المسألة الخامسة:
قوله تعالى: شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُوا الْعِلْمِ قائِماً بِالْقِسْطِ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ، إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلامُ [آل عمران: ٣/ ١٨].
قرأ الكسائي: (أنّ الدّين عند الله الإسلام) بفتح الهمزة.
وقرأ الباقون: إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلامُ بكسر الهمزة (١).
فتكون قراءة الكسائي بفتح الهمزة، على أن العبارة تصريح بنص شهادة الله، والملائكة، وأولي العلم بأن الدين عند الله الإسلام.
وتكون قراءة الجمهور بكسر الهمزة على أنه كلام مستأنف، مصدّر بالتوكيد.
وقد أطال الإمام المفسّر الطبري في ردّ قراءة الفتح فقال: كان بعض البصريين يتأول قوله شهد الله: قضى الله، ويرفع الملائكة بمعنى: والملائكة شهود وأولو العلم، وهكذا قرأت قرّاء أهل الإسلام بفتح الألف من أنه على ما ذكرت من إعمال شهد في (أنه) الأولى، وكسر الألف من (إن) الثانية وابتدائها؛ سوى أن بعض المتأخرين من أهل
العربية كان يقرأ ذلك جميعا بفتح ألفيهما بمعنى: شهد الله أنه لا إله إلا هو، وأن الدين عند الله الإسلام، فعطف بأن الدين على أنه الأولى ثم حذف واو العطف، وهي مراده في الكلام، واحتجّ في ذلك بأن ابن عباس قرأ ذلك:
(شهد الله إنّه لا إله إلّا هو) الآية، ثم قال: أن الدّين عند الله الإسلام بكسر الأولى وفتح الثانية، بإعمال شهد فيها، وجعل (إن) الأولى اعتراضا في الكلام غير عامل فيها شهد (٢).

(١) سراج القاري لابن القاصح، ١٧٦.
وعبارة الشاطبي:
... /... /... /.. كسره صح إن الدين بالفتح رفلا ولم يشر ابن الجزري إلى متابع للكسائي من العشرة.
(٢) جامع البيان للطبري، ٣/ ١٣٩.


الصفحة التالية
Icon