ثانيهما: أن يكون له شاهد- نصّا أو ظاهرا- في محل آخر يشهد لصحته من غير معارض".
ثم قال:" وبهذين الشرطين يتبين صحة ما تقدم أنه الباطن؛ لأنهما موفوران فيه، بخلاف ما فسّر به الباطنية؛ فإنه ليس من علم الباطن، كما أنه ليس من علم الظاهر" (١).
ومن أمثلة ذلك التفسير الباطني المردود عند أهل الحق- بل هو مردود لكل ذي عينين! - ما ذكره الشاطبي من ادعاء من لا خلاق له، من أنه مسمّى في القرآن كبيان بن سمعان (٢)، حيث زعم أنه المراد بقوله تعالى: هذا بَيانٌ لِلنَّاسِ [سورة آل عمران: ١٣٨]. إن هذا التأويل الفاسد يجعل الآية الكريمة قلقة في موضعها، منقطعة الصلة بما قبلها وما بعدها، فضلا عن أن الإشارة إليه إذن تكون قبل مولده بكذا وكذا من عشرات السنين، وأن خيار الأمة- رسولها وصحابته والتابعين جميعا- قاصرون عن فهم القرآن ومقصرون في عدم الدعوة إلى هذا الفاجر!
وكذلك يقال في ذلك الفاجر الآخر الذي تسمى ب" الكسف" (٣)، وقال أتباعه أنه المراد بقوله: وَإِنْ يَرَوْا كِسْفاً مِنَ السَّماءِ ساقِطاً [سورة الطور: ٤٤]..
فأي معنى للآية على هذا الزعم الفاسد؟! أيكون المعنى: وإن يروا رجلا ساقطا؛ يقولوا سحاب مركوم؟! تعالى الله عن ذلك.

(١) المرجع السابق، ٣/ ٣٩٤.
(٢) بيان بن سمعان النهدي: من بني تميم، ظهر بالعراق بعد المائة، وقال بألوهية علي. قتله خالد ابن عبد الله القسري، وأحرقه بالنار." لسان الميزان" ٢/ ٦٩.
(٣) الكسف هو: أبو منصور الذي تنسب إليه فرقة" المنصورية".


الصفحة التالية
Icon