أما المفسّر؛ فإنه يتكلم بلهجة المبيّن لمعنى الكلام على حسب فهمه، فكأنه يقول للناس: هذا ما أفهمه من الآية. أما المترجم؛ فإنه يتكلم بلهجة من أحاط بمعنى الكلام، وصبّه في ألفاظ لغة أخرى.
والعمل الذي يصان به القرآن من تحريف أو وهم يتسرب إليه من طريق الترجمة أن يترجم تفسيره" (١).
شبهتان وردّهما:
إنه على الرغم من اتفاق العلماء المعتبرين على الالتزام بفهم القرآن الكريم من خلال معهود العرب في الخطاب.. فإن ثمّة مغالطتين تثاران حول هذه القاعدة:
المغالطة الأولى، مؤداها: إذا كان القرآن قد ورد على معهود العرب في الخطاب؛ فلم كانت الحاجة إلى التفسير؟
والجواب: صحيح أن القرآن كله نزل على معهود العرب بلا ريب؛ لكنّ دلالات الألفاظ على معانيها تتعدد وجوهها ومناحيها في لغة العرب، فهناك الحقيقة والمجاز والمشترك. فليس كل نص تكون دلالته بعبارته.. بل قد تكون بالمنطوق والمفهوم، أو بالإشارة والاقتضاء.
وهناك الدلالات التي تتفاوت درجاتها من حيث القوة والضعف: كالمحكم والمفسّر، والنص، والظاهر والخفي، والمشكل والمجمل.
وهناك الدلالات التي ينقسم اللفظ فيها إلى: خاص وعام، ومطلق ومقيد، وغير ذلك مما هو من معهود العرب في الخطاب، ومن ثمّ تكون منافذ الاجتهاد منفتحة أمام المفسر.

(١) انظر: بلاغة القرآن، للخضر حسين، ٦٨، ٦٩.


الصفحة التالية
Icon