ويمكن أن نتناول كل اعتبار من هذه الاعتبارات بشيء من البسط والتوضيح.
نزل القرآن باللغة العربية فى عهد ازدهرت فيه هذه اللغة، فلم يكن قد داخل الألسنة شىء مما داخلها بعد ذلك حين اختلط العرب بغيرهم، من أبناء البلاد التى اعتنقت الإسلام، ولقد امتن الله سبحانه على العرب بنزول القرآن بلغتهم، وفى متناول فهمهم
إِنَّا أَنْزَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (١)
إِنَّا جَعَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (٢)
وَلَوْ جَعَلْناهُ قُرْآناً أَعْجَمِيًّا لَقالُوا لَوْلا فُصِّلَتْ آياتُهُ (٣)
نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ ١٩٣ عَلى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ ١٩٤ بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ ١٩٥ (٤)
كِتابٌ فُصِّلَتْ آياتُهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (٥)
ومؤدى هذا كله أن القرآن نزل بلغة العرب واضحا وبينا، لكى يعقلوه ويتدبروه، ويصلوا عن هذا الطريق إلى الإيمان به، وبالذى أنزله، ومن أنزل عليه.. وقد جعل الله معجزة رسوله فى هذا القرآن، وتحدى العرب أن يأتوا بسورة من مثله فى بلاغته وبيانه.. وهذا يقتضى بالطبع أن يكونوا مدركين له، وللمعانى التى احتوت عليها الآيات وعبرت عنها الكلمات.. إذ بغير إدراك المعانى لا يمكن تذوق البلاغة، ولا الإحساس بالعجز عن مجاراة القرآن فى التعبير عنها بمثل هذا الأسلوب.

(١) أول سورة يوسف.
(٢) سورة الزخرف.
(٣) سورة فصلت.
(٤) الشعراء/ ١٩٥.
(٥) فصلت/ ٣.


الصفحة التالية
Icon