جمل اعتراضية استطرادية، وفواصل طويلة، تعرقل القارئ عن متابعة القراءة، أو تحول بينه وبين الفهم الصحيح..
والواقع أن للطبرى أسلوبا خاصا يحتاج إلى مزيد من الصبر والأناة، والتتبع الدقيق لمعانيه، حتى إذا ألفه الانسان، سهل عليه بعد ذلك أمره.. مثله مثل بعض كتابنا المعاصرين الذين لهم أسلوبهم الخاص الذى يحتاج إلى قليل من الصبر على قراءته حتى يتعوده القارئ.. ولعل خير ما يعبر عن ذلك هو الاستاذ محمود شاكر العالم الدقيق حين يقول فى مقدمته:
كان يستوقفنى فى القراءة كثرة الفصول فى عبارته، وتباعد أطراف الجمل، فلا يسلم لى المعنى، حتى أعيد قراءة الفقرة منه، مرتين أو ثلاثا.. وكان سبب ذلك أننا ألفنا منهجا من العبارة، غير الذى انتجه أبو جعفر، ولكن تبين لى أن قليلا من الترقيم فى الكتاب، خليق أن يجعل عبارته أبين، فلما فعلت ذلك فى أنحاء متفرقة من نسختى، وعدت بعد إلى قراءتها، وجدتها قد ذهب عنها ما كنت أجد من المشقة.
على أن الذى كان يجده الاستاذ شاكر.. وجده من قبله المفسرون الذين نقلوا عن الطبرى فى غير زماننا، مثل السيوطى وابن كثير وأبو حيان والقرطبى.
ولذلك وقعوا فى بعض أخطاء فى فهم المراد. كما يقول الاستاذ شاكر نفسه:
«ولما راجعت كتب التفسير وجدت بعضهم ينقل عنه فينسب إليه ما لا أجده فى كتابه، فتبين لى أن سبب ذلك.. هو.. هذه الجمل التى شقت على قراءتها، يقرؤها القارئ، فربما أخطأ فهم أبى جعفر.. وربما أصاب»
وإذن ففي أسلوب أبى جعفر فى تفسيره شىء من الصعوبة، ليست قاصرة على الذين تعودوا منا الأسلوب المعاصر، بل أيضا على القدماء من العلماء المفسرين أنفسهم، مما كان سببا فى أنهم أخطئوا فهم المراد من أبى جعفر.
وقد وقع لى كثيرا ما وقع للأستاذ محمود شاكر حين قراءة هذا التفسير، فكنت أعانى الكثير فى فهمه، وتتبع أفكاره، ووصل كلامه بعضه