الضعف بالعلوم الحديثة، وليعلم المسلم وغيره من نصوص القرآن والسنة، ومن واقع المسلمين إبان العصور الأولى، أن الإسلام يحتضن العلم على مختلف موضوعاته، وأن الواجب على المجتمع المسلم، أن يوفر لنفسه العلماء والصناع والزراع وغيرهم فى كل ناحية من نواحى الحياة.. فإذا خلا المجتمع من علماء أو متخصصين فى ناحية من النواحى، وجب وجوبا شرعيا عينيا مؤكدا على ولى الأمر، العمل على توفير هذا التخصص للأمة، حتى لا تحتاج لغيرها، وتكون عالة عليه فى حياتها. يستوى فى ذلك كل علم، وكل حرفة ومهنة، وإن كان من الضرورى- عقلا وشرعا- أن تكون هناك أولوية بين هذه العلوم حسب حاجة الأمة إليها، سواء فيما يتصل بعلاقتها مع ربها أو بعلاقتها مع الناس وتشكيل حياتها.
ولما كان الإسلام يضع قاعدة أولى للانطلاق إلى العمل فى الحياة وهى قاعدة الإيمان، ويبنى على هذه القاعدة تنظيم حياة الإنسان التنظيم الدقيق الإيجابى، كان من المهم أولا العناية بكيفية بناء هذه القاعدة وما يتفرع عنها من نظم لضبط حياة الإنسان واستقامتها.
ومن هنا كانت علوم الدين فى مقدمة العلوم التى يجب على الإنسان تحصيلها، وكان من الضرورى أن يوجد العلماء أو المعلمون، والمتخصصون الذين يتولون الإشراف والتوجيه لبناء هذه القاعدة وصيانتها.
ومن أجل هذا كانت عناية القرآن الخاصة بهذه المهمة، وكان النص عليها بذاتها، مع ما جاء من حث عام على العلم، ومدح للعلماء، ورفع لدرجاتهم.
. الخ..
كان هذا التخصيص دليل عناية خاصة ببناء القاعدة الأساسية، فى حياة الفرد المسلم، وفى حياة الجماعة.
وذلك فى قوله تعالى «فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ، وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ» (١).

(١) التوبة/ ١٢٢.


الصفحة التالية
Icon