ولذلك يعلق الإمام فخر الدين الرازى على هذه الرواية، فيقول بعد أن أوردها: «ولقد صدق الأبهرى فيما قال، فإن كل من كان أكثر توغلا فى بحار مخلوقات الله كان أكثر علما بجلال الله وعظمته»
والله الذى يحب المؤمنين الأقوياء كما يعلمنا رسول الله، كيف يكونون كذلك إذا لم يتعلموا كل ما يوفر لهم هذه القوة؟
والله الذى أمرهم أن يعدوا لأعدائهم ما يستطيعون من القوة لكى يسكتوهم ويرهبوهم عن التعرض لهم..
والله الذى جعل العزة له ولرسوله وللمؤمنين.
كيف يمكن أن يكون ذلك كله واقعا كما يحب الله ويرضى دون أن يكون المسلمون على أكبر قدر من العلوم المختلفة التى يحتاجونها فى صلاتهم بربهم، وفى صلاتهم مع الناس، وفى سيطرتهم على الطبيعة، وتسخيرهم لها؟
كيف يكونون ملبين أمر ربهم «وأعدوا لهم» إذا لم يكونوا أسبق الناس جميعا فى معرفة أسرار الكون، وفى صنع القنابل والصواريخ.. وغير ذلك من أحدث وسائل القوة، وإذا لم يكونوا المبرزين فى علوم الفضاء والبحار، والزراعة وفى الصناعة والصحة، وفى كل ما يوفر للإنسان القوة والصحة فى كل جانب؟ والمؤمن القوى خير وأحب الى الله من المؤمن الضعيف.
ومن هنا سار الدين مع العلم فى طريق واحد.. وكان الدين هو القاطرة التى تجر مقطورات العلم، وخزائنه المتنوعة. وكلها تكون قطارا واحدا، أو قافلة واحدة فى الحياة تسير باسم الله.
وقد أنتج هذا نهضة علمية وحضارية أضاءت الدنيا، ومهدت الطريق للنهضة الأوروبية الحديثة.. وحمل هذه النهضة، أو أضاء شمعتها، رجال مؤمنون بربهم، على مختلف مستوياتهم، واتجاهاتهم.. لا يزال الكثير منهم درة فى تاج الإنسانية.
نذكر منهم على سبيل المثال: عالمنا «أبا الريحان البيرونى» ٣٦٢ هـ- ٩٧٣ م وتوفى سنة ٤٤٠ هـ- ١٠٤٨ م.. ونبوغه فى عدة علوم كان من أهمها الفلك