على التأنيث مع فتح الفاء أيضاً، وقرأ الباقون بالنون مفتوحة مع كسر الفاء، وقرأ الكسائي خطاياكم بالإمالة، وورش بالفتح وبين اللفظين، والباقون بالفتح ﴿وسنزيد المحسنين﴾ بالطاعة ثواباً جعل الله تعالى امتثال قوله: ﴿قولوا حطة﴾ توبة للمسيء وسبب زيادة الثواب للمحسنين.
فإن قيل: كيف عطف وسنزيد مع أنه مرفوع على نغفر مع أنه مجزوم جواباً للأمر؟ أجيب: بأنه أخرجه عن صورة الجواب إلى الوعد إيهاماً بأنّ المحسن بصدد ذلك وإن لم يفعله فكيف إذا فعله وإنه يفعل لا محالة، وسبب إخراج ما ذكر عن صورة الجواب إلى الوعد أنّ الزيادة إذا كانت من وعد الله كانت أعظم مما إذا كانت مسببة عن فعلهم.
﴿فبدّل الذين ظلموا﴾ منهم ﴿قولاً غير الذي قيل لهم﴾ فقالوا: حبة من شعرة ودخلوا يزحفون على أستاههم مخالفة في الفعل كما بدلوا القول.
روى معمر عن همام بن منبه أنه سمع أبا هريرة يقول: قال رسول الله ﷺ «قيل لبني إسرائيل: ادخلوا الباب سجداً وقولوا حطة فبدلوا فدخلوا يزحفون على أستاههم وقالوا: حبة في شعرة» وفي رواية: في شعيرة. وقوله تعالى: ﴿فأنزلنا على الذين ظلموا﴾ فيه وضع الظاهر موضع المضمر مبالغة في تقبيح أمرهم وإشعاراً بأنّ إنزال الرجز عليهم لظلمهم بوضع غير المأمور به موضعه أو على أنفسهم بأنهم تركوا ما يوجب نجاتها إلى ما يوجب هلاكها ﴿رجزاً﴾ أي: عذاباً مقدراً ﴿من السماء﴾ وقيل: أرسل الله عليهم طاعوناً فهلك منهم في ساعة واحدة سبعون ألفاً، وقيل: أربعة وعشرون ألفاً ﴿بما كانوا يفسقون﴾ أي: بسبب فسقهم، أي: خروجهم عن الطاعة.
﴿وإذ استسقى موسى﴾ طلب السقيا ﴿لقومه﴾ وذلك أنهم عطشوا في التيه فسألوا موسى أن يستسقي لهم ففعل فأوحى الله إليه كما قال: ﴿فقلنا اضرب بعصاك الحجر﴾ وكانت من آس الجنة بالمدّ أي: شجرها وهو المرسين.
وروي عن ابن عباس أنها كانت من عوسج طولها عشرة أذرع على طول موسى وكان لها شعبتان تتقدان في الظلمة نوراً واسمها عليق، وقال مقاتل: اسمها بنفة حملها آدم من الجنة فتوارثها الأنبياء حتى وصلت إلى شعيب فأعطاها موسى. واللام في الحجر للعهد على ما روي أنه كان حجراً طورياً مكعباً حمله معه كان له أربعة أوجه ينبع من كل وجه ثلاثة أعين تسيل كل عين في جدول إلى سبط وكانوا ستمائة ألف وسعة العسكر اثنا عشر ميلاً أو حجراً أهبطه آدم من الجنة ودفع إلى شعيب فأعطاه لموسى مع العصا أو الحجر الذي فرّ بثوبه لما وضعه عليه ليغتسل ومرّ به على ملأ من بني إسرائيل وهو حجر خفيف مربع كرأس الرجل رخام أو كذان وبرأه الله تعالى به عما رموه به من الأدرة وهي بضمّ الهمزة كبر الأنثيين فلما وقف أتاه جبريل عليه الصلاة والسلام فقال: إنّ الله تعالى يقول: ارفع هذا الحجر فلي فيه قدرة ولك فيه معجزة أو للجنس.
قال البيضاويّ: وهذا أظهر في الحجة ويدل له قول وهب: لم يكن حجراً معيناً بل كان موسى يضرب أي حجر كان فينفجر عيوناً لكل سبط عين ثم تسيل كل عين في جدول إلى السبط الذي أمر أن يسقيهم وكان بنو إسرائيل اثني عشر سبطاً ولكن لما قالوا: كيف بنا لو أفضينا إلى أرض لا حجارة فيها حمل حجراً في مخلاته وكان يضربه بعصاه إذا نزل فينفجر ويضربه بها إذا ارتحل فييبس فقالوا: إن فقد موسى عصاه متنا عطشاً فأوحى الله تعالى إليه لا تقرع
الكفار يستعجلون نزول العذاب فذكر تعالى قصة نوح في بيان أنّ قومه كانوا يكذبونه بسبب أنّ العذاب ما كان يظهر ثم في العاقبة ظهر فكذا في واقعة محمد ﷺ وفي هذه السورة ذكرت لأجل أنّ الكفار كانوا يبالغون في الإيحاش فذكرها الله تعالى لبيان أنّ إقدام الكفار على الإيذاء والإيحاش كان
حاصلاً في زمان
نوح عليه السلام، فلما صبر فاز وظفر، فكن يا محمد كذلك لتنال المقصود، ولما كان وجه الانتفاع بهذه القصة في كل سورة من وجه آخر لم يكن تكريرها خالياً عن الحكمة والفائدة.
القصة الثانية: من القصص التي ذكرها الله تعالى في هذه السورة قصة هود عليه السلام المذكورة في قوله تعالى:
﴿س١١ش٥٠/ش٥٥ وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا؟ قَالَ يَاقَوْمِ اعْبُدُوا؟ اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ اله غَيْرُهُ؟؟؟ إِنْ أَنتُمْ إِs مُفْتَرُونَ * يَاقَوْمِ ؟ أَسْـ؟َلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا؟ إِنْ أَجْرِىَ إِs عَلَى الَّذِى فَطَرَنِى؟؟ أَفَ تَعْقِلُونَ * وَيَاقَوْمِ اسْتَغْفِرُوا؟ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُو؟ا؟ إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَآءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَتَتَوَلَّوْا؟ مُجْرِمِينَ * قَالُوا؟ يَاهُودُ مَا جِئْتَنَا بِبَيِّنَةٍ وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِى؟ ءَالِهَتِنَا عَن قَوْلِكَ وَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ * إِن نَّقُولُ إِs اعْتَرَ؟ـاكَ بَعْضُءَالِهَتِنَا بِسُو؟ءٍ؟ قَالَ إِنِّى؟ أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُو؟ا؟ أَنِّى بَرِى؟ءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ * مِن دُونِهِ؟؟ فَكِيدُونِى جَمِيعًا ثُمَّ تُنظِرُونِ﴾
﴿وإلى عاد﴾ أي: وأرسلنا إلى عاد ﴿أخاهم﴾ فهو معطوف على قوله تعالى نوحاً، وقوله تعالى: ﴿هوداً﴾ عطف بيان ومعلوم أنّ تلك الأخوة ما كانت في الدين، وإنما كانت في النسب لأنّ هوداً كان رجلاً من قبيلة عاد قبيلة من العرب كانوا بناحية اليمن. فإن قيل: إنه تعالى قال في ابن نوح إنه ليس من أهلك فبيّن أنّ قرابة النسب لا تفيد إذا لم تحصل قرابة الدين، وهنا أثبت هذه الأخوة مع الاختلاف في الدين؟ أجيب: بأنّ قوم محمد ﷺ كانوا يستبعدون أن يكون رسولاً من عند الله تعالى مع أنه واحد من قبيلتهم، فذكر الله تعالى أنّ هوداً كان واحداً من عاد، وأنّ صالحاً كان واحداً من ثمود لإزالة هذا الاستبعاد، ولما تقدّم أمر نوح عليه السلام مع قومه استشرف السامع إلى معرفة ما قال هود عليه السلام هل هو مثل قوله أولاً؟ فاستأنف الجواب بقوله: ﴿قال يا قوم اعبدوا الله﴾ أي: وحدوه ولا تشركوا معه شيئاً في العبادة. ﴿ما لكم من إله غيره﴾ أي: هو إلهكم؛ لأنّ هذه الأصنام التي تعبدونها حجارة لا تضر ولا تنفع. فإن قيل: كيف دعاهم إلى عبادة الله تعالى قبل إقامة الدليل على ثبوت الإله؟ أجيب: بأنّ دلائل وجود الله تعالى ظاهرة وهي دلائل الآفاق والأنفس وقلما يوجد في الدنيا طائفة ينكرون وجود الإله، ولذلك قال تعالى في صفة الكفار: ﴿ولئن سألتهم من خلق السموات والأرض ليقولنّ الله﴾ (لقمان، ٢٥). وقرأ الكسائي بكسر الراء والهاء صفة على اللفظ والباقون بالرفع صفة على محل الجار والمجرور ومن زائدة ﴿إن أنتم إلا مفترون﴾ أي: كاذبون في عبادتكم غيره. وكرر قوله:
﴿يا قوم﴾ للاستعطاف، وقوله: ﴿لا أسألكم عليه أجراً إن أجري إلا على الذي فطرني﴾ أي: خلقني، خاطب به كل رسول قومه إزالة للتهمة وتمحيضاً للنصيحة فإنها لا تنجع ما دامت مشوبة بالمطامع ﴿أفلا تعقلون﴾ أي: افلا تستعملون عقولكم فتعرفوا المحق من المبطل والصواب من الخطأ فتتعظون. ثم قال:
﴿ويا قوم﴾ أيضاً لما ذكر ﴿استغفروا ربكم﴾ أي: آمنوا به ﴿ثم توبوا إليه﴾ من عبادة غيره؛ لأنّ التوبة لا تصح إلا بعد الإيمان ﴿يرسل السماء﴾ أي: المطر ﴿عليكم مدراراً﴾ أي: كثير الدر ﴿ويزدكم قوّة إلى قوّتكم﴾ أي: ويضاعف قوّتكم، وإنما رغبهم بكثرة المطر وزيادة القوّة؛ لأنّ القوم كانوا أصحاب زرع وبساتين وعمارات حراصاً عليها أشدّ الحرص، فكانوا أحوج شيء إلى الماء، وكانوا مذلين غيرهم بما أوتوا من شدّة القوّة والبطش والبأس والنجدة، مهابين في كل ناحية، وقيل: أراد القوّة في المال. وقيل: القوة على النكاح. وقيل: حبس عنهم المطر ثلاث سنين وعقمت أرحام نسائهم. وعن الحسن بن علي رضي الله تعالى عنهما أنه
أي: صدّها ما كانت تعبد عن الإسلام أي: صدّها عبادة الشمس عن التوحيد وقوله تعالى: ﴿إنها كانت من قوم كافرين﴾ استئناف أخبر الله تعالى أنها كانت من قوم يعبدون الشمس، فنشأت بينهم ولم تعرف العبادة ولم تعرف إلا عبادة الشمس، ولما تم ذلك فكأنه قيل: هل كان بعد ذلك اختبار فقيل نعم.
﴿قيل لها﴾ أي: قائل من جنود سليمان عليه السلام فلم يمكنها المخالفة ﴿ادخلي الصرح﴾ وهو سطح من زجاج أبيض شفاف تحته ماء جار فيه سمك اصطنعه سليمان، ولما قالت له الشياطين إنّ رجليها كحافر الحمار وهي شعراء الساقين، فأراد أن ينظر إلى ساقيها من غير أن يسألها كشفهما، وقيل الصرح صحن الدار أجرى تحته الماء وألقى فيه كل شيء من دواب البحر السمك والضفادع وغيرهما ثم وضع سريره في صدره وجلس عليه وعكف عليه الطير والجنّ والأنس، وقيل: اتخذ صحناً من قوارير وجعل تحتها تماثيل من الحيتان والضفادع فكان الواحد إذا رآه ظنه ماء ﴿فلما رأته حسبته لجة﴾ وهي معظم الماء ﴿وكشفت عن ساقيها﴾ لتخوضه فنظر إليها سليمان فرآها أحسن الناس ساقاً وقدماً إلا أنها كانت شعراء الساقين فلما رأى سليمان ذلك صرف نظره عنها، وناداها بأن.
﴿قال﴾ لها ﴿إنه﴾ أي: هذا الذي ظننته ماء ﴿صرح ممرد﴾ أي: مملس ومنه الأمرد لملاسة وجهه من الشعر ﴿من﴾ أي: كائن من ﴿قوارير﴾ أي: زجاج وليس بماء، ثم إنّ سليمان دعاها إلى الإسلام وكانت قد رأت حال العرش والصرح فأجابت بأن ﴿قالت رب﴾ أي: أيها المحسن إليّ ﴿إني ظلمت نفسي﴾ أي: بما كنت فيه من العمى بعبادة غيرك عن عبادتك ﴿وأسلمت مع سليمان لله﴾ أي: مقرّة له بالألوهية والربوبية على سبيل الوحدانية، ثم رجعت إشارة للعجز عن معرفة الذات حق المعرفة إلى الأفعال التي هي بحر المعرفة فقالت ﴿رب العالمين﴾ فعممت بعد أن خصت إشارة إلى الترقي من حضيض دركات العمى إلى أوج درجات الهدى، وقيل: إنها لما بلغت الصرح وظنته لجة قالت في نفسها إنّ سليمان يريد أن يغرقني وكان القتل أهون من هذا، فقولها ظلمت نفسي أي: بذلك الظنّ.
واختلفوا في أمرها بعد إسلامها هل تزّوجها سليمان عليه السلام؟ فالذي عليه أكثر المفسرين فيما رأيت أنه تزوّج بها وكره ما رأى من شعر ساقيها فسأل الإنس ما يذهب هذا فقالوا الموس فقالت المرأة لا تمسني حديدة قط، فسأل الجنّ فقالوا لا ندري، فسأل الشياطين فقالوا إنا نحتال لك حتى تكون كالفضة البيضاء فاتخذوا النورة والحمام فكانت النورة والحمامات من يومئذ، فلما تزوّجها سليمان أحبها حباً شديداً وأقرّها على ملكها وأمر الجنّ فابتنوا لها بأرض اليمن ثلاثة حصون لم ير الناس مثلها وارتفاعاً وحسناً، قال الطيبي سلحين ومؤمنة باليمن وغمدان قال في النهاية هم بضم الغين وسكون الميم البناء العظيم، وكان يزورها في الشهر مرّة ويقيم عندها ثلاثة أيام وولدت له وقيل: إنها لما أسلمت قال لها سليمان اختاري رجلاً من قومك أن أزوجك له قالت ومثلي يا نبيّ الله ينكح الرجال وقد كان لي في قومي من الملك والسلطان ما كان، قال نعم إنه لا يكون في الإسلام إلا ذلك، ولا ينبغي لك أن تحرّمي ما أحل الله، فقالت إن كان ولا بدّ فزوّجني ذا تبع ملك همدان فزوّجه بها ثم ردّها إلى اليمن وسلطن زوجها ذا تبع على اليمن وأمر زوبعة أمير جنّ
وأطلقهم بلا فداء. ﴿والله﴾ أي: المحيط بجميع صفات الكمال ﴿غفور﴾ أي: ستور ذنب من تاب من جهله ﴿رحيم﴾ أي: يعاملهم معاملة الراحم، فيسبغ عليهم نعمه. وقال قتادة: «نزلت في ناس من أعراب تميم جاءوا إلى النبيّ ﷺ فنادوا على الباب اخرج إلينا يا محمد فإن مدحنا زين وذمّنا شين فخرج إليهم رسول الله ﷺ وهو يقول: إنما ذلكم الله الذي مدحه زين وذمه شين.
فقالوا: نحن ناس من بني تميم جئنا بشاعرنا وخطيبنا نشاعرك ونفاخرك.
فقال رسول الله ﷺ ما بالشعر بعثت ولا بالفخار أمرت ولكن هاتوا. فقام شاب منهم فذكر فضله وفضل قومه فقال رسول الله ﷺ لثابت بن قيس بن شماس وكان خطيب النبيّ ﷺ قم فأجبه فأجابه. وقام شاعر فذكر أبياتاً فقال رسول الله ﷺ لحسان بن ثابت: أجبه فأجابه. فقام الأقرع بن حابس فقال: إنّ محمداً المولى تكلم خطيبنا فكان خطيبهم أحسن قولاً وتكلم شاعرنا فكان شاعرهم أشعر وأحسن قولاً ثم دنا من رسول الله ﷺ فقال: أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله.
فقال رسول الله ﷺ ما يضرّك ما كان من قبل هذا ثم أعطاهم رسول الله ﷺ وكساهم، وكان قد تخلف في ركابهم عمرو بن الأهيم لحداثة سنه فأعطاه رسول الله ﷺ مثل ما أعطاهم فأزرى به بعضهم وارتفعت الأصوات وكثر اللغط عند رسول الله ﷺ فنزل فيهم ﴿يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبيّ﴾ الآيات الأربع إلى قوله تعالى: ﴿غفور رحيم﴾ وقال زيد بن أرقم جاء ناس من العرب إلى رسول الله ﷺ فقال بعضهم لبعض: انطلقوا بنا إلى هذا الرجل فإن يكن نبياً فنحن أسعد الناس به، وإن يكن ملكاً نعش في جناحه. فجاؤوا فجعلوا ينادون من وراء الحجرات يا محمد. فأنزل الله تعالى ﴿إنّ الذين ينادونك﴾ الآية وقيل: المراد بأكثرهم كلهم. لأنّ العرب تذكر الأكثر وتريد الكل احتراز عن الكذب واحتياطاً في الكلام. لأنّ الكل ما لا يحيط به علم الإنسان في بعض الأشياء فيقول الأكثر وفي اعتقاده الكل.
ثم إنّ الله تعالى مع إحاطة علمه بالأمور أتى بما يناسب كلامهم وفيه إشارة إلى لطيفة، وهي أنّ الله تعالى يقول مع إحاطة علمي بكل شيء جريت على عادتكم استحساناً لتلك العادة، وهي الاحتراز عن الكذب فلا تتركوها واجعلوا اختياري ذلك في كلامي دليلاً قاطعاً على رضاي بذلك منكم.
تنبيه: جعل الزمخشري أنهم من ولو أنهم فاعلاً بفعل مقدر أي ولو ثبت صبرهم وجعل اسم كان ضميراً عائداً على هذا الفاعل. ولكن مذهب سيبويه أنها في محل رفع بالابتداء وحينئذ يكون اسم كان ضميراً عائداً على صبرهم المفهوم وجرى على الأوّل البيضاوي، وعلى الثاني الجلال المحلى واختلف في سبب نزول قوله تعالى:
﴿يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم﴾ أي: في وقت من الأوقات ﴿فاسق﴾ أي: خارج من ربقة الديانة ﴿بنبأ﴾ أي: خبر يعظم خطبه فيثير شرّاً ﴿فتبينوا﴾ صدقه من كذبه. فقال أكثر المفسرين: نزلت في الوليد بن عقبة بن أبي معيط، وهو أخو عثمان لأمه. «وذلك أنّ النبيّ ﷺ بعثه إلى بني المصطلق بعد الوقعة والياً ومصدقاً أي يأخذ منهم الصدقة وكان بينه