فَيَنْسَخُ اللَّهُ ما يُلْقِي الشَّيْطانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آياتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ [الحج: ٢٢/ ٥٢].
ومما جاء في التنزيل من مقابلة النسخ بالتشابه:
هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ وَأُخَرُ مُتَشابِهاتٌ [آل عمران: ٣/ ٧].
وقد ثبت بالاستقراء أن آيات الأحكام ليس فيها متشابه، بل هي جميعا مما أحكم من الكتاب (١)، وما كان منها غير واضح الدلالة فإنه يكشف إبهامه، ويظهر خفاؤه، ويفصل إجماله بالأدلة الشرعية من الكتاب والسّنة ووسائل الاستدلال بهما.
وهناك طريقتان عند علماء الكلام والتوحيد لمعرفة حكم المتشابه، اشتهرت الأولى عن السّلف، واشتهرت الثانية عن الخلف.
فطريقة السلف: الامتناع عن التأويل، مع الاعتقاد بحقية المراد الإلهي، والتسليم بمراد الشارع منه، ودليلهم قول الله سبحانه: وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ، وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ [آل عمران: ٣/ ٧]، وذلك على تحتم الوقف بعد لفظ الجلالة، فتكون معرفة تأويله مقصورة على المولى سبحانه، لا يقدر أن يحيط بها من خلقه أحد، فالحكم الأصولي عندهم هو التوقف عن التأويل، مع اعتقاد أن قول الله حق، وتفويض علم ذلك إلى الله تعالى بدون بحث في تأويله.
وطريقة الخلف: تأويل المتشابه بما يوافق اللغة، ويلائم تنزيه الله سبحانه عما لا يليق به،
وهكذا فإن تصنيف الحنفية غير واضح الدلالة من النصوص حلّ هذا الإشكال؛ إذ جعلوا غير واضح الدلالة واحدا من أربعة: الخفي، والمشكل، والمجمل، والمتشابه. انظر كشف الأسرار للبزدوي ١/ ٥٢.