وهناك شرط آخر: هو أن تكون بشكل قطع كبيرة من الغيوم منفصلة عن بعضها وقد تمتد القطعة مئات الكيلومترات. هذه القطع الممطرة، مطرها هادئ يحمل البشرى للناس لا يصاحبه هواء ولا رعد ولا برق فَإِذا أَصابَ بِهِ مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ إِذا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ [الروم: ٤٨].
وهو من أنفع وأحسن وأهدأ أنواع المطر.
فمن أين جاء محمد صلّى الله عليه وسلّم بهذا العلم؟ إنه تنزيل الحكيم العليم.
السحاب الركامي وتكون البرق:
قال تعالى: أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحاباً ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكاماً فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ مِنْ جِبالٍ فِيها مِنْ بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشاءُ وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشاءُ يَكادُ سَنا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصارِ (٤٣) [النور: ٤٣].
يساق بخار الماء بعضه إلى بعض في خط التجمع ثم يتآلف ثم يرتفع إلى الأعلى بسبب قوة الدفع من الأسفل لأن طبقات أخرى من الغيوم تحل تحت الطبقة العليا، فإذا أصبحت قوة الدفع ضعيفة بسبب الثقل العلوي تساقطت قطرات المطر إلى الأسفل. وهذا هو السحاب الركامي، ونظرا للبرودة يتكون الثلج المتجمع مع بعضه ضمن هذه الغيوم المتراكمة مكونا البرد، وهذا البرد يتساقط بعضه على الأرض ويرجع الآخر مرتفعا للأعلى ضمن الغيوم ويدور فيها بسرعة فيشكل أقطابا مختلفة بعضها موجب وبعضها سالب فتحدث الشرارات الكهربائية وهي اللمع التي يعقبها الرعد.
والهاء في كلمة (سنا برقه) عائدة للبرد: أي برق البرد، فالبرق من البرد.
وقوله تعالى: فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشاءُ [النور: ٤٣] إذا سقط على منطقة فيسبب الضرر لأهلها، وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشاءُ [النور: ٤٣] بإعادته ضمن الغيوم المتراكمة ليدور مشكلا البرق.