أظن ذلك هو الأقرب إلى العقل.. إذ لو سألوا وأجابهم عنها لوصل إلينا ذلك فيما وصل.
وما دمنا لم نعثر على حديث صحيح عن الرسول، أو على رأى للصحابة موثوق بنسبته إليهم، فالأقرب للعقول أنهم لم يفهموها تفصيلا ولم يسألوا عنها.
ولكن كيف مرت دون أن يفهموها، ودون أن يسألوا عنها، وهى التى تشغلنا الآن كما أنها شغلت من كان قبلنا، وستشغل من هو بعدنا، ويكثر فى فهمها الاختلاف كما كثر من قبل دون الوصول إلى رأى قاطع..
ما المراد بقوله تعالى فى أوائل السور: الم. المص. الر. حم.. الخ؟
ما المراد بيد الله وسمعه وبصره وعينه؟
ألم يفسرها الرسول تفسير قاطعا؟ ألم يتطلع الصحابة لمعرفتها فيتركوا لنا فيها تفسيرا مقنعا؟
تروى بعض كتب التفسير عن أبى بكر وعمر أنهما مما استأثر الله بعلمه..
ولو صحت هذه الرواية لكان معنى ذلك أنهم يعلمون ذلك من الرسول..
ولقطعت هذه الرواية حبل الاجتهاد على كل متحدث يريد شرحها وفهمها..
ولكن حبل الحديث والتفسير والاجتهاد فى فهمها لم ينقطع، حتى بلغت الأقوال مثلا فى معنى الحروف المقطعة.. عشرات. ومغزى هذا أن هذه الرواية عن أبى بكر وعمر لم تصح، ولم تعتمد لدى المفسرين جميعا. فبقى باب الفهم والاجتهاد فيه مفتوحا.
فرأينا فريقا من المفسرين يقف عن تفسيرها ويقول (الله أعلم بمراده) وآخرين منهم يفسرونها بما يمكنك الاطلاع عليه فى كتب التفسير.. وكلها تفسيرات اجتهادية ترجع إلى عقل المفسر وترجيحه..
والسبب فى ذلك كله أننا لم نرث عن الصحابة رواية صحيحة معتمدة، تقطع الطريق على أى قول آخر.
فكيف تترك هذه الأمور غامضة دون توضيح؟.. وهل يعقل أن تكون


الصفحة التالية
Icon