عن الحق.. «فأما الذين فى قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله» على حسب هواهم، مع أن هناك آيات أخرى تحول بينهم وبين اتباع الهوى..
ولكنهم يتعامون عنها، ويهملونها، انتصارا لرأيهم، وتلبيسا على العوام، وجذبا لهم...
وفى مقابل ذم هؤلاء الذين يتعامون عن الحقائق، ويثيرون الفتن، ذكر الله طائفة أخرى لا تذهب مذهب الأولين فى إثارة الفتن بالمتشابه بل تؤمن به إيمانها بالمحكم، باعتبار أنهما صادران عن الله سبحانه، وسماهم الراسخين فى العلم، أى الراسخين فى علمهم بالله جل جلاله، وبالتالى فى إيمانهم به. فقال تعقيبا على الأولين وبيانا لموقف الآخرين (وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا وَما يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُوا الْأَلْبابِ). ربنا (أى يدعو الراسخون المؤمنون ربهم قائلين) لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب، لفرط إيمانهم واعتصامهم بربهم.
وبذلك وضح موقف فريقين من الناس: فريق يعمد للمتشابه ليؤوله تأويلات فاسدة يقصد منها إثارة الفتن، وفريق يؤمن به كما يؤمن بالمحكم من الآيات. ، والفريق الأول مذموم. ، والفريق الثانى ممدوح.
ويؤكد هذا حديث روته السيدة عائشة رضى الله عنها تقول فيه: (تلا رسول الله ﷺ هذه الآية وقال: (فإذا رأيت الذين يتبعون ما تشابه منه فأولئك الذين سمى الله فاحذرهم.
ومع أن الآية والحديث- كما رأيت- يذمان الذين يتبعون المتشابه، ويؤولونه تأويلا يثير الشبه والفتن، ولا يتناولان الذين يسألون عن المتشابه سؤالا بريئا بقصد الفهم، أو الذين يذكرونه، ويردونه إلى المحكم، ويفهمونه على ضوئه، أقول مع هذا أصبح السؤال عن المتشابه أو الحديث عنه مثيرا لعلامة استفهام حول صاحبه، أو واضعا له موضع الريبة فى إيمانه، حتى تتبين حقيقته...
ولذا كان من الطبيعى أن يتحاشى المخلصون الصادقون هذه الريبة، ويبتعدوا ما أمكن عن الكلام حول المتشابه ويكتفوا بالفهم الإجمالى، رادين كل


الصفحة التالية
Icon