﴿ما آتيناكم﴾ من الكتاب ﴿بقوّة﴾ بجدّ وعزيمة ﴿واذكروا ما فيه﴾ بالعمل فيه أو تفكروا فيه فإنه تذكر بالقلب كما أنّ الدرس ذكره باللسان أو ادرسوه ولا تنسوه ﴿لعلكم تتقون﴾ لكي تتقوا النار أو المعاصي.
﴿ثم توليتم﴾ أعرضتم عن الوفاء بالميثاق ﴿من بعد ذلك﴾ أي: بعد أخذه ﴿فلولا فضل الله عليكم ورحمته﴾ أي: بتوفيقكم للتوبة أو بالإمهال وتأخير العذاب عنكم أو بإرسال محمد ﷺ يدعوكم إلى الحق ويهديكم إليه ﴿لكنتم من الخاسرين﴾ أي: من المغبونين بالانهماك في المعاصي أو بالعقوبة وذهاب الدنيا والآخرة.
تنبيه: لو في الأصل لامتناع الشيء لامتناع غيره فإذا دخل على لا أفاد إثباتاً أو هو امتناع الشيء لثبوت غيره والاسم الواقع بعده عند سيببويه مبتدأ خبره واجب الحذف لدلالة الكلام عليه وسد الجواب مسدّه وعند الكوفيين فاعل فعل محذوف.
﴿ولقد علمتم﴾ اللام موطئة للقسم أي: عرفتم ﴿الذين اعتدوا﴾ تجاوزوا الحدّ ﴿منكم في السبت﴾ بصيد السمك وذلك أنهم كانوا زمن داود عليه الصلاة والسلام بأرض يقال لها إيلة حرم الله تعالى عليهم صيد السمك يوم السبت فكان إذا دخل السبت لم يبق حوت في البحر إلا حضر هناك وأخرج خرطومه حتى لا يرى الماء من كثرتها فإذا مضى تفرّقت ولزمت قعر البحر فذلك قوله تعالى: ﴿إذ تأتيهم حيتانهم يوم سبتهم شرعا ويوم لا يسبتون لا تأتيهم كذلك نبلوهم بما كانوا يفسقون﴾ (الأعراف، ١٦٣) ثم إنّ الشيطان وسوس إليهم وقال: إنما نهيتم عن أخذها يوم السبت فعمد رجال فحفروا الحياض حول البحر وشرعوا منه إليها الأنهار فإذا كان عشية الجمعة فتحوا تلك الأنهار فأقبل الموج بالحيتان إلى الحياض فلا تقدر على الخروج لبعد عمقها وقلة مائها فإذا كان يوم الأحد أخذوها فذلك الحبس في الحياض هو اعتداؤهم ففعلوا ذلك زماناً ولم تنزل عليهم عقوبة فتجرؤوا على الذنب وقالوا: ما نرى السبت إلا قد أحل لنا فأكلوا وملحوا وباعوا فلما فعلوا ذلك صار أهل القرية وكانوا نحواً من سبعين ألفاً ثلاثة أصناف: صنف أمسك ونهى، وصنف أمسك ولم ينه، وصنف انتهك الحرمة، وكان الناهون اثني عشر ألفاً فلما أبى المجرمون قبول نصحهم قالوا: والله لا نساكنكم في قرية واحدة فقسموا القرية بجدار ﴿فقلنا لهم﴾ لإصرارهم على المعصية ﴿كونوا قردة خاسئين﴾ أي: مبعدين فخرج الناهون ذات يوم من بابهم ولم يخرج من المجرمين أحد ولم يفتحوا بابهم فلما أبطؤوا تسوروا على الحائط فإذا هم جميعاً قردة لها أذناب يتعاوون، قال قتادة: صار الشبان قردة والشيوخ خنازير فمكثوا ثلاثة أيام ثم هلكوا ولم يمكث ممسوخ فوق ثلاثة أيام ولم يتوالدوا، وقال مجاهد: ما مسخت صورتهم ولكن قلوبهم فمثلوا بالقردة كما مثلوا بالحمار كما في قوله تعالى: ﴿كمثل الحمار يحمل أسفاراً﴾ (الجمعة، ٥) رواه عنه ابن جرير وردّه وقال: إنه مخالف لظاهر القرآن
والأحاديث والآثار وإجماع المفسرين وقوله تعالى: ﴿كونوا﴾ ليس بأمر إذ لا قدرة لهم عليه وإنما المراد به سرعة التكوين وإنهم صاروا كذلك كما أراد بهم.l
﴿فجعلناها﴾ أي: تلك العقوبة ﴿نكالاً﴾ أي: عبرة تنكل المعتبر بها أي: تمنعه من ارتكاب مثل ما عملوا ومنه النكول عن اليمين وهو الامتناع ﴿لما بين يديها وما خلفها﴾ أي: للأمم التي في زمانها وبعدها أو لما بحضرتها من القرى وما تباعد
النفس بمجيء الخير على جهة الظنّ، ونظيره الأمل والطمع، والنهي: المنع من الفعل بصيغة لا تفعل. وقولهم هذا مبالغة في تزييف كلامه ﴿قال﴾ صالح عليه السلام مجيباً لهم ﴿يا قوم أرأيتم﴾، أي: أخبروني ﴿إن كنت على بيّنة﴾، أي: بيان وبصيرة ﴿من ربي﴾ وأتى بحرف الشك على سبيل الجزم ليلائم الخطاب حال المخاطبين ﴿وآتاني منه رحمة﴾، أي: نبوّة ورسالة ﴿فمن ينصرني﴾، أي: يمنعني ﴿من الله﴾، أي: عذابه ﴿إن عصيته﴾، أي: إن خالفت أمره في تبليغ رسالته والمنع عن الإشراك به ﴿فما تزيدونني﴾، أي: بأمركم لي بذلك ﴿غير تخسير﴾، أي: غير تضليل. قال الحسن بن الفضل: لم يكن صالح في خسارة حتى يقول فما تزيدونني غير تخسير، وإنما المعنى فما تزيدونني بما تقولون إلا نسبتي إياكم
إلى الخسارة. ولما كانت العادة فيمن يدعي النبوّة عند قوم يعبدون الأصنام أن يطلبوا المعجزة وأمر صالح عليه السلام. هكذا كان يروى أن قومه خرجوا في عيد لهم فسألوه أن يأتيهم بآية وأن يخرج لهم من صخرة معينة أشاروا إليها ناقة، فدعا ربه فخرجت كما سألوا. أشار إليها بقوله: ﴿ويا قوم هذه ناقة الله﴾ وإضافتها إلى الله إضافة تشريف كبيت الله ﴿لكم آية﴾، أي: معجزة من وجوه: أحدها: أنه خلقها الله تعالى من الصخرة. ثانيها: أنه تعالى خلقها في جوف الجبل ثم شق الجبل عنها. ثالثها: أنه تعالى خلقها حاملاً من غير ذكر ثم ولدت فصيلاً يشبهها. رابعها: أنه تعالى خلقها على تلك الصورة دفعة واحدة. خامسها: ما روي أنه كان لها شرب يوم ولكل القوم شرب يوم آخر. سادسها: أنه كان يحصل منها لبن كثير فيكفي الخلق العظيم به، فكل واحد من هذه الوجوه معجز قويّ، وليس في القرآن إلا أنّ هذه الناقة كانت آية معجزة، وأمّا بيان أنها كانت آية معجزة من أي الوجوه فليس فيه بيانه.
تنبيه: آية نصب على الحال وعاملها معنى الإشارة ولكن حال منها تقدّمت عليها لتنكيرها ولو تأخرت لكانت صفة لها فلما تقدّمت انتصبت على الحال ثم قال لهم: ﴿فذروها﴾، أي: اتركوها على، أي: حالة كان ترككم لها ﴿تأكل﴾ مما أرادت ﴿في أرض الله﴾ من العشب والنبات فليس عليكم مؤنتها فصارت مع كونها آية لهم تنفعهم ولا تضرّهم؛ لأنهم كانوا ينتفعون بلبنها ثم إنه عليه السلام خاف عليها منهم لما شاهد من إصرارهم على الكفر فإنّ الخصم لا يحب ظهور حجة خصمه بل يسعى في إخفائها وإبطالها بأقصى الإمكان، فلهذا السبب كان يخاف من إقدامهم على قتلها فلهذا احتاط وقال: ﴿ولا تمسوها بسوء﴾، أي: بعقر أو غيره ثم توعدهم بقوله: ﴿فيأخذكم﴾ إن مسستموها بسوء ﴿عذاب قريب﴾، أي: في الدنيا لا يتأخر عن مسكم لها إلا يسيراً وذلك تحذير شديد لهم في الإقدام على قتلها فخالفوه.
﴿فعقروها﴾ وذبحوها ﴿فقال﴾ لهم عند بلوغه الخبر ﴿تمتعوا﴾، أي: عيشوا ﴿في داركم﴾ والتمتع التلذذ بالمنافع والملاذ التي تدرك بالحواس وذلك لا يحصل إلا للحي. وفي المراد من الدار وجهان: أحدهما: البلد وتسمى البلد الديار لأنه يدار فيها، أي: يتصرّف فيها، يُقال ديار بكر لبلادهم. الثاني: دار الدنيا، أي: تمتعوا في الدنيا ﴿ثلاثة أيام﴾ وذلك أنهم لما عقروا الناقة أنذرهم صالح عليه الصلاة والسلام بنزول العقاب بعد هذه المدّة قال ابن عباس: إنه تعالى لما أمهلهم تلك الأيام الثلاثة فقد رغبهم في الإيمان ثم قالوا لصالح عليه السلام وما علامة ذلك؟ قال: تصير وجوهكم في اليوم الأول مصفرة وفي
وهو إما منصوب عطفاً على صالح، أي: وأرسلنا لوطاً، وإما عطفاً على الذين آمنوا أي: وأنجينا لوطاً، وإما باذكر مضمرة ويبدل منه على هذا.
﴿إذ﴾ أي: حين ﴿قال لقومه﴾ أي: الذين كان سكن فيهم لما فارق عمه إبراهيم الخليل عليهما السلام وصاهرهم وكانوا يأتون الأحداث منكراً موبخاً ﴿أتأتون الفاحشة﴾ أي: الفعلة المتناهية في الفحش ﴿وأنتم تبصرون﴾ من بصر القلب، أي: تعلمون فحشها واقتراف القبائح من العالم بقبحها أقبح، أو يبصرها بعضكم من بعض لأنهم كانوا في ناديهم يرتكبونها معلنين لا يستتر بعضهم من بعض خلاعة ومجانة وانهماكاً في المعصية، قال الزمخشري وكان أبا نواس بنى على مذهبهم قوله:

*وبح باسم ما تأتي وذرني من الكنى فلا خير في اللذات من دونها ستر*
أو تبصرون آثار العصاة قبلكم وما نزل بهم، فإن قيل: إذا فسر تبصرون بالعلم وبعده بل أنتم قوم تجهلون فكيف يكونون علماء جهلاء؟.
أجيب: بأنهم يفعلون فعل الجاهلين بأنها فاحشة مع علمهم بذلك أو يجهلون العاقبة، أو أنّ المراد بالجهل السفاهة والمجانة التي كانوا عليها، ثم عين ما أبهمه بقوله.
﴿أئنكم لتأتون﴾ وقال ﴿الرجال﴾ إشارة إلى أنّ فعلتهم هذه مما يعني الوصف ولا يبلغ كنه قبحها ولا يصدّق ذو عقل أنّ أحداً يفعلها، ثم علل ذلك بقوله ﴿شهوة﴾ إنزالاً لهم إلى رتبة البهائم التي ليس فيها قصد ولد ولا إعفاف، وقال ﴿من دون النساء﴾ إشارة إلى أنهم أساؤوا من الطرفين في الفعل والترك، وقوله: ﴿بل أنتم قوم تجهلون﴾ تقدّم في جواب تبصرون تفسيره، فإن قيل: تجهلون صفة لقوم والموصوف لفظه لفظ الغائب فهلا طابقت الصفة الموصوف؟ أجيب: بأنه قد اجتمعت الغيبة والمخاطبة فغلبت المخاطبة لأنها أقوى وأرسخ أصلاً من الغيبة، وقرأ أئنكم نافع وابن كثير وأبو عمرو بتسهيل الهمزة الثانية المكسورة كالياء، وحققها الباقون، وأدخل بينهما قالون وأبو عمرو ألفاً، وهشام بخلاف عنه، لما بين تعالى بجهلهم بين أنهم أجابوا بما لا يصلح أن يكون جواباً بقوله تعالى:
﴿فما كان جواب قومه﴾ أي: لهذا الكلام الحسن لما لم يكن لهم حجة ولا شبهة في دفعه ﴿إلا أن قالوا﴾ عدولاً إلى المغلابة وتمادياً في الخبث ﴿أخرجوا آل لوط﴾ أي: أهله وقولوا ﴿من قريتكم﴾ مناً عليه بإسكانه عندهم، وعللوا ذلك بقولهم ﴿إنهم أناس يتطهرون﴾ أي: يتنزهون عن القاذورات كلها فينكرون هذا العمل القذر ويغيظنا إنكارهم، وعن ابن عباس: هو استهزاء أي: قالوه تهكماً بهم، ولما وصولوا في الخبث إلى هذا الحدّ سبب سبحانه وتعالى عن قولهم وفعلهم قوله تعالى:
﴿فأنجيناه وأهله﴾ أي: كلهم من أن يصلوا إليهم بأذى ويلحقهم من عذابنا ﴿إلا امرأته قدرناها﴾ أي: قضينا عليها وجعلناها بتقديرنا ﴿من الغابرين﴾ أي: الباقين في العذاب، وقرأ شعبة بتخفيف الدال والباقون بالتشديد.
﴿وأمطرنا عليهم مطراً﴾ هو حجارة السجيل، أي: أهلكتهم ولذلك تسبب عنه قوله ﴿فساء﴾ أي: فبئس ﴿مطر المنذرين﴾ بالعذاب مطرهم.
ولما أتم سبحانه وتعالى هذه القصص الدالة على كمال قدرته وعظيم شأنه وما خص به رسله من الآيات والانتصار من البعداء أمر نبيه ﷺ أن يحمده على هلاك الأمم الخالية بقوله.
﴿قل﴾ يا أفضل الخلق.
﴿الحمد﴾
البغي عن أهل الجمل وصفين أمشركون. فقال: لا من الشرك فرّوا فقيل: أمنافقون هم فقال: لا إنّ المنافقين لا يذكرون الله إلا قليلاً. قيل: فما حالهم قال: إخواننا بغوا علينا.
والباغي في الشرع هو الخارج عن الإمام العدل بتأويل محتمل وشوكة لهم ومطاع تحصل به قوّة الشوكة، وإن لم يكن لهم إمام والحكم فيهم أن يبعث إليهم الإمام أميناً فطناً ناصحاً ينصحهم ما ينقمون فإن ذكروا مظلمة أو شبهة أزالها وإن أصروا نصحهم ثم أعلمهم بالقتال، فإن استمهلوا اجتهد وفعل ما رآه صواباً.
والحكم في قتالهم أن لا يتبع مدبرهم ولا يقتل أسيرهم ويرد سلاحهم وخيلهم إليهم إذا انقضت الحرب وأمنت عائلتهم ولا يستعمل في قتال إلا لضرورة ولا يقاتلون بعظيم كنار ومنجنيق إلا لضرورة، ولو أقاموا حدّ أو أخذوا زكاة وجزية وخراجاً وفرّقوا أسهم المرتزقة على جندهم صح ما فعلوه، وما أتلفه باغ على عادل وعكسه إن كان بسبب قتال فلا ضمان على واحد منهما، وإلا فعلى المتلف الضمان. قال ابن سهل: كانت في تلك الفتنة دماء يغرق في بعضها القاتل والمقتول وأتلف فيها أموال ثم صار الناس إلى أن سكنت الحرب بينهم وجرى الحكم عليهم فما رأيته اقتص من أحد ولا أغرم مالاً أتلفه ولو أظهر قوم رأي الخوارج كترك الجماعات وتكفير ذي كبيرة ولم يقاتلوا فلا نتعرّض لهم.
روي أنّ علياً سمع رجلاً يقول في ناحية المسجد. لا حكم إلا لله تعالى. فقال عليّ رضي الله عنه: كلمة حق أريد بها باطل لكم علينا ثلاثة لا نمنعكم مساجد الله أن تذكروا فيها اسم الله ولا نمنعكم الفيء ما دام أيديكم مع أيدينا ولا نبدئكم بقتال فإن قاتلوا فحكمهم حكم قطاع الطريق، وتفريعات أحكام البغاة مذكورة في الفقه. وفي هذا القدر كفاية.
واختلف في سبب نزول قوله تعالى:
﴿يا أيها الذين آمنوا﴾ أي: أوقعوا الإقرار بالتصديق ﴿لا يسخر﴾ أي: لا يهزأ والسخرية: هي أن لا ينظر الإنسان إلى أخيه بعين الإجلال ولا يلتفت إليه ويسقطه عن درجته ﴿قوم﴾ أي: ناس فيهم قوة المحاولة وهم الرجال وفي التعبير بذلك تنبيه على قيام الإنسان على نفسه وكفها عما تريده من النقائص منكراً لما أعطاه الله تعالى من القوّة ﴿من قوم﴾ أي: من رجال، فإنّ ذلك يوجب الشرّ لأنّ أضعف الناس إذا استهزئ به قوي لما يثور عنده من حظ النفس.
فقال ابن عباس: «نزلت في ثابت بن قيس كان في أذنه وقر أي ثقل فكان إذا أتى رسول الله ﷺ وقد سبقوه بالمجلس أوسعوا له حتى يجلس إلى جنبه فيسمع ما يقول فأقبل ذات يوم وقد فاتته ركعة من صلاة الفجر فلما انصرف النبيّ ﷺ من الصلاة أخذ أصحابه مجالسهم فضنّ أي بخل كل رجل منهم بمجلسه فلا يكاد يوسع أحد لأحد فكان الرجل إذا جاء فلم يجد مجلساً قام قائماً فلما فرغ ثابت من صلاته أقبل نحو رسول الله ﷺ يتخطى رقاب الناس ويقول تفسحوا تفسحوا فجعلوا يتفسحون حتى انتهى لرسول الله ﷺ وبينه وبينه رجل فقال له: تفسح فقال الرجل: قد أصبت مجلساً فاجلس. فجلس ثابت خلفه مغضباً فلما انجلت الظلمة غمز ثابت الرجل فقال: من هذا. فقال له: أنا فلان فقال له ثابت: ابن فلانة ذكر أمّاً له كان يعير بها في الجاهلية فنكس الرجل رأسه فاستحيا فأنزل الله تعالى هذه الآية».
وقال الضحاك نزلت في وفد تميم كانوا يستهزئون


الصفحة التالية
Icon