وليدة، وإلى الزوجة بالأولى، وأخرج عنه الأمة التي لم يثبت لها أمومة الولد؛ لضعف معنى الفراش فيها، وإذا كان بعض الأئمة ذهب إلى طهورية كل ماء لم يتغير، وطهارة كل جلد دبغ، وأنهم يوجبون حمل عمومات الشارع كلها على أوسع معانيها الوضعية من غير نظر إلى مساقاتها؛ فذلك ما لا قائل به من أهل السنة، وإنما المعنى أنهم يوجبون تعدية الحكم إلى مرتبة من مراتب العموم يظنّ قصد الشارع إليها، قريبة أو بعيدة أو متوسطة.
وهذا قدر متفق عليه في الجملة. ففيم الخلاف إذن؟! هل إذا جاء المجتهدون لتطبيق هذه القاعدة، فاختلفت أنظارهم في تحري مراتب العموم أيها أنسب بفرع فرع، يعد ذلك اختلافا في أصل القاعدة كما صوره الأصوليون؟ أكبر الظن أن غلبة شهوة الجدل هي السبب في تصويرها قاعدة خلافية!
قلنا: إن اللفظ العام الوارد على سبب خاص لا يخلو من جهة عموم قطعا.
ثم قلنا: إن لهذا العموم مراتب متفاوتة يجتهد الناظر في اختيار أيها أنسب بموضع دون موضع.
فهل هناك ضابط يضبط هذه المراتب ويبين طريقة تنزيل النصوص القرآنية عليها حسبما فهمه العرب؟
لقد وقفنا على تحقيق نفيس في هذا المقام بسطه الشاطبي- رحمه الله- في فصل العموم والخصوص، ونحن نكتفي هنا بعرض خلاصته، وهي أن مراتب العموم ثلاثة:
المرتبة الأولى: مرتبة العموم الوضعي، وهو استغراق ما يدل عليه اللفظ بحسب أصله الإفرادي وحقيقته اللغوية. وهذه هي أوسع المراتب وأعمها.


الصفحة التالية
Icon