(٢) المكي والمدني
المكي من آيات القرآن الكريم: ما نزل قبل الهجرة. والمدني: ما نزل بعدها.
وهذا أشهر أقوال ثلاثة ذكرها الزركشي في" برهانه".
ومن المعلوم أن من خصائص الشريعة الإسلامية أنها جاءت متدرجة في تشريع الأحكام. ثم إن سور القرآن الكريم وآياته تابعة في النزول لمراحل تدرج الشريعة في تكوينها، فكل مرحلة من هذه المراحل تقتضي صنفا معينا من بلاغ القرآن. وكل مرحلة من هذه المراحل تعدّ أصلا وأسّا للمرحلة التالية التي تنبني عليها، وعلى هذا المنوال كانت سور القرآن في التنزيل، حيث ينبني فهم لاحقها على فهم سابقها..
وفي بيان ذلك يقول الشاطبي:" المدني من القرآن يفهم مرتّبا على المكي السابق في النزول عليه. وكذلك تفهم آيات المكي.. المتأخر منها يفهم مرتبا على المتقدم، وكذلك شأن الآيات المدنية بعضها مع بعض. والدليل على ذلك استقراء منهج القرآن، وذلك إنما يكون ببيان مجمل، أو تخصيص عام، أو تقييد مطلق، أو تفصيل ما لم يفصل، أو تكميل ما لم يظهر تكميله.
والشاهد المقرر لصحة هذا المعنى هو أن الشريعة كلها جاءت مبنية على الشرائع السابقة في الأصول، متممة لها في الفروع، مصلحة لما فسد من دين إبراهيم عليه السّلام.
ويتلو ذلك في النظر أن سورة الأنعام- وهي سورة مكية- نزلت مبينة لقواعد العقائد، وأصول الدين، حتى قال المتكلمون: إنها تضمنت جميع العقائد من أول مبحث إثبات واجب الوجود إلى إثبات الإمامة..


الصفحة التالية
Icon