وجامعاتها الدينية. ووجدت علماء يعرفون العربية قراءة وفهما من أمهات الكتب العربية، ولكنهم حين يشرحون لطلابهم أو لسامعيهم من عامة المسلمين لا يستطيعون نطق جملة كاملة باللغة العربية قبل أن يقضوا وقتا فى صياغتها صياغة ركيكة. ، فكانت الضرورة تقضى بأن يشرحوا لهم بلغتهم ويذكرون لهم معانى القرآن مترجمة بلغتهم..
والإمام أبو حنيفة رضى الله عنه- وأصله فارسى- كان أكثر الأئمة لمسا لهذه الحقيقة أو قربا منها، ولذلك وجدناه يلبى هذه الحاجة، حينما رأى أن للمصلى أن يقرأ معنى الفاتحة باللغة الفارسية حين يعجز عن قراءتها بالعربية، بينما الأئمة الآخرون لم يلمسوا مثله هذه الحالة فمنعوا أن يصلى بغير العربية مهما يكن الأمر..
ونحن العرب لا نحس الحاجة إلى الترجمة كما يحسها غير العرب.. لذلك تأخرنا كثيرا جدا فى النظر إلى الترجمة، حتى إذا أثارها الإمام الشيخ المراغى عليه رحمة الله ودعا إلى ضرورتها ثار عليه كثير من العلماء والمفكرين، وكانت معركة فكرية حامية، امتدت مرة إلى معركة بالكراسى فى قاعة الشبان المسلمين من أنصار المراغى ضد أحد معارضيه وشاهدت هذه المعركة وأنا طالب فى الكلية فى أواخر الثلاثينات.. حتى وجدنا أحد أعضاء المحكمة الشرعية العليا يصدر كتابا يجعل عنوانه «حدث الأحداث فى الاسلام الاقدام على ترجمة القرآن» وطبعا كان الرد على المنكرين باستمرار مما شغل الرأى العام والدولة فى أيامها..
وكان الجدل دائرا حول الممكن وهو ترجمة المعانى، لا ترجمة الألفاظ التى لا يختلف أحد على عدم إمكانها، لا فى القرآن ولا فى غيره..
فى الهند
حدث هذا عندنا فى النصف الأول للقرن العشرين، بينما نجد أن هذه الترجمة قد استقر على الحكم بجوازها، بل بضرورتها جميع علماء الهند من قرون مضت..
ترجم أولا للغة الفارسية، وقام بالترجمة حجة الإسلام هناك شاه ولى الله الدهلوى رأس مدرسة الحديث والمتوفى سنة ١١٧٦ هـ- ١٧٦٢ م.. وهو