من جانبنا بمثل هذا العمل مستعينين بما وصل إلينا من روايات عن الصحابة وما حفلت به الكتب التي خلفها لنا السلف من تفصيلات حول هذا الموضوع.
الرأي الثاني: في شرح اصطلاحي المكي والمدني أن المكي ما نزل بمكة ولو بعد الهجرة، والمدني ما نزل بالمدينة. ويدخل في مكة ضواحيها فيعتبر مكيا ما أنزل على النبي بمنى وعرفات والحديبية، كما يدخل في المدينة ضواحيها، فيعتبر مدنيا ما أنزل على النبي ببدر وأحد وسلع. وهذا التقسيم لا يجدي في بيان ما تقدم نزوله من القرآن وما تأخر، وليس إلا تقسيما مبنيا على مكان النزول. ثم هو لا يفيد الحصر في جميع الحالات، فهناك آيات أنزلت على الرسول في غير مكة والمدينة، فقد نزل عليه الوحي في تبوك وكذلك في بيت المقدس.
الرأي الثالث: في شرح اصطلاحي المكي والمدني أن المكي ما وقع خطابا لأهل مكة، والمدني ما وقع خطابا لأهل المدينة (١). ويحاول القائلون. بهذا الرأي أن يضعوا له الضوابط فيقولون إن ما صدّر في القرآن بلفظ:
يا أَيُّهَا النَّاسُ أو بصيغة:
يا بَنِي آدَمَ فهو مكي، لأن الكفر كان غالبا على أهل مكة، فخوطبوا بيا أيها الناس أو يا بني آدم، وإن كان غيرهم داخلا فيهم. أما ما صدّر من القرآن بعبارة:
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا فهو مدني، لأن الإيمان كان غالبا على أهل المدينة، وإن كان غيرهم داخلا فيهم.
وهذا الرأي قابل لاعتراضات متعددة:

(١) السيوطي: الاتقان، ج ١، ص ٩.
الزركشي: البرهان، ج ١، ص ١٨٧.


الصفحة التالية
Icon