معانيها غامضة عليهم، ثم سكتوا فلم يسألوا الرسول، وهو المرجع الأعلى فى تفسير القرآن وفهمه؟..
أسئلة أجدها كلها نابتة من جونا العلمى والفكرى الذى نعيش فيه، والذى دأب الناس فيه على أن يسألوا عن كل شىء، حتى ما لا يحتمل السؤال.. وفى هذه الأسئلة التى نتساءلها شىء.. من الاستغراب، عن موقف الصحابة وإحجامهم عن السؤال.. وشىء من الأمانى الغالية أن لو كان الصحابة سألوا عنها الرسول فبينها وأراحنا..
فهل يلام الصحابة لعدم سؤالهم أو بيانهم؟.
إنه لا بد لنا لكى نفهم موقفهم ونقدره.. نحاول بتفكيرنا العيش معهم فى الجو الذى كانوا يعيشون فيه، ونقدر مع ذلك البساطة العربية التى كانت تنفر من التعقيد، والتى كانت طابعهم العام، ونعرف فى الوقت نفسه أن وقتهم كان وقت تعبئة عامة وتركيز حول المسائل المهمة، التى تأخذ من حياتهم الاهتمام الأول، وهى العقيدة وبناؤها، والأحكام والالتزام بها، والأعداء الكثيرون المحيطون بهم وضرورة مجابهتهم.. وأولا وأخيرا أمة جديدة فى كل شىء، تزرع وسط حقول ألغام، ولا بد لها من الحذر والحيطة التامة فى سيرها..
فهل يحتمل هذا الجو- مع ما نعلمه من البساطة العربية- أن ينصرف الصحابة- والحالة حالة طوارئ- إلى مناقشات حول موضوعات لا تدخل فى صميم عقيدتهم، أو عباداتهم ومعاملاتهم. وهى موضوعات أثيرت فيما بعد، بدافع من الأمن والفراغ، واتساع الحركة الذهنية والعلمية، وكثرة الداخلين فى الإسلام من غير العرب..
لقد عاش الرسول ﷺ بعد بعثته نحو عشرين سنة كانت هى مدة الدعوة إلى الدين الجديد بعد فتور الوحى، ومنذ أمره بإنذار عشيرته الأقربين، وأمره بتبليغ الدعوة جهرا إلى الناس أجمعين. وقد قضى من هذه المدة نحو نصفها فى مكة فى حالة ضغط مستمر عليه وعلى أصحابه، واضطهاد عنيف تحملوه صابرين.. ومطاردة ومصادرة لهم فى أفكارهم وتحركاتهم..