قاعدة تحتاج إلى مناقشة:
ومع أن المشتغلين بالتفسير الذين عنوا بتنقية الروايات، وبيان الصحيح منها وغير الصحيح، قد أبلوا فى ذلك بلاء حسنا.. وقدموا لنا ذخيرة يمكن الاعتماد عليها. فإن هناك قاعدة من القواعد التى أقروها بصدد هذه الروايات، أعتقد أنه دخل منها الكثير من غير الصحيح، على الروايات المفسّرة للقرآن، وهى لهذا تحتاج إلى مناقشة..
هذه القاعدة المعروفة المسلّم بها لدى النقاد جميعا هى المتصلة بالرواية الموقوفة على الصحابى التى لم يسندها إلى رسول الله ﷺ حيث قالوا: إذا كانت هذه الرواية أعنى موضوعها من الأمور الغيبية، وتكلم بها الصحابى، فمعنى ذلك أنه سمعها من الرسول.. ولو لم يصرح بذلك، لأنه لا مجال للرأى والعقل فيها.. فهى فى حكم المرفوع للرسول..
وهذا الكلام الذى قالوه يمكن أن يصدق، ولكن إلى حد ما، لأنى أعتقد أننا لو أخذناه قضية مسلمة وعلى اطلاقها، فإنه من الممكن حينئذ أن يدخل منها المدسوس على رسول الله. ولا سيما فيما يتصل بالتفسير..
ذلك أن بعض الصحابة كانوا يطمئنون- ولو أحيانا لنكون أكثر دقة واحتياطا- إلى بعض المسلمين من أهل الكتاب، وإخبارهم ببعض الأمور من تفصيلات القصص وغيرها، فينقلون ذلك عنهم. ويروى تلامذتهم، أعنى التابعين عنهم.. وتصبح الرواية بذلك موقوفة على الصحابى.. فإذا أخذنا القاعدة السابقة قضية مسلمة فى مثل هذه الروايات نسبنا الى الرسول بذلك ما لم يقله، أو يكون هذا احتمالا على الأقل..
ومن الواجب أن نحتاط الاحتياط الشديد فى نسبة كلام الى الرسول عن مثل