بتشديد الباء فى قوله تعالى «وَفاكِهَةً وَأَبًّا» فيقول: نهينا عن التكلف والتعمق (١)» وفى رواية أخرى.. أنه كان يقرأ الآية فتساءل عن معنى «الأب» كما روى (٢) أيضا أنه كان يقرأ «أو يأخذهم على تخوف» وهو على المنبر، فتساءل عن معنى «تخوف» فقال له رجل من هذيل: التخوف عندنا هو التنقص، ونحن الآن مع تباعد القرون بيننا وبينهم، لا نجد القرآن غامضا علينا إلا النادر منه الذى يحتاج إلى وقفة معه حتى العامى منا يدرك الكثير من معانى الآيات، ويخشع قلبه لما يسمعه..
وفى ذلك يروى ابن جرير الطبرى عن ابن عباس رضى الله عنهما قوله:
«التفسير على أربعة أوجه: وجه تعرفه العرب من كلامها، وتفسير لا يعذر أحد بجهالته، وتفسير تعرفه العلماء، وتفسير لا يعلمه إلا الله» كوقت قيام الساعة.
فالوجهان الأولان ظاهران لا يحتاجان إلى عناء فى فهمهما، والثالث هو مدار البحث والأسئلة، والرابع يسكت عنه لأنه مما استأثر الله بعلمه..
ومما لا شك فيه أن الصحابة كانوا أحيانا يتوجهون إلى الرسول لفهم بعض الآيات، أو يتولى الرسول شرحها دون سؤال ويتلقى الصحابة الشرح والجواب..
مما عنيت كتب الحديث بذكره.
ولكن إلى أى مدى نثق فى صحة ما نسب إلى الرسول ﷺ من تفسير لبعض هذه المواضع من القرآن الكريم؟ ذلك أمر تكفلت به كتب السنة الموثوق بها، ولست أعنى بذلك كل كتب السنة المتداولة، لأن بعضها روى فى هذا الباب روايات لا يمكن أن تقبل عقلا.. فمثلا:
أخرج الحاكم عن أنس رضى الله عنه أنه قال: سئل رسول الله ﷺ عن القنطار فى قوله تعالى:
«وَالْقَناطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ» (٣) فقال: القنطار ألف أوقية «بينما روى الإمام احمد
(٢) المصدر السابق عن كتاب الموافقات للشاطبى.
(٣) من قوله تعالى «زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَواتِ مِنَ النِّساءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَناطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ» الآية ١٤ سورة آل عمران.