تفرق الصحابة فى البلاد ومدارس التفسير
لقد تفرق أصحاب رسول الله ﷺ فى البلاد. مكة، والعراق، ومصر، والشام وغيرها.. وكان منهم من عرف عنه العلم بتفسير القرآن أو القول فيه.. كابن عباس وابن مسعود وغيرهما.. والمسلمون جميعا مشدودون للقرآن، مهتمون بمعرفته وتفسيره، كل على قدر تطلعاته. وكان من الضرورى أن يسألوا عما يريدون منه، لاجئين إلى من يرونه ثقة فى ذلك..
ولا يمكن أن نتصور فى هذا العصر أن أحدا من هؤلاء الموثوق بهم، قد خصص وقتا لتفسير القرآن، كما هو الشأن فى أيامنا، ولكن التفسير كان يحدث تبعا لأسئلة تلقى، فكان تفسيرا متناثرا حسب الوقت، والحاجة.. كما لا يمكن أن نتصور أن التفسير فى ذلك الوقت، كان كالتفسير الذى نقرؤه فى كتبه، أو نسمعه من المتخصصين أو شبههم فى أيامنا..
بل كان تفسيرا فى حدود ما سمع من الرسول، أو قيل إنه سمع منه، مع إضافة شىء إليه مما سمع من أهل الكتاب إن كان المفسر ممن يقبل ذلك، كما كان فى حدود الفهم العربى للألفاظ والتراكيب، وما عرف من سبب نزول الآية.
وكانت تغلب عليه الرواية، ويسير فى حدودها.. ويتناقله الناس شفاها غير مكتوب..
«واشتهر من الصحابة عدد قليل فى تفسير القرآن، وأكثر من روى عنه على ابن أبى طالب، وعبد الله بن عباس، وعبد الله بن مسعود، وأبى بن كعب.
. وأقل من هؤلاء: زيد بن ثابت، وأبو موسى الأشعرى، وعبد الله بن الزبير»
(١).
وكان أبعد هؤلاء وأكثرهم أثرا فى التفسير: ابن عباس ومدرسته فى مكة، وابن مسعود ومدرسته وتلاميذه فى الكوفة، وأبى بن كعب الذى آثر المكث فى المدينة

(١) فجر الإسلام ص ٢٤٩ الطبعة الثالثة للمرحوم أحمد أمين.


الصفحة التالية
Icon