أذكر هنا على سبيل المثال ما جاء فى بعض كتب التفسير معزوا إلى ابن عباس عند قوله تعالى: (الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَياةَ) من سورة تبارك، فتقول: «واعلم أنه اختلف فى الموت والحياة» ولا أدرى فيم الاختلاف، ولكن انتظر وأقرأ التفاصيل «فحكى عن ابن عباس والكلبى ومقاتل (هكذا بالجملة): أن الموت والحياة جسمان. فالموت فى هيئة كبش أملح، لا يمر بشيء ولا يجد ريحه إلا مات، وخلق الحياة على صورة فرس أنثى بلقاء، وهى التى كان جبريل عليه السلام والأنبياء عليهم السلام يركبونها!! خطوتها مد البصر!! فوق الحمار ودون البغل!! لا تمر بشيء ولا يجد ريحها إلا حيى!! ولا تطأ على شىء إلا حيى!! وهى التى أخذ السامرى من أثرها ترابا فألقاه على العجل فحيى الخ..
فهل يعقل أن تقبل عقلية نيرة كعقلية ابن عباس مثل هذا الكلام. ثم من الذى رواه عن ابن عباس؟ لقد ذكر بجانبه الكلبى ومقاتل. والكلبى هذا قال عنه النقاد أنه من الوضاعين الكذابين، ولا يوثق بروايته.. ومع ذلك كله..
نجد هذا فى بعض كتب التفسير (١) التى يتناولها المبتدءون وغيرهم، وتغذى عقولهم بهذه الروايات، التى تفوق كل خيال، والتى ينفر منها كل ذى عقل يحترم نفسه. فهل كان العالم العلامة العارف بالله الشيخ أحمد الصاوى. الذى نقل هذا الكلام لا يعرف قيمة الرواية عن الكلبى؟
لكنه روى.. والسلام..
وأمثال هذا كثير لا يحصى، ويكاد يغطى معظم تفسير الآيات الكريمة، ولا سيما عند ما تتعرض الآيات لقصة من القصص أو لأمر من الأمور الغيبية.
ابن عباس.. مظلوم، فكم اعتدى باسمه على تفسير القرآن وعلى العقول!!
حتى فى الأشياء التى لا يتصور عليها خلاف يعنى بعض المفسرين بذكر خلاف على ماهية الموت والحياة ويجر المظلوم ابن عباس جرا إلى معركة الخلاف، وينسب إليه هذا الكلام!!