المسألة الثانية عشرة:
قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ يُدافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا [الحج: ٢٢/ ٣٨]، قرأ ابن كثير وأبو عمرو:
(إنّ الله يدفع عن الذين آمنوا) بغير ألف. دفع من (يدفع دفعا). وحجتهما: أن الله عزّ وجلّ لا يدافعه شيء، وهو يدفع عن الناس، فالفعل له وحده لا لغيره.
وقرأ الباقون: إِنَّ اللَّهَ يُدافِعُ بالألف. وحجتهم: أن (يدافع) عن مرات متواليات؛ لأن قول القائل (دافعت عن زيد) يجوز أن يراد به: دفعت عنه مرة بعد مرة، وليس ينحى به نحو (قاتلت زيدا)، بل ينحى به نحو قوله: قاتَلَهُمُ اللَّهُ، والفعل له لا لغيره، ونحو هذا:
(طارقت النعل وسافرت) (١).
وثمرة الخلاف:
أنه يجوز وصف الله عزّ وجلّ بأنه يدافع عن المؤمنين استنادا إلى قراءة الجمهور، دون أن يستلزم ذلك إثبات الفعل لغيره سبحانه وتعالى؛ إذ هو وحده له الخلق والأمر تبارك الله ربّ العالمين.
قال الشوكاني في فتح القدير: قوله تعالى: يُدافِعُ صيغة المفاعلة هنا مجردة عن معناها الأصلي، وهو وقوع الفعل من الجانبين كما تدلّ عليه القراءة الأخرى- قراءة الكوفيين والشامي والمدني- وقد ترد هذه الصيغة ولا يراد بها معناها الأصلي كثيرا مثل: عاقبت اللص ونحو ذلك (٢).

(١) حجة القراءات لأبي زرعة بن زنجلة، ط مؤسسة الرسالة ٤٧٨.
وانظر سراج القاري لابن القاصح العذري، ط البابي الحلبي ٢٩٧. وعبارة الشاطبي
ويدفع حق بين فتحيه ساكن يدافع والمضموم في آذن اعتلا
(٢) فتح القدير للشوكاني ٤٥٦.


الصفحة التالية
Icon