الفضة لأنها أعم وقيل: ردّ الكناية إلى كل منهما وأن كل خصلة منهما كما قال تعالى: ﴿كلتا الجنتين آتت أكلها﴾ (الكهف، ٣٣) أي: كل واحدة منهما، وقيل: معناه: واستعينوا بالصبر وإنه لكبير والصلاة وإنها لكبيرة فحذف أحدهما اختصاراً، وقال الحسين بن الفضل: ردّ الكناية إلى الاستعانة ﴿لكبيرة﴾ أي: ثقيلة شاقة كقوله تعالى: ﴿كبر على المشركين ما تدعوهم إليه﴾ (الشورى، ١٣) ﴿إلا على الخاشعين﴾ أي: الساكنين إلى الطاعة، والخشوع: السكون، قال
تعالى:
﴿وخشعت الأصوات للرحمن﴾ (طه، ١٠٨) والخضوع: اللين والانقياد، ولذا يقال: الخشوع بالجوارح والخضوع بالقلب.
﴿الذين يظنون﴾ أي: يستيقنون وأطلق الظنّ على العلم لتضمنه معنى التوقع ﴿أنهم ملاقو ربهم﴾ بالبعث ﴿وأنهم إليه راجعون﴾ في الآخرة فيجازيهم بأعمالهم، وإنما لم تثقل عليهم ثقلها على غيرهم لأنّ نفوسهم مرتاضة بأمثالها متوقعة في مقابلتها ما يستحقر لأجل مشاقها وتستلذ بسببه متاعبها ومن ثم قال عليه الصلاة والسلام: «وجعلت قرّة عيني في الصلاة».
﴿س٢ش٤٧/ش٥٠ يَابَنِى؟ إِسْرَا؟ءِيلَ اذْكُرُوا؟ نِعْمَتِىَ الَّتِى؟ أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّى فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ * وَاتَّقُوا؟ يَوْمًا s تَجْزِى نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْئًا وَيُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَيُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ وَهُمْ يُنصَرُونَ * وَإِذْ نَجَّيْنَاكُم مِّنْءَالِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُو؟ءَ الْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَآءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَآءَكُمْ؟ وَفِى ذَالِكُم بَ؟ءٌ مِّن رَّبِّكُمْ عَظِيمٌ * وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَآءَالَ فِرْعَوْنَ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ﴾
﴿يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم﴾ بالشكر عليها بطاعتي، كرره للتوكيد وتذكير التفضل الذي هو أجل النعم خصوصاً، وربطه بالوعيد الشديد تخويفاً لمن غفل عنها وأخلّ بحقوقها وعطف على نعمتي ﴿وأني فضلتكم﴾ أي: آباءكم الذين كانوا في عصر موسى ﷺ وبعده قبل أن يغيروا ﴿على العالمين﴾ أي: عالمي زمانهم بما منحهم الله من العلم والإيمان والعمل وجعلهم أنبياء وملوكاً مقسطين وذلك التفضيل وإن كان في حق الآباء ولكن يحصل به الشرف في الأبناء. واستدل بذلك على أن الأصلح لا يجب على الله لأنّ تفضيلهم لو وجب عليه لم يجز جعله منة عليهم لأنّ من أتى بما وجب عليه لا منة له به على أحد.
﴿واتقوا﴾ خافوا ﴿يوماً﴾ أي: ما فيه من الحساب والعقاب وهو يوم القيامة ﴿لا تجزى﴾ أي: لا تقضى ﴿نفس عن نفس﴾ فيه ﴿شيئاً﴾ أي: حقاً لزمها.
تنبيه: قول البيضاوي وإيراده أي: شيئاً منكراً مع تنكير النفسين للتعميم والإقناط الكلي تبع فيه صاحب «الكشاف» وهو جار على مذهب المعتزلة من أنهم ينكرون الشفاعة للعصاة وسيأتي الجواب عن مذهبهم ﴿ولا تقبل﴾ بالتاء على التأنيث كما قرأ به ابن كثير وأبو عمرو بالياء على التذكير كما قرأ به الباقون ﴿منها شفاعة﴾ أي: من النفس الثانية لقوله تعالى: ﴿ولا يؤخذ منها عدل﴾ أي: فداء ﴿ولا هم ينصرون﴾ أي: يمنعون من عذاب الله إذ الضمير في الجملتين للنفوس العاصية ويصح رجوعه للنفس الأولى لأنها المحدّث عنها في قوله تعالى: ﴿لا تجزى نفس عن نفس﴾ والثانية مذكورة على سبيل الفضلة لا العمدة وتذكير ضمير ولا هم ينصرون مع أنّ الضمير راجع للنفوس، وكان المناسب هنّ بالتأنيث لأنه بمعنى العباد أو الأناس كما تقول ثلاثة أنفس بالتاء مع تأنيث النفس لتأويل النفوس بالأشخاص أو الرجال والنصرة أخص من المعونة لاختصاصه بدفع الضرر وقد تمسكت المعتزلة بهذه الآية على نفي الشفاعة لأهل الكبائر وأجاب أهل السنة عن ذلك بأجوبة منها: أن الآية مخصوصة بالكفار للآيات والأحاديث الواردة في الشفاعة ويؤيد هذا أنّ الخطاب معهم وعلى هذا يتمشى قول البيضاوي المارّ
عباس بمرأى منا. وقال مقاتل: بعلمنا. وقيل: بحفظنا. ﴿ووحينا﴾ أي: بأمرنا لك كيف تصنعها ﴿ولا تخاطبني في الذبن ظلموا﴾ أي: ولا تراجعني في الكفار، ولا تدعني في استدفاع العذاب عنهم ﴿إنهم مغرقون﴾ أي: محكوم عليهم بالإغراق فلا سبيل إلى كفه. وقيل: لا تخاطبني في ابنك كنعان وامرأتك راعلة فإنهما هالكان مع القوم، ويروى أنّ جبريل عليه السلام أتى نوحاً فقال: إنّ ربك يأمرك أن تصنع الفلك. قال: كيف أصنع ولست بنجار. قال: إنّ ربك يقول اصنع فإنك بأعيينا، فأخذ القدوم فجعل ينجر ولا يخطئ وصنعها فعملها مثل جؤجؤ الطير، وفي قوله تعالى:
﴿ويصنع الفلك﴾ قولان: أحدهما: أنه حكاية حال ماضية، أي: في ذلك الوقت كان يصدق عليه أنه يصنع الفلك. الثاني: التقدير فأقبل يصنع الفلك فاقتصر على قوله ويصنع الفلك، ثم إنّ نوحاً عليه السلام أقبل على عملها وَلَهَى عن قومه وجعل يقطع الخشب ويضرب الحديد ويهيئ عدّة الفلك من القار وغيره، وجعل قومه يمرّون عليه ويسخرون منه كما قال تعالى: ﴿وكلما مرّ عليه ملأ﴾ أي: جماعة ﴿من قومه سخروا منه﴾ أي: استهزؤوا به ويقولون يا نوح قد صرت نجاراً بعدما كنت نبياً، فأعقم الله أرحام نسائهم فلا يولد لهم. قال ابن عباس رضي الله عنهما: اتخذ نوح عليه السلام السفينة في سنتين وكان طول السفينة ثلاثمائة ذراع، وكانت من خشب الساج، وجعل لها ثلاثة بطون، فجعل في البطن الأوّل الوحوش والهوامّ، وفي البطن الأوسط الدوابّ وركب هو ومن معه البطن الأعلى مع ما يحتاج إليه من الزاد. وقال قتادة: كان في بابها في عرضها.
وروي عن أنس: كان طولها ألف ذراع ومائتي ذراع وعرضها ستمائة. وقيل: إنّ الحواريين قالوا لعيسى عليه السلام: لو بعثت لنا رجلاً شهد السفينة يحدّثنا عنها، فانطلق بهم حتى انتهى بهم إلى كثيب من تراب فأخذ كفاً من ذلك التراب فقال: أتدرون من هذا؟ قالوا: الله ورسوله أعلم. قال كعب بن حام، قال فضرب الكثيب بعصاه فقال: قم بإذن الله، فإذا هو قائم ينفض عن رأسه التراب وقد شاب، فقال له عيسى عليه السلام: هكذا هلكت. قال: لا ولكن مت وأنا شاب ولكنني ظننت أنها الساعة فمن ثم شبت قال: حدّثنا عن سفينة نوح؟ قال: كان طولها ألف ذراع وعرضها ستمائة ذراع وكانت ثلاث طبقات؛ طبقة للدواب والوحوش وطبقة للإنس وطبقة للطير، ثم قال له: عد بإذن الله تعالى كما كنت فعاد تراباً. قال البغوي: والمعروف أن طولها ثلاثمائة ذراع. وعن زيد بن أسلم قال: مكث نوح مائة سنة يغرس الأشجار ومائة سنة يعمل الفلك.
وعن كعب الأحبار: أنّ نوحاً عمل السفينة في ثلاثين سنة. وروي أنها كانت ثلاث طبقات: الطبقة السفلى للدواب والوحوش، والطبقة الوسطى فيها الإنس، والطبقة العليا فيها الطير، فلما كثرت أرواث الدواب أوحى الله تعالى إلى نوح عليه السلام أن اغمز ذنب الفيل فغمزه فوقع منه خنزير وخنزيرة فأقبلا على الروث، ولما أفسد الفأر في السفينة فجعل يقرض حبالها؛ أوحى الله تعالى إليه أن اضرب بين عيني الأسد فضرب فخرج من منخره سنور وسنورة وهو القط فأقبلا على الفأر فأكلاه. قال الرزاي: واعلم أنّ أمثال هذه المباحث لا تعجبني لأنها أمور لا حاجة إلى معرفتها البتة، ولا يتعلق بمعرفتها فائدة البتة، فكان الخوض فيها من باب الفضول، لا سيما مع القطع بأنه ليس ههنا ما يدل على
المفاتيح فوضعتها تحت رأسها، فأتاها الهدهد وهي نائمة مستلقية على قفاها فألقى الكتاب على نحرها، وقيل نقرها فانتبهت فزعة، وقال مقاتل: حمل الهدهد الكتاب بمنقاره حتى وقف على رأس المرأة وحولها القادة والجنود فرفرف ساعة، والناس ينظرون إليه حتى رفعت المرأة رأسها فألقى الكتاب في حجرها، وقال وهب بن منبه وابن زيد: كانت لها كوة مستقبلة الشمس تقع الشمس فيها حين تطلع فإذا نظرت إليها سجدت لها، فجاء الهدهد إلى الكوّة فسدها بجناحه فارتفعت الشمس ولم تعلم بها، فلما استبطأت الشمس قامت تنظر إليها، فرمى بالصحيفة إليها فأخذت بلقيس الكتاب وكانت قارئة فلما رأت الخاتم ارتعدت وخضعت لأنّ ملك سليمان كان في خاتمه وعرفت أنّ الذي أرسل الكتاب أعظم ملكاً منها، وقرأت الكتاب وتأخر الهدهد فجاءت حتى قعدت على سرير ملكها وجمعت الملأ من قومها وهم اثنا عشر ألف قائد مع كل قائد ألف مقاتل، وعن ابن عباس قال: كان مع بلقيس مائة ألف، قيل مع كل قيل مائة ألف، والقيل: الملك دون الملك الأعظم، وقال قتادة ومقاتل: كان أهل مشورتها ثلثمائة وثلاثة عشر رجلاً كل رجل منهم على عشرة آلاف، فلما جاؤوا أخذوا مجالسهم.
﴿قالت﴾ لهم بلقيس ﴿يا أيها الملأ﴾ وهم أشراف الناس وكبراؤهم ﴿إني ألقي إليّ﴾ أي: بإلقاء ملق على وجه غريب ﴿كتاب﴾ أي: صحيفة مكتوب فيها كلام وخبر جامع، قال الزمخشريّ: وكانت كتب الأنبياء جملاً لا يطنبون ولا يكثرون، ولما حوى هذا الكتاب من الشرف أمراً باهراً لم يعهد مثله وصفته بقولها ﴿كريم﴾ وقال عطاء والضحاك: سمته كريماً لأنه كان مختوماً روي أنه ﷺ قال: «كرامة الكتاب ختمه»، «وكان عليه السلام يكتب إلى العجم فقيل له إنهم لا يقبلون إلا كتاباً عليه خاتم فاصطنع له خاتماً»، وعن ابن المقنع: من كتب إلى أخيه كتاباً ولم يختمه فقد استخف به، وقال مقاتل: كريم أي: حسن، وعن ابن عباس: أي: شريف لشرف صاحبه، وقيل: سمته كريماً لأنه كان مصدراً ب ﴿بسم الله الرحمن الرحيم﴾، ثم بينت ممن الكتاب فقالت.
﴿إنه من سليمان﴾ ثم بينت المكتوب فيه فقالت ﴿وإنه بسم الله الرحمن الرحيم﴾.
﴿ألا تعلو عليّ﴾ قال ابن عباس: لا تتكبروا عليّ، وقيل لا تتعظموا ولا تترفعوا عليّ، أي: لا تمتنعوا عن الإجابة فإن ترك الإجابة من العلو والتكبر ﴿وائتوني مسلمين﴾ أي: منقادين خاضعين فهو من الاستسلام، أو مؤمنين فهو من الإسلام، فإن قيل: لم قدم سليمان اسمه على البسملة؟ أجيب: بأنه لم يقع منه ذلك بل ابتدأ الكتاب بالبسملة وإنما كتب اسمه عنواناً بعد ختمه لأنّ بلقيس إنماعرفت كونه من سليمان بقراءة عنوانه كما هو المعهود، ولذلك قالت: ﴿إنه بسم الله الرحمن الرحيم﴾ أي: إنّ الكتاب، فالتقديم واقع في حكاية الحال، واعلم أن قوله: ﴿بسم الله الرحمن الرحيم﴾ مشتمل على إثبات الصانع وإثبات كونه عالماً قادراً حياً مريداً حكيماً رحيماً قال الطيبي: وقال القاضي: هذا كلام في غاية الوجازة مع إثبات كمال الصانع وإثبات كمال الدلالة على المقصود لاشتماله على البسملة الدالة على ذات الإله وصفاته صريحاً أو التزاماً، والنهي عن الترفع الذي هو أمّ الرذائل، والأمر بالإسلام الذي هو جامع لأمّهات الفضائل، ولما سكتوا عن الجواب.
﴿قالت﴾ لهم ﴿يا أيها الملأ﴾ ثم بينت ما داخلها من الرعب من صاحب هذا الكتاب بقولها
كان في الصلح وإنّ دخولكم في سنتكم سبب لوطء المؤمنين والمؤمنات وهو قوله تعالى: ﴿ولولا رجال مؤمنون ونساء مؤمنات﴾ (الفتح: ٢٥)
الآية.
فإن قيل: الفاء في قوله تعالى: ﴿فعلم﴾ فاء التعقيب فقوله تعالى: ﴿فعلم﴾ وقع عقب ماذا أجيب: بأنه إن كان المراد من ﴿فعلم﴾ وقت الدخول فهو عقب صدق وإن كان المراد فعلم المصلحة فالمراد علم الوقوع والشهادة لا علم الغيب والتقدير لما حصلت المصلحة في العام القابل فعلم ما لم تعلموا من المصلحة المتجدّدة ﴿فجعل﴾ أي: بسبب إحاطة علمه ﴿من دون﴾ أي: أدنى رتبة من ﴿ذلك﴾ أي: الدخول العظيم في هذا العام ﴿فتحاً قريباً﴾ يقويكم به من فتح خيبر ووضع الحرب بين العرب بهذا الصلح واختلاط بعض الناس بسبب ذلك ببعض الموجب لإسلام ناس كثيرة تتقوون بهم فتكون تلك الكثرة والقوّة بسبب هيبة الكفار المانعة لهم من القتال فقتل القتلى ترفقاً بأهل حرم الله إكراماً لهذا النبيّ الكريم صلى الله عليه وسلم
وقوله تعالى:
﴿هو الذي أرسل رسوله﴾ أي: الذي لا رسول أحق منه بإضافته إليه ﴿بالهدى﴾ أي: الكامل الذي يقتضي أن يهتدي به أكثر الناس تأكيداً لبيان صدق الله تعالى للرّؤيا لأنه لما كان مرسلاً لرسوله ليهدي لا يريه ما لا يكون فيحدث الناس فيظهر خلافه فيكون ذلك سبباً للضلال.
فإن قيل: الرؤيا للواقع قد تقع لغير المرسل أجيب: بأنّ ذلك قليل لا يقع لكل أحد تنبيه الهدي يحتمل أن يكون هو القرآن كقوله تعالى: ﴿أنزل فيه القرآن هدى للناس﴾ (البقرة: ١٨٥)
وعلى هذا قوله تعالى: ﴿ودين الحق﴾ هو ما فيه من الأصول والفروع ويحتمل أن يكون الهدي هو المعجزة أي أرسله بالمعجزة فيكون قوله تعالى ﴿ودين الحق﴾ إشارة إلى ما شرع والألف واللام في الهدى يحتمل أن تكون للعهد وهو قوله تعالى: ﴿ذلك هدى الله يهدي به من يشاء﴾ وأن تكون للتعريف أي كل ما هو هدى تنبيه دين الحق يحتمل أن يكون المراد دين الله لأنّ الحق من أسماء الله تعالى ويحتمل أن يكون الحق نقيض الباطل فكأنه قال ودين الأمر الحق ﴿ليظهره﴾ أي: دينه ﴿على الدين كله﴾ أي: جميع باقي الأديان ﴿وكفى بالله﴾ أي: الذي له الإحاطة بجميع صفات الكمال ﴿شهيداً﴾ أي: على أنك مرسل بما ذكر كما قال تعالى.
﴿محمد رسول الله﴾ أي: الملك الذي لا كفؤ له فهو الرسول الذي لا رسول يساويه فإنه رسول إلى جميع الخلق من أدرك زمانه بالفعل في الدنيا ومن تقدّمه بالقوّة فيها وبالفعل في الآخرة يوم يكون الكل تحت لوائه وقد أخذ على الأنبياء كلهم الميثاق بأن يؤمنوا به إن أدركوه وأخذ ذلك الأنبياء على أممهم وأشار بذكر هذا الاسم بخصوصه في سورة الفتح إلى أنه ﷺ هو الخاتم بما أشارت إليه الميم التي مخرجها ختام المخارج واستنبط بعض العلماء من محمد ثلاثمائة وأربعة عشر رسولاً فقال فيه ثلاث ميمات وإذا بسطت كل منهما قلت فيه م ي م وعدّتها بحساب الجمل الكبير تسعون فيحصل منها مائتان وسبعون وإذا بسطت الحاء والدال قلت دال بخمسة وثلاثين، وحاء بتسعة فالجملة ما ذكر والاسم واحد فتم عدد الرسل كما قيل أنهم ثلاثمائة وخمسة عشر وقد تقدّم الكلام على أولي العزم منهم في سورة الأحقاف.
تنبيه: يجوز أن يكون محمد خبر مبتدأ مضمر لأنه لما تقدّم هو الذي أرسل رسوله دل على ذلك المقدّر أي هو أي الرسول بالهدى


الصفحة التالية
Icon