فليرجع إلى بيانهما- أي الظاهر والباطن- على التفسير المذكور- أي الذي ارتضينا-" (١).
ثم ينتقل الشاطبي، فيعقد فصلا لتقرير أن كل ما كان من المعاني العربية التي لا ينبني فهم القرآن إلا عليها فهو داخل تحت الظاهر.. فالمسائل البيانية، والمنازع البلاغية لا معدل بها عن ظاهر القرآن (٢).
ثم قال:" وكل ما كان من المعاني التي تقتضي تحقيق المخاطب بوصف العبودية والإقرار لله بالربوبية؛ فذلك هو" الباطن" المراد، والمقصود الذي أنزل القرآن لأجله" (٣).
ولنبدأ الآن في ذكر وصف المعاني الظاهرة أولا، وطرقا من طرق استفادتها من القرآن، ثم نعقّب على ذكرها بذكر المعاني الخفية المعتبرة، وطرق استفادتها من القرآن أيضا.
لكن قبل وصف المعاني الظاهرة، وطرق استفادتها، أقول:
إن الألفاظ العربية وضعت للدلالة على إفادة المعاني الموضوعة لها وضعا إفراديّا، كالألفاظ الدالة على معانيها بطريق الحقيقة، أو وضعا نوعيّا بطريق المجاز. كذلك.. وضعت الجمل العربية في صور مختلفة، تحتمل كل صورة منها بعض المعاني البلاغية الزائدة على المعنى الوضعي لكل لفظ بانفراده، كإفادة الحصر في قوله تعالى: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ [سورة الفاتحة: ٥]،

(١) الموافقات، ٣/ ٣٨٣، ٣٨٤.
(٢) الموافقات، ٣/ ٣٨٦.
(٣) الموافقات، ٣/ ٣٨٨.


الصفحة التالية
Icon