لَوْلا فُصِّلَتْ آياتُهُءَ أَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ [سورة فصلت: ٤٤]. فالكلمة إذا كانت عربية ولكنها حوشية مجهولة لم تكن توصف بالفصاحة.. فكيف بالكلام الأعجمي مجهول اللفظ والمعنى؟! ولو كان في القرآن أعجمي؛ لبادر العرب بإنكاره على القرآن. فمن ينفي وجود الأعجمي في القرآن إنما يقصد الذي لا تعرفه العرب ولا تستعمله. ومن قال بوجوده فهو يقصد الذي عرفه العرب، واستعملوه حتى لان وانقاد للسانهم. وهكذا يكون الخلاف بين الفريقين لفظيّا؛ لأنه توارد على محلين لا محل واحد" (١).
وقال الشاطبي في بيان ذلك:" إذا كانت العرب قد تكلمت به، وجرى في خطابها، وفهمت معناه؛ صار من كلامها. ألا ترى أنها لا تدعه على لفظه الذي كان عليه عند العجم
إلا إذا كانت حروفه في المخارج والصفات كحروف العرب، وهذا يقل وجوده، وعند ذلك يكون منسوبا إلى العرب. فأما إذا لم تكن حروفه كحروف العرب، أو كان بعضها كذلك دون بعض؛ فلا بد لها من أن تتصرف فيه بالتغيير كما تتصرف في كلامها. وإذا فعلت ذلك؛ صارت تلك الكلم مضمومة إلى كلامها كالألفاظ المرتجلة، والأوزان المبتدأة لها" (٢).
وعلى هذا التحرير يحمل ما نقله الزركشي عن جمهور العلماء من عدم وجود غير العربي في القرآن، ومنهم أبو عبيدة، والطبري، والقاضي أبو بكر بن الطيب في" التقريب"، وابن فارس اللغوي، والشافعي في" الرسالة". ونقل عن الشافعي ردّه على القائلين بوقوع الأعجمي في القرآن (٣). وحكى عن ابن فارس عن أبي عبيدة أنه أنكر
(٢) الموافقات، ٢/ ٦٥.
(٣) الرسالة، تحقيق الأستاذ أحمد شاكر، ص ٤٠.