ولقد خص الله سبحانه وتعالى القرآن الكريم بخصائص كثيرة ينبغى لمن أراد أن يفهم القرآن أن يعيها ويدركها بعقله وبقلبه.
وإن أول هذه الخصائص أنه- أى القرآن الكريم- كلام الله الخالص غير مخلوق ولا مفترى، غير مشوب بأوهام البشر ولا بأهواء البشر، فكله من الله من ألفه إلى يائه.
ليس لجبريل منه إلا النزول به، ولا لمحمد صلّى الله عليه وسلم إلا التلقى والتبليغ قال تعالى:
وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعالَمِينَ (١٩٢) نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (١٩٣) عَلى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ (١).
إذن فلا غرو أن تتصف أخبار هذا الكتاب بالصدق الكامل وأحكامه بالعدل المطلق. فكل ما فى القرآن من أخبار، ومواعظ وأوامر، ونواه، وتوجيهات، وتشريعات يتجلى فيها الحق كله، والخير كله والجمال كله والحكمة كلها والمصلحة كلها لأنها كلها صادرة من لدن حكيم خبير.
والخصيصة الثانية للقرآن هى التيسير فهو كتاب يسره منزله، يسر تلاوته ويسر فهمه ويسر العمل به لمن أراد، لا يكلف الإنسان شططا ولا يرهقه من أمره عسرا.
قال تعالى: وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (٢).
فيستطيع كل إنسان سليم الفطرة. يقرأ القرآن أو يسمعه- أن يفهم منه ويتأثر ويستقى من منهله بقدر ما يتسع واديه.
ومن خصائص القرآن: أنه كتاب معجز على مر الأيام وتعاقب الأزمان فهو آية محمد صلّى الله عليه وسلم العظمى ومعجزته الخالدة، وللإعجاز القرآنى أوجه وجوانب عديدة فهو معجز فى لفظه وأسلوبه ونظمه وعباراته وألفاظه معجز فى موضوعه

(١) الشعراء: ١٩٢، ١٩٣، ١٩٤.
(٢) القمر: ١٧.


الصفحة التالية
Icon