وقد وردت الإشارة في التنزيل العزيز إلى المحكم والمتشابه، ففيه ما يشير إلى أن الكتاب العزيز كله محكم:
الر* كِتابٌ أُحْكِمَتْ آياتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ [هود: ١١/ ١ - ٢].
وفيه ما يشير إلى أن الكتاب العزيز متشابه:
اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتاباً مُتَشابِهاً مَثانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ [الزّمر: ٣٩/ ٢٣].
وفيه ما يشير إلى أن الكتاب منه محكم ومنه متشابه:
هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ، وَأُخَرُ مُتَشابِهاتٌ [آل عمران: ٣/ ٧].
وليس بين هذه الثلاثة أدنى تعارض، فمعنى إحكامه في الآية الأولى أنه منظم ومتقن، كأنه بناء مشيد أحكم الله سبحانه نظمه وقرآنه وبيانه.
ومعنى تشابهه في الآية الثانية أنه على نسق واحد في الإعجاز والفصاحة والبلاغة والبيان، يشبه بعضه بعضا من جهة أنه في سائره تنزيل من حكيم حميد، لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وأما أن بعضه محكم وبعضه متشابه، فمعناه أن من القرآن ما اتّضحت دلالته على مراد الله تعالى منه، ومنه ما خفيت دلالته على هذا المراد الكريم، فالأول هو المحكم، والثاني هو المتشابه.
وجرى العمل لدى الأصوليين على إطلاق الحكم في مقابلة المتشابه تارة، وفي مقابلة المنسوخ تارة أخرى.
فمما جاء في التنزيل العزيز من مقابلة النسخ بالإحكام:
هو الذي لم يترجح معناه، وهو رأي البيضاوي والسبكي.
ما لا يدرك المراد منه أصلا لا بالفعل ولا بالنقل، وهو رأي الحنفية.
هو الأقسام التي في القرآن والحروف المقطعة، وهو رأي ابن حزم.
انظر الكتاب المذكور ص ٧٣.