يدا (بَلْ يَداهُ مَبْسُوطَتانِ) ووجها (وَيَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ) وعينا (وَلِتُصْنَعَ عَلى عَيْنِي)، وسمعا وبصرا (إِنَّ اللَّهَ كانَ سَمِيعاً بَصِيراً). إلى غير ذلك من الآيات التى تبدو على غير اتفاق مع قوله تعالى (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) مما أطلق عليه أنه من المتشابهات فى القرآن.. بمعنى عدم جلاء معناه عند قراءته أو سماعه، كما يفهم سريعا من قوله تعالى مثلا: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها).. (وَإِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ).
وهناك ألفاظ فى القرآن جاءت على غير ما اعتاد العرب فى كلامهم ((الم.
ألر. المص. طسم. حم. ص. ق. ن). مما بدأ الله به بعض سور القرآن..
وهناك آيات فى القرآن الكريم تنص على أن الله «يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ و (مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِداً).
(وَما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ) وآيات أخرى صريحة فى مجازاة الإنسان على ضلاله وعلى عمله، وينتج عن هذه وتلك.. هذا الإشكال المزمن: هل العبد مسير أو مخير؟ وكيف يحاسب الله العبد على شىء، نفذت به مشيئة الله وليس فيه حينئذ خيار؟
آيات كثيرة فيها هذا وذاك وذلك.. ومرت القرون عليها، والناس مختلفون متجادلون فى فهم المراد منها.. وستمر قرون كذلك، دون أن يصل فيها العقل إلى رأى قاطع حاسم، فماذا كان موقف صحابة رسول الله منها؟.
هل فهموها ووصلوا فيها إلى حل مريح، أو سألوا الرسول عنها فبينها لهم؟
لو أنهم فهموها أو بينها لهم الرسول، لروى لنا هذا الفهم، وهذا الحل، واسترحنا، إذ ليس من المعقول أن يندرس مثل هذا البيان عن هذه الآيات المشكلة، فلا يرث علمهم أحد ممن أخذ عنهم، ولا نتوارثه، مع أن الروايات، نقلت لنا الكثير من أقوال الرسول وأقوالهم، مما هو أقل شأنا من موضوع فهم هذه الآيات، ومع أن عهد التابعين قد كثرت فيه الأسئلة عن غوامض القرآن.
ولكن هل تمر عليهم دون أن يفهموها، ودون أن يسألوا عنها؟..


الصفحة التالية
Icon