وسادته كأنها أفق يضم هذين الخيطين. وفى رواية أخرى أنه قال له أيضا (إنك لعريض القفا) وبعض الناس يفهم من هذا أنه يرميه بالبلادة فى فهم المراد من الآية.. ولكنه من مستلزمات (إن وسادك لعريض) فما دام الوساد عريضا إلى هذا الحد فلا بد أن القفا الذى يستلقى عليه عريض كذلك بما يتناسب معه. وربما يكون ذلك إشارة إلى أنه كان مستريحا فى نومه على وسادة مريحة فتكاسل عن القيام وأجرى تجربته وهو نائم.
وهى كلها تعليقات طريفة على هذا الفهم البدائى، الذى أخذ ما فى الآية على حقيقته، ولم يفطن إلى أن ذلك كناية عن خيط النور الذى يشق سواد الليل مؤذنا بطلوع الفجر..
والشاهد فى هذه الرواية هو أن الرجل فهم فهما فى القرآن، ثم لم يطمئن إليه بعد التجربة التى أجراها، فذهب إلى الرسول ﷺ يعرض عليه هذا الفهم، ويستوضحه الحقيقة فيه، فبين له الرسول حقيقة المراد فى الآية..
وأمثال هذه الاستفسارات لا بدّ أنها كانت كثيرة، وقد روى البخارى ما صح منها فى صحيحه وكانت أمرا لا بدّ منه فى فهم الصحابة للآيات التى تشرع لهم فى أمر عباداتهم أو معاملاتهم.. ومن الطبيعى أن الرسول كان يتقبل هذه- الاستسفسارات بصدر رحب، ويجيب عنها بما يوضح لهم الفهم الصحيح.
لأنها كانت تدخل فى صميم الحياة العملية لهم.. ويتوقف عليها تسديد الخطى فى هذه الحياة...
لكن العقل البشرى له جولاته فى نطاق الحياة العملية، وله تساؤلاته فيما يغيب عنه، وكثيرا ما يدفعه الفضول أو الرغبة فى الاطلاع على المجهول إلى أسئلة يرجو الإجابة عنها.
وقد نزل القرآن موجزا مجملا وحمال أوجه، وفيه متسع لمن يريد السير وراء الأسئلة التى من هذا النوع.. حيث ركز على موضع العبرة عنها، تاركا فيها بعض الجوانب التى يلح العقل فى معرفتها عادة..
كما أن فى القرآن بعض الآيات التى تبدو فى ظاهرها متناقضة.. فالله «ليس كمثله شىء» كما تقرر آية، ثم تأتى آيات أخرى، فتتحدث عن أن الله