وإظهار العناية بتقديم الموضوع" المبتدأ، المسند إليه" في قوله تعالى: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ [سورة الفتح: ٢٩].. على ما سبق بيانه في المعاني الأصلية والثانوية.
ومن ذلك في القرآن: الاختلافات في صور الألفاظ الوضعية، التي تدل من المعاني الأصلية، على ما يشبه المعاني الزائدة في اختلاف صور الجمل المركبة.. من ذلك قوله تعالى: فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّما يَصَّعَّدُ فِي السَّماءِ [سورة الأنعام: ١٢٥].
والشاهد في قوله" ضيقا حرجا" إذا قورن بقوله تعالى: فَلَعَلَّكَ تارِكٌ بَعْضَ ما يُوحى إِلَيْكَ وَضائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ [سورة هود: ١٢]، وموضع الشاهد:" وضائق به صدرك".. فما هو الفرق بين استعمال" ضيق" في الآية الأولى، واستعمال" ضائق" في الآية الثانية؟
يعلق الأستاذ الجليل الدكتور محمد سعاد جلال على هذا الموضع بقوله:" إن" ضيق" صفة مشبّهة، تدل على ثبوت معناها في نفس القائمة به، واستعمالها في موضعها- هنا- موضع البلاغة؛ لأن المقصود هو الكشف عن الضيق الشديد المعربد في نفس من أضله الله بخذلان نفسه له، فانصرف عن الدخول في الإسلام منصرفا إلى عبادة الأصنام التي لا يجد منها ولاية ولا سكينة.
أما" ضائق".. فهو صيغة اسم فاعل، يدل على قيام معناه بالموصوف به، من غير ثبات ولا استمرار، وهو موضع البلاغة في موضعه أيضا؛ لأن المقصود:
أن تضايق نفس النبي من عناد المشركين وكيدهم حال طارئة، لا تلبث أن