فإن قيل: بل الخلاف قائم في هذه القاعدة.. فإن من علماء الأصول من قال بأن العبرة بخصوص السبب لا بعموم اللفظ.
وعند هذا أقول: هيا بنا نلق الضوء على هذه القاعدة مبينين وجه الحق في هذه المسألة الأصولية، وهي أن اللفظ الوارد على سبب: هل يكون حكمه على قدر ذلك السبب؟
وفي الجواب عن هذا السؤال يقول الأصوليون: إن ذلك اللفظ المذكور، إما أن يكون قضية تامة مستقلة بنفسها بحيث يمكن الابتداء بها لو لم يوجد سبب، وإما أن يكون عبارة تابعة للسبب غير مستقلة بنفسها، كنعم أو لا.
فأما غير المستقل؛ فلا خلاف في أن حكمه على وفق سببه.. إن عامّا؛ فعام، وإن خاصّا فخاص. ومثاله أن يسأل سائل: أيحل الوضوء بماء البحر؟
فيقال:" نعم". فهذا حكم يعم السائل وغيره؛ لأن السؤال كان عامّا وقد جاء على وفقه. وإن قال السائل: أيحل لي الوضوء بماء البحر؟، فقيل له:" نعم"؛ فهذا حكم خاص يخص السائل بصيغته؛ لأن السؤال كان كذلك، وإن تعداه إلى غيره من المكلفين؛ فإنما يتعدى بالقياس أو بنص آخر من النصوص الدالة على أن أحكام الشريعة أصلها العموم ما لم يقم دليل التخصيص.
وأما المستقل.. فإن كانت صيغته خاصة؛ فالحكم خاص حتى ولو كان السبب عامّا، ، كأن يسأل سائل: أيحل الوضوء بماء البحر؟ فيجاب:" يحل لك الوضوء بماء البحر".
وإن كانت صيغته عامة.. فهل يعم حكمها حتى ولو كان السبب خاصّا؟
مثاله أنه- عليه الصلاة والسلام- سئل عن بئر بضاعة التي كانت تلقى فيها


الصفحة التالية
Icon