وبعضها كان يسري عن نفسه ما ينالها من الحزن، مثل قوله تعالى:
فَلا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّا نَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ وَما يُعْلِنُونَ (يس: ٧٥) وقوله تعالى:
وَلا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً (يونس: ٦٥) إن نزول الوحي منجما في سنوات الكفاح من أجل نشر الإسلام كان بحق معينا للرسول على النهوض بأعباء رسالته العظيمة، مقويا له، آخذا بيده. كما كان المؤمنون الأولون يستمدون من تكرار نزول الوحي العزم والقوة كلما أظلمت الأيام وقست عليهم الحوادث.
من حكم التنجيم في النزول أيضا أن القرآن كتاب هداية، نزل على الرسول ليخرج به الناس من الظلمات إلى النور. لقد كان يهدف إلى تعليم الناس. ومجتمع الجاهلية بما شاع فيه من المفاسد والتخلف ما كان ليستطيع أن يتلقى حكمة الكتاب الكريم دفعة واحدة، فعقول الناس ما كانت لتستطيع أن تستوعب هذا الفيض الغامر من الحكمة الإلهية. فنزول الآيات منجمة، وتلاوتها على الناس كان من قبيل التعليم التدريجي لهذا المجتمع الجاهل المتخلف. قال تعالى:
كَما أَرْسَلْنا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُوا عَلَيْكُمْ آياتِنا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ ما لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ (البقرة: ١٥١)


الصفحة التالية
Icon