إنما فعل ذلك ليصير ذلك سبباً؛ لئلا يبالغ الكفار في تحصيل الاستعداد والحذر فيصير ذلك سبباً لانكسارهم ﴿وإلى الله ترجع الأمور﴾ كلها فلا ينفذ إلا ما يريد إنفاذه فلا تجري الأمور على ما يظنه العباد، وفي هذا تنبيه على أنّ أمور الدنيا غير مقصودة وإنما المراد منها ما يصلح أن يكون زاد اليوم المعاد.
ولما ذكر تعالى أنواع نعمه على النبيّ ﷺ وعلى المؤمنين يوم بدر علمهم إذا التقوا بالفئة وهي الجماعة من المحاربين نوعين من الأدب بقوله تعالى:
﴿يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم﴾ أي: قاتلتم؛ لأنّ اللقاء سبب للقتال غالباً ﴿فئة﴾ أي: جماعة كافرة ﴿فاثبتوا﴾ لقتالهم كما ثبتم في بدر ولا تحدثوا أنفسكم بفرار هذا هو النوع الأوّل ﴿واذكروا الله كثيراً﴾ بقلوبكم وألسنتكم قال ابن عباس: أمر الله تعالى أولياءه بذكره في أشدّ أحوالهم تنبيهاً على أنّ الإنسان لا يجوز له أن يخلو قلبه ولسانه عن ذكر الله، ولو أنّ رجلاً أقبل من المشرق إلى المغرب على أن ينفق الأموال سخاء والآخر من المغرب إلى المشرق يضرب بسيفه في سبيل الله لكان الذاكر لله أعظم أجراً، وقيل: المراد من هذا الذكر الدعاء بالنصر والظفر؛ لأنّ ذلك لا يحصل إلا بمعونة الله تعالى ﴿لعلكم تفلحون﴾ أي: تظفرون بمرادكم من النصر والثبوت.
فإن قيل: هذه الآية توجب الثبات على كل حال وذلك يوهم أنها ناسخة لآية التحرّف والتحيز. أجيب: بأنّ المراد من الثبات الجدّ في المحاربة بل كان الثبات في هذا المقصود لا يحصل إلا بذلك التحرّف والتحيز.
ثم قال تعالى مؤكداً لذلك:
﴿وأطيعوا الله ورسوله﴾ في سائر ما يأمران به؛ لأنّ الجهاد لا ينفع إلا مع التمسك بسائر الطاعات ﴿ولا تنازعوا﴾ أي: تختلفوا فيما بينكم ﴿فتفشلوا﴾ أي: تجبنوا ﴿وتذهب ريحكم﴾ أي: قوّتكم ودولتكم، والريح مستعارة للدولة شبهها في نفوذ أثرها بالريح، ثم أدخل المشبه في جنس المشبه به ادعاء، وأطلق اسم المشبه به على المشبه، وقيل: المراد بها الحقيقة؛ لأنه لم يكن قط نصر إلا بريح يبعثها الله تعالى، وفي حديث الشيخين «نصرت بالصبا وأهلكت عاد بالدبور»، وعن النعمان بن مقرن قال: «شهدت مع رسول الله ﷺ فكان إذا لم يقاتل من أوّل النهار أخر القتال حتى تزول الشمس وتهب الرياح وينزل النصر» أخرجه أبو داود ﴿واصبروا﴾ أي: عند لقاء العدوّ ولا تنهزموا عنه ﴿إنّ الله مع الصابرين﴾ بالنصر والمعونة.
روي أنه ﷺ قال: «أيها الناس لا تتمنوا لقاء العدوّ واسألوا الله العافية فإذا لقيتموهم فاصبروا واعلموا أنّ الجنة تحت ظلال السيوف» ثم قال ﷺ «اللهم منزل الكتاب ومجري السحاب وهازم الأحزاب اهزمهم وانصرنا عليهم».
﴿ولا تكونوا كالذين خرجوا من ديارهم﴾ أي: ليمنعوا غيرهم ولم يرجعوا بعد نجاتها ﴿بطراً﴾ أي: فخراً وطغياناً في النعمة وذلك إنّ النعم إذا كثرت من الله تعالى على العبد فإن صرفها في المفاخرة على الأقران وكاثر بها أبناء الزمان وأنفقها في غير طاعة الرحمن، فذلك هو البطر في النعمة، وإن صرفها في طاعة الله وابتغاء مرضاته فذلك شكرها ﴿ورئاء الناس﴾ أي: ليثنوا عليهم بالشجاعة والسماحة وذلك أنهم لما بلغوا الجحفة، وأتاهم رسول أبي سفيان أن ارجعوا فقد سلمت عيركم، فقال أبو جهل: لا والله حتى نقدم بدراً، وكان بدر موسماً من مواسم العرب يجتمع لهم فيها سوق في كل عام،
قال العارفون: هذه الواقعة كانت سبب السعادة لعمر والشقاوة لعبد الله بن سعد بن أبي سرح فإنه قيل: إنه مات كافراً؛ قال الله تعالى: ﴿يضل به كثيراً﴾ (البقرة، ٢٦)
ويهدي به كثيراً، المرتبة الثامنة: قوله تعالى:
﴿ثم إنكم بعد ذلك﴾ أي: الأمر العظيم من الوصف بالحياة والمد فى العمر في آجال متفاوتة ما بين طفل ورضيع ومحتلم شديد وشاب نشيط وكهل عظيم وشيخ هرم إلى ما بين ذلك من شؤون لا يحيط بها إلا اللطيف الخبير ﴿لميتون﴾ أي: لصائرون إلى الموت لا محالة، ولذلك ذكر النعت الذي للثبوت وهو ميت دون اسم الفاعل، وهو مائت، فإنه للحدوث لا للثبوت.
المرتبة التاسعة: قوله تعالى: ﴿ثم إنكم يوم القيامة﴾ أي: الذي تجمع فيه جميع الخلائق ﴿تبعثون﴾ للحساب والجزاء.
النوع الثاني: من الدلائل الاستدلال بخلق السموات وهو قوله تعالى:
﴿ولقد خلقنا فوقكم﴾ في جميع جهة الفوق في ارتفاع لا تدركونه حق الإدراك ﴿سبع طرائق﴾ أي: سموات جمع طريقة؛ لأنها طرق الملائكة ومتعلقاتهم، وقيل: الأفلاك لأنها طرائق الكواكب فيها مسيرها، وقيل: لأنها طرق بعضها فوق بعض كطارقة النعل، وكل شيء فوقه مثله، فهو طريقة ﴿وما كنا﴾ أي: بمالنا من العظمة ﴿عن الخلق﴾ أي: الذي خلقناه تحتها ﴿غافلين﴾ أي: أنّ تسقط عليهم فتهلكهم بل نمسكها كآية ويمسك السماء أنّ تقع على الأرض إلا بإذنه ولا مهملين أمرها بل نحفظها عن الزوال والاختلاف وتدبير أمرها حتى تبلغ منتهى أمرها، وما قدر لها من الكمال حسب ما اقتضته الحكمة وتعلقت به المشيئة.
النوع الثالث من الدلائل: الاستدلال بنزول الأمطار وكيفية تأثيرها في النبات، وهو قوله تعالى:
﴿وأنزلنا من السماء﴾ أي: من جرمها وهو ظاهر اللفظ وعليه أكثر المفسرين أو من السحاب وسماه سماء لعلوه ﴿ماء بقدر﴾ أي: بقدر ما يكفيهم لمعاشهم في الزرع والغرس والشرب وأنواع المنفعة، ويسلمون معه من المضرة إذ لو كان فوق ذلك لأغرقت البحار الأقطار، ولو كان دون ذلك لأدّى إلى جفاف النبات والأشجار ﴿فأسكناه﴾ أي: فجعلناه ثابتاً مستقراً ﴿في الأرض﴾ كقوله تعالى: ﴿فسلكه ينابيع في الأرض﴾ (الزمر، ٢١)، و «عن ابن عباس عن النبي: ﷺ أنّ الله تعالى أنزل من الجنة خمسة أنهار سيحون نهر الهند، وجيحون نهر بلخ، ودجلة والفرات نهرا العراق، والنيل نهر مصر أنزلها الله تعالى من عين واحدة من عيون الجنة من أسفل درجة من درجاتها على جناحي جبريل فاستودعها الجبال وأجراها في الأرض، وجعل فيها منافع للناس من أصناف معايشهم، فإذا كان عند خروج يأجوج ومأجوج أرسل الله تعالى جبريل فرفع من الأرض القرآن والعلم كله والحجر الأسود من ركن البيت، ومقام إبراهيم وتابوت موسى بما فيه، وهذه الأنهار الخمسة فيرفع كل ذلك إلى السماء» وذلك قوله تعالى: ﴿وإنا على ذهاب به لقادرون﴾ قدرة هي في نهاية العظمة، فإنّا كما قدرنا على إيجاده واختراعه نقدر على رفعه وإزالته وزواله، فإذا رفعت هذه الأشياء كلها من الأرض فقد أهلها خير الدين والدنيا؛ قال البغوي: وروى هذا الحديث الإمام الحسن بن سفيان عن عثمان بن سعيد عن سابق الإسكندري عن سلمة بن علي عن مقاتل بن حبان.
تنبيه: في تنكير ذهاب إيماء إلى تكثير طرقه، وفيه إيذان باقتدار المذهب وأنه لا يتعايا عليه شيء إذا أراده، وهو أبلغ
أي: النار التي من شأنها إلقاء داخلها بالتجهم والكراهة والعبوسة كما كان يعمل عند قطعه لأولياء الله تعالى ﴿خالدون﴾ لأن اجتراءهم كان طبعاً لهم لا ينفكون عنه أصلاً ما بقوا.
﴿لا يفتر عنهم﴾ أي: لا يقصد إضعافه بنوع من الضعف فنفي التفتر نفي للفتور من غير عكس، قال البيضاوي: وهو من فترت عنه الحمى إذا سكنت قليلاً والتركيب للضعف ﴿وهم فيه﴾ أي: العذاب ﴿مبلسون﴾ أي: ساكتون سكوت يأس من النجاة والفرج، وعن الضحاك: يجعل المجرم في تابوت من نار ثم يقفل عليه فيبقى خالداً لا يرى ولا يرى.
﴿وما ظلمناهم﴾ نوعاً من الظلم ﴿ولكن كانوا﴾ جبلة وطبعاً وعملاً وصنعاً ﴿هم الظالمين﴾ لأنهم بارزوا المنعم عليهم بالعظائم ونووا أنهم لا ينفكون عن ذلك ما بقوا والأعمال بالنيات.
ولما كان مفهوم الإبلاس السكوت بين تعالى أنهم ليسوا ساكتين دائماً بقوله تعالى:
﴿ونادوا﴾ ثم بين أن المنادي خازن النار بقوله تعالى: مؤكداً البعد بأداته ﴿يا مالك ليقض علينا﴾ أي: سل سؤالاً حتماً أن يقضي القضاء الذي لا قضاء مثله وهو الموت على كل واحد منا وجروا على عادتهم في الغباوة والجلافة فقالوا: ﴿ربك﴾ أي: المحسن إليك فلم يروا للَّه تعالى عليهم إحساناً وهم في تلك الحالة ولا شك أن إحسانه ما انقطع عن موجود أصلاً، وأقل ذلك أنه لا يعذب أحداً منهم فوق استحقاقه، ولذلك جعل النار دركات كما جعل الجنة درجات فأجاب مالك عليه السلام بأن ﴿قال﴾ مؤكداً قطعاً لأطماعهم لأن كلامهم هذا هو بحيث يفهم الرجاء وإعلاماً بأن رحمة الله التي موضع الرجاء خاصة بغيرهم ﴿إنّكم ماكثون﴾ أي: دائماً أبداً لا خلاص لكم بموت ولا غيره وليس في القرآن متى أجابهم هل أجابهم في الحال أو بعد مدة لكن.
روى ابن عباس: أن أهل النار يدعون مالكاً خازن النار يقولون: ليقض علينا ربك أي: ليمتنا ربك فنستريح، فيجيبهم مالك بعد ألف سنة إنكم ماكثون أي: مقيمون في العذاب. وعن عبد الله بن عمرو بن العاص: يجيبهم بعد أربعين، وعن غيره مائة سنة واختلفوا في أن قولهم: ﴿يا مالك ليقض علينا ربك﴾ على أي وجه طلبوه فقال بعضهم: على التمني وقال آخرون: على وجه الاستغاثة وإلا فهم عالمون بأنه لا خلاص لهم من ذلك العذاب. ثم إنه تعالى ذكر ما هو كالعلة لذلك الجواب بقوله تعالى:
﴿لقد جئناكم﴾ أي: في هذه السورة خصوصاً وفي جميع القرآن عموماً ﴿بالحق﴾ على لسان الرسل وقرأ نافع وابن كثير وابن ذكوان وعاصم بإظهار الدال عند الجيم، والباقون بالإدغام ﴿ولكن أكثركم للحق كارهون﴾ لما فيه من المنع من الشهوات فلذلك أنتم تقولون إنه ليس بحق لأجل كراهتكم فقط لا لأجل أن في حقيّته نوعاً من الخفاء، فإن قيل: كيف قال: ونادوا يا مالك بعد أن وصفهم بالإبلاس؟ أجيب: بأنها أزمنة متطاولة وأحقاب ممتدة فتختلف بهم الأحوال فيسكتون أوقاتاً لغلبة اليأس عليهم ويستغيثون أوقاتاً لشدة ما بهم، روى أنه يلقى على أهل النار الجوع حتى يعدل ما هم فيه من العذاب فيقولون: ادعوا مالكاً فيدعون ﴿يا مالك ليقض علينا ربك﴾.
ولما ذكر تعالى كيفية عذابهم في الآخرة ذكر بعده كيفية مكرهم وفساد باطنهم في الدنيا فقال تعالى:
﴿أم أبرموا﴾ أي: أحكم كفار مكة ﴿أمراً﴾ أي: في المكر برسول الله ﷺ وفي رد أمرنا ومعاداة أوليائنا مع علمهم بأنا مطلعون عليهم ﴿فإنا مبرمون﴾
في هذا قتلت، ويجيء القاطع فيقول: في هذا قطعت رحمي، ويجيء السارق فيقول: في هذا قطعت يدي، ثم يدعونه فلا يأخذون منه شيئاً» فيعطيها الله تعالى قوّة إخراج ذلك كله كما كان يعطيها قوّة أن تخرج النبات الصغير اللطيف الطريّ الذي هو أنعم من الحرير، فتشق الأرض الصلبة التي تكل عنها المعاويل شق النواة مع ما لها من الصلابة التي استعصت بها على الحديد، فتنفلق نصفين وينبت منها سائر ما يريده سبحانه وتعالى فالذي قدر على ذلك قادر على تكوين الموتى في بطن الأرض، وإعادتهم على ما كانوا عليه كما يكون الجنين في البطن، ويشق جميع منافذه من السمع والبصر والفم وغير ذلك من غير أن يدخل هناك بيكار ولا منشار، ثم يخرج من البطن. هكذا إخراج الموتى من غير فرق كل ذلك عليه هين سبحانه. ما أعظم شأنه وأعز سلطانه.
﴿وقال الإنسان﴾ أي: هذا النوع الصادق بالقليل والكثير لما له من النسيان لما أكده عنده من أمر البعث لما له من الإنس بنفسه، والنظر في عطفه على سبيل التعجب أو الدهش والحيرة أو الكافر كما يقول: ﴿من بعثنا من مرقدنا﴾ (يس: ٥٢)
فيقول له المؤمن: ﴿هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون﴾ (يس: ٥٢)
. ﴿ما لها﴾ أي: أيّ شيء ثبت للأرض في هذه الزلزلة الشديدة التي لم يعهد مثلها ولفظت ما في بطنها.
﴿يومئذ﴾ أي: إذ كان ما ذكر من الزلزال وما لزم عنه وقوله تعالى: ﴿تحدّث أخبارها﴾ جواب إذا وهو الناصب لها عند الجمهور، ومعنى تحدّث، أي: تخبر الأرض بما عمل عليها من خير أو شرّ يومئذ، ثم قيل: هو من قول الله تعالى، وقيل: من قول الإنسان، أي: يقول الإنسان ما لها تحدّث أخبارها متعجباً. روى الترمذي عن أبي هريرة أنه قال: «قرأ رسول الله ﷺ هذه الآية ﴿يومئذ تحدّث أخبارها﴾ قال: «أتدرون ما أخبارها قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: أخبارها أن تشهد على كل عبد أو أمة بما عمل على ظهرها، تقول: عمل يوم كذا وكذا كذا وكذا. قال: فهذه أخبارها».
في تحديثها بأخبارها ثلاثة أقوال:
أحدها: أنّ الله تعالى يقلبها حيواناً ناطقاً فتتكلم بذلك.
ثانيها: أنّ الله تعالى يحدث فيها الكلام.
ثالثها: أن يكون فيها بيان يقوم مقام الكلام. قيل: في الآية تقديم وتأخير تقديره يومئذ تحدث أخبارها فيقول الإنسان مالها أي: تخبر الأرض بما عمل عليها.
﴿بأن ربك﴾ متعلق بتحدِّث، ويجوز أن يتعلق بنفس أخبارها والباء سببية، أي: تحدّث بسبب أن ربك المحسن إليك بأنواع النعم ﴿أوحى لها﴾ أي: أذن لها أن تتكلم بذلك المذكور بالقال أو بالحال على ما مرّ. قال البقاعي: وعدل عن قوله إليها إلى قول الله تعالى: ﴿لها﴾ إيذاناً بالإسراع في الإيحاء. وقال البغوي: أوحى إليها واحد. وقرأ حمزة والكسائي بالإمالة محضة،. وقرأ ورش بالفتح وبين اللفظين، والباقون بالفتح.
وقوله تعالى: ﴿يومئذ﴾ بدل من يومئذ قبله منصوب بقوله تعالى: ﴿يصدر﴾ أو بأذكر مقدّراً، أي: واذكر يوم إذ كان ما تقدّم وهو حين يقوم الناس من القبور يصدر ﴿الناس﴾ أي: يرجعون من قبورهم إلى ربهم الذي كان لهم بالمرصاد ليفصل بينهم. وقرأ حمزة والكسائي بإشمام الصاد بين الصاد والزاي، والباقون بالصاد الخالصة ﴿أشتاتاً﴾ أي: متفرّقين بحسب مراتبهم في الذوات والأحوال من مؤمن وكافر، وآمن وخائف، ومطيع وعاص. وعن ابن عباس: متفرّقين على قدر أعمالهم أهل الإيمان على حدة، أو متفرّقين فأخذ ذات اليمين


الصفحة التالية
Icon