وذلك غضب الله تعالى وعلى القول بأنهما رجلان فلا يعلمانه حتى يقولا له: إنا مفتونان فلا تكن مثلنا ﴿فيتعلمون منهما﴾ الضمير لما دل عليه من أحد أي: فيتعلم الناس من الملكين ﴿ما﴾ أي: سحراً ﴿يفرّقون به بين المرء وزوجه﴾ بأن يبغض كلاً منهما في الآخر بسبب حيلة أو تمويه كالنفث في العقد ونحو ذلك مما يحدث الله تعالى عنده الفراق ابتلاءً منه لا أنّ السحر له أثر في نفسه بدليل قوله تعالى: ﴿وما هم﴾ أي: السحرة ﴿بضارّين به﴾ أي: السحر ﴿من أحد﴾ أي: أحداً ومن صلة ﴿إلا بأذن الله﴾ أي: إرادته؛ لأنّ الأسباب غير مؤثرة بالذات بل بإرادته تعالى: ﴿ويتعلّمون ما يضرّهم﴾ في الآخرة ﴿ولا ينفعهم﴾ وهو السحر؛ لأنهم يقصدون به العمل أو لأنّ العلم يجرّ إلى العمل غالباً ﴿ولقد﴾ اللام لام القسم ﴿علموا﴾ أي: اليهود ﴿لمن﴾ اللام لام الابتداء علقت علموا عن العمل ومن موصولة ﴿اشتراه﴾ أي: استبدل ما
تتلوا الشياطين بكتاب الله تعالى ﴿ما له في الآخرة من خلاق﴾ أي: نصيب في الجنة ﴿ولبئس ما﴾ أي: شيئاً ﴿شروا﴾ أي: باعوا ﴿به أنفسهم﴾ أي: الشارين أي: حظها من الآخرة أن يتعلموه حيث أوجب لهم النار ﴿لو كانوا يعلمون﴾ حقيقة ما يصيرون إليه من العذاب ما تعلموه.
وقيل: معناه لو كانوا يعملون بعلمهم فإنّ من لم يعمل بما علم كان كمن لم يعلم.
﴿س٢ش١٠٣/ش١٠٥ وَلَوْ أَنَّهُمْءَامَنُوا؟ وَاتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِّنْ عِندِ اللَّهِ خَيْرٌ؟ لَّوْ كَانُوا؟ يَعْلَمُونَ * يَا؟أَيُّهَا الَّذِينَءَامَنُوا؟ تَقُولُوا؟ رَاعِنَا وَقُولُوا؟ انظُرْنَا وَاسْمَعُوا؟؟ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ * مَّا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا؟ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ أَن يُنَزَّلَ عَلَيْكُم مِّنْ خَيْرٍ مِّن رَّبِّكُمْ؟ وَاللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ؟ مَن يَشَآءُ؟ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ﴾
﴿ولو أنهم﴾ أي: اليهود ﴿آمنوا﴾ بالنبيّ والقرآن ﴿واتقوا﴾ عقاب الله بترك معاصيه كنبذ كتاب الله تعالى واتباع السحر وجواب لو محذوف أي: لأثيبوا دلّ عليه ﴿لمثوبة﴾ أي: ثواب وهو مبتدأ واللام فيه للقسم وقوله تعالى: ﴿من عند الله خير﴾ خبره أي: خير مما اشتروا به أنفسهم ﴿لو كانوا يعلمون﴾ أنّ ثواب الله تعالى خير لما آثروه عليه فجهلهم الله تعالى لترك التدبر والعمل بالعلم.
﴿يأيها الذين آمنوا لا تقولوا﴾ للنبيّ ﷺ ﴿راعنا﴾ أمر من المراعاة و «كانوا يقولون ذلك للنبيّ ﷺ فلما سمع اليهود هذه اللفظة من المسلمين وكانت كلمة يتسابون بها عبرانية أو سريانية وهو راعنا قالوا فيما بينهم: كنا نسب محمداً سراً فأعلنوا به الآن فكانوا يأتون ويقولون: يا محمد راعنا وهم يعنون به تلك المسبة ويضحكون فيما بينهم فسمعها سعد بن معاذ ففطن لها وكان يعرف لغتهم فقال لليهود: يا أعداء الله عليكم لعنة الله والذي نفسي بيده لئن سمعتها من أحد منكم يقولها لرسول الله ﷺ لأضربنّ عنقه فقالوا: أولستم تقولونها فأنزل الله تعالى النهي عن ذلك لكي لا يجد اليهود بذلك سبيلاً إلى شتم رسول الله ﷺ وأمروا بما هو في معناها وهو قوله تعالى: ﴿وقولوا انظرنا﴾ » أي: انظر إلينا وقيل: اسمع منا قاله مجاهد وقيل: لا تعجل علينا قاله ابن زيد ﴿واسمعوا﴾ ما تؤمرون به سماع قبول لا كسماع اليهود حيث قالوا: سمعنا وعصينا أو واسمعوا ما أمرتم به بجدّ حتى لا ترجعوا إلى ما نهيتم عنه من قولكم: راعنا ﴿وللكافرين﴾ أي: الذين تهاونوا برسول الله ﷺ وسبوه ﴿عذاب أليم﴾ أي: مؤلم وهو النار.
ونزل في تكذيب جمع من اليهود يظهرون مودّة المؤمنين ويزعمون أنهم يودّون لهم الخير.
﴿ما يودّ الذين كفروا من أهل الكتاب﴾ وقوله تعالى: ﴿ولا المشركين﴾ أي: من العرب عطف على أهل الكتاب ومن للبيان؛ لأنّ الذين كفروا جنس تحته نوعان: أهل الكتاب والمشركون كقوله تعالى: ﴿لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين﴾ (البينة، ١) والمودّة محبة الشيء مع تمنيه ولذلك
اليسير. وحكي أنّ الموفق صلى خلف الإمام فقرأ بهذه الآية فغشي عليه فلما أفاق قيل له في ذلك فقال: هذا فيمن ركن إلى من ظلم فكيف بالظالم ولما خالط الزهري السلاطين كتب إليه أخ له في الدين: عافانا الله وإياك أبا بكر من الفتن فقد أصبحت بحال ينبغي لمن عرفك أن يدعو الله لك ويرحمك، أصبحت شيخاً كبيراً وقد أثقلتك نعم الله تعالى بما فهمك من كتابه وعلمك من سنة نبيه، وليس كذلك أخذ الله الميثاق على العلماء قال الله سبحانه وتعالى: ﴿لتبيننه للناس ولا تكتمونه﴾ (آل عمران، ١٨٧) واعلم أنّ أيسر ما ارتكبت وأخف ما احتملت أنك آنست وحشة الظالم وسهلت سبيل الغيّ بدونك ممن لم يؤد حقاً ولم يترك باطلاً، حين أدناك اتخذوك قطباً تدور عليك رحى باطلهم وجسراً يعبرون عليك إلى ملاذهم وسلّماً يصعدون فيك إلى ضلالهم، يدخلون بك الشك على العلماء ويقتادون بك قلوب الجهلاء، فما أيسر ما أعمروا لك في جنب ما خربوا عليك، وما أكثر ما أخذوا منك فيما أفسدوا عليك من دينك، فما يؤمنك أن تكون ممن قال الله تعالى فيهم: ﴿فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غياً﴾ (مريم، ٥٩) فإنك تعامل من لا يجهل ويحفظ عليك من لا يغفل، فداوِ دينك فقد دخله
سقم، وهيئ
زادك فقد حضر السفر البعيد، وما يخفى على الله من شيء في الأرض ولا في السماء والسلام. وقال سفيان: في جهنم واد لا يسكنه إلا القرّاء الزائرون للملوك. وعن الأوزاعي ما من شيء أبغض إلى الله تعالى من عالم يزور عاملاً، أي: من الظلمة. وعن محمد بن سلمة: الذباب على العذرة أحسن من قارئ على باب هؤلاء. قال صلى الله عليه وسلم: «من دعا لظالم بالبقاء فقد أحب أن يعصي الله في أرضه». ولقد سئل سفيان عن ظالم أشرف على الهلاك في برية هل يسقى شربة ماء فقال: لا فقيل له: يموت، فقال: دعه يموت. وقوله تعالى: ﴿وما لكم من دون الله من أولياء﴾، أي: أعواناً وأنصاراً يمنعوكم من عذابه حال من قوله: ﴿فتمسكم النار﴾، أي: فتمسكم النار وأنتم على هذه الحالة ﴿ثم لا تنصرون﴾، أي: لا تجدون من ينصركم ويخلصكم من عذاب الله في القيامة. ففي هذه الآية وعيد لمن ركن إلى الظلمة بأن تمسه النار فكيف يكون حال الظالم في نفسه. ولما أمر تعالى بالاستقامة أردفه بالأمر بالصلاة بقوله تعالى:
﴿وأقم الصلاة﴾ وذلك يدلّ على أنّ أعظم العبادات بعد الإيمان بالله تعالى هو الصلاة وقوله تعالى: ﴿طرفي النهار﴾ الغداة والعشي، أي: الصبح والظهر والعصر. وقوله تعالى: ﴿وزلفاً﴾ جمع زلفةً، أي: طائفة ﴿من الليل﴾، أي: المغرب والعشاء ﴿إنّ الحسنات﴾ كالصلوات الخمس ﴿يذهبن﴾، أي: يكفرن ﴿السيئات﴾، أي: الذنوب الصغائر، لما رواه مسلم أنه ﷺ قال: «الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة كفارة لما بينهنّ ما اجتنبت الكبائر»، وزاد في رواية أخرى: «ورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهنّ إذا اجتنبت الكبائر»، وعن أبي هريرة أنه سمع رسول الله ﷺ يقول: «أرأيتم لو أنّ نهراً بباب أحدكم يغتسل منه كل يوم خمس مرّات ما تقولون هل يبقى من درنه شيء؟ قالوا: لا يارسول الله، لا يبقى من درنه شيء.u
فقال: ذلك مثل الصلوات الخمس يمحو الله بها الخطايا». وعن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مثل الصلوات الخمس كمثل نهر جار غمر على باب أحدكم يغتسل منه كل يوم خمس مرّات». وعن الحسن أنّ الحسنات قول العبد: سبحان والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر.
صبيحة الليل ﴿آل﴾ أي: أعوان ﴿فرعون﴾ فوضعوه بين يديه، قال ابن عباس وغيره: كان لفرعون يومئذ بنت ولم يكن له ولد غيرها وكانت من أكرم الناس عليه وكان لها كل يوم ثلاث حاجات ترفعها إلى فرعون وكان بها برص شديد وكان فرعون قد جمع لها أطباء مصر والسحرة فنظروا في أمرها فقالوا له أيها الملك لا تبرأ إلا من قبل البحر يوجد فيه شبه الإنسان فيؤخذ من ريقه فيلطخ به برصها فتبرأ من ذلك، وذلك في يوم كذا وساعة كذا حين تشرق الشمس فلما كان يوم الاثنين غدا فرعون إلى مجلس له على شفير النيل ومعه امرأته آسية بنت مزاحم وأقبلت ابنة فرعون في جواريها حتى جلست على شاطئ النيل مع جواريها تلاعبهنّ وتنضح الماء على وجوههنّ إذ أقبل النيل بالتابوت تضربه الأمواج فقال فرعون إنّ هذا لشيء في البحر قد تعلق بالشجر فائتوني به فابتدروه بالسفن من كل جانب حتى وضعوه بين يديه فعالجوا فتح الباب فلم يقدروا عليه وعالجوا كسره فلم يقدروا عليه فدنت آسية فرأت في جوف التابوت نوراً لم يره غيرها فعالجته ففتحت الباب فإذا هي بصبي صغير في مهده وإذا نور بين عينيه وقد جعل الله تعالى رزقه في إبهامه يمصه لبناً فألقى الله تعالى لموسى المحبة في قلب آسية وأحبه فرعون وعطف عليه وأقبلت بنت فرعون فلما أخرجوا الصبي من التابوت عمدت بنت فرعون إلى ما يسيل من ريقه فلطخت به برصها فبرأت فقبلته وضمته إلى صدرها فقالت الغواة من قوم فرعون أيها الملك إنا نظنّ أنّ ذلك المولود الذي تحذر منه من بني إسرائيل هو هذا، رمي به في البحر فرقاً منك فاقتله فهمّ فرعون بقتله فقالت آسية قرّة عين لي ولك واستوهبت موسى من فرعون وكانت لا تلد فوهبه لها، وقال فرعون أما أنا فلا حاجة لي فيه.
وفي حديث قال رسول ﷺ «لو قال يومئذ هو قرّة عين لي كما هو لك لهداه الله كما هداها» قال الزمخشري: وهذا على سبيل الفرض والتقدير أي: لو كان غير مطبوع على قلبه كآسية لقال مثل قولها ولأسلم كما أسلمت هذا إن صح الحديث تأويله والله أعلم بصحته انتهى، ثم قال لآسية ما تسميه قالت سميته موسى لأنا وجدناه في الماء والشجر فمو هو الماء وسى هو الشجر فذلك قوله تعالى: ﴿فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوّاً﴾ أي: يطول خوفهم منه بمخالفته لهم في دينهم وحملهم على الحق وقتل رجالهم ﴿وحزنا﴾ أي: بزوال ملكهم لأنه يظهر فيهم الآيات التي يهلك الله تعالى بها من يشاء منهم ويستعبد نساءهم ثم يظفر بهم حتى يهلكهم الله تعالى بالغرق على يده إهلاك نفس واحدة فيعم الحزن والنواح أهل ذلك الإقليم كله تنبيه: في هذه اللام الوجهان المشهوران أحدهما: أنها للعلة المجازية دون الحقيقية لأنهم لم يكن داعيهم إلا الالتقاط أن يكون لهم عدوّاً وحزناً ولكن المحبة والتبني غير أنّ ذلك لما كان نتيجة التقاطهم له وثمرته شبه بالداعي الذي يفعل الفاعل الفعل لأجله وهو الإكرام الذي هو نتيجة المجيء والتأدّب الذي هو ثمرة الضرب ليتأدّب، وتحريره أنّ هذه اللام حكمها حكم الأسد حيث استعيرت لما يشبه التعليل كما استعير الأسد لمن يشبه الأسد، والثاني: أنها للعاقبة والصيرورة لأنهم لم يلتقطوه ليكون لهم عدوّاً وحزنا ولكن صار عاقبة أمره إلى ذلك.
وقرأ حمزة والكسائي: بضمّ الحاء وسكون الزاي، والباقون بفتحهما وهما لغتان بمعنى
الفرق كافر غيره والنص عليه يفهم عظمته وأنه استخف قومه فأطاعوه ﴿وإخوان لوط﴾ أي: أصهاره الذين صار بينه وبينهم مع المصاهرة المناصرة بملوكهم على من قاواهم بنفسه وعمه خليل الله إبراهيم عليهما السلام ومع ذلك عاملوه بالخيانة والتكذيب.
﴿وأصحاب الأيكة﴾ أي: الغيضة. وهم قوم شعيب، والغضة الشجرة الملتف بعضه على بعض ولما كان تبع الحميري واسمه سعد وكنيته أبو كرب مع كونه في قومه ملكاً قاهراً وخالفوه مع ذلك، وكان لقومه نار في بلادهم يتحاكمون إليها فتأكل الظالم ختم بهم فقال تعالى: ﴿وقوم تبع﴾ مع كونه ملكاً وهو يدعوهم إلى الله تعالى فلا يظنّ أنّ التكذيب مخصوص بمن كان قوياً لمن كان مستضعفاً بل هو واقع بمن شئنا من قوي وضعيف لا يخرج شيء عن مرادنا ﴿كلٌ﴾ أي من هذه الفرق ﴿كذب الرسل﴾ أي كلهم بتكذيب رسولهم فإن الكل متساوون فيما يوجب الإيمان من إظهار المعجز والدعاء إلى الله تعالى ﴿فحق﴾ أي: فتسبب عن تكذيبهم لهم أن ثبت عليهم ووجب ﴿وعيد﴾ أي: الذي كانوا يكذبون به عند إنذارهم لهم إياه فجعلنا لهم منه في الدنيا ما حكمنا به عليهم في الأزل فأهلكناهم إهلاكاً عامّاً كإهلاك نفس واحدة على أنحاء مختلفة كما هو مشهور عند من له بأمثاله عناية وأتبعناه ما هو في البرزخ وأخرنا ما هو في القيامة إلى يوم البعث فثبت بإهلاكنا لهم على تنائي ديارهم وتباعد أعصارهم وكثرة أعدادهم أن لنا الإحاطة البالغة فتسلّ بإخوانك المرسلين وتأس بهم وليحذر قومك ما حل بمن كذبهم أن أصرّوا.
﴿أفعيينا بالخلق﴾ أي: أحصل لنا مع ما لنا من العظمة الإعياء وهو العجز بسبب الخلق في شيء من إيجاده أو إعدامه ﴿الأوّل﴾ أي: من السموات والأرض وما بينهما حين ابتدأناه اختراعاً من العدم ومن خلق الإنسان وسائر الحيوان مجدّداً في كل أوان في الأطوار المشاهدة على هذه التدريجات المعتادة بعد أن خلقنا أصله على ذلك الوجه مما ليس له أصل في الحياة، ومن إعدامه بعد خلقه جملة كهذه الأمم أو تدريجاً كغيرهم ﴿بل هم في لبسٍ﴾ أي: شك شديد وشبهة موجبة للتكلم بكلام مختلط لا يعقل له معنى بل السكوت عنه أجمل ﴿من﴾ أي: لأجل ﴿خلقٍ جديدٍ﴾ أي: بالإعادة ولما ذكر الخافقين أتبعه خلق ما هو جامع لجميع ما هو فيهما. فقال تعالى:
﴿ولقد﴾ أي: والحال أنا قد ﴿خلقنا﴾ أي: بما لنا من العظمة ﴿الإنسان﴾ وهو أعجب خلقاً وأجمع من جميع ما مضى ذكره بما فيه من الأنس والطغيان والذكر والنسيان والجهل والعرفان والطاعة والعصيان وغير ذلك من عجيب الشان. ووكلنا به من جنودنا من يحفظ فيضبط حركاته وسكناته وجميع أحواله ﴿ونعلم﴾ والحال أنا نعلم بما لنا من الإحاطة ﴿ماتوسوس﴾ أي: تكلم على وجه الخفاء ﴿به﴾ أي: الآن وفيما بعد ذلك ﴿نفسه﴾ مما لم نقدح بعد من خزائن الغيب إلى سرّ النفس كما علمنا ما تكلم نفسه وهي الخواطر التي تعرض له حتى أنه هو ربما عجز عن ضبطها فنحن نعلم أن قلوبهم عالمة بقدرتنا على أكمل ما نريد وبصحة القرآن وإعجازه وصدق الرسول به ﷺ وامتيازه وإنما حملهم الحسد والنفاسة والكبر والرياسة على الإنكار باللسان، حتى صار لهم ذلك خلقاً وتمادوا فيه، حتى غطى على عقولهم فصاروا في لبس محيط بهم من جميع الجوانب ونحن أي بما لنا من العظمة ﴿أقرب إليه﴾ أي: قرب علم وشهود من غير