وقال: وَإِذْ قالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يا بَنِي إِسْرائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْراةِ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جاءَهُمْ بِالْبَيِّناتِ قالُوا هذا سِحْرٌ مُبِينٌ [الصّف: ٦١/ ٦].
فليحكم أهل الإنجيل بما أنزل الله فيه! بل إن نصارى هذا الزمان يخالفوننا فيما نلجئهم إليه من أمر نزول الكتاب على السيد المسيح كما أخبر الله عزّ وجلّ: وَآتَيْناهُ الْإِنْجِيلَ فِيهِ هُدىً وَنُورٌ [المائدة: ٥/ ٤٦]. فهم لا يعتقدون ذلك أصلا، ويرون أن الكتاب المقدس عندهم هو محض إلهامات تلقاها الرّسل والحواريون، فدوّنوها ولم تكن وحيا تلقاه السيد المسيح عن ربّه! وهكذا فإن العقل والنقل متفقان أنه ليس في دار السعادة منزل للذين يكذبون رسل الله، ويعرضون عن هداهم.
قال ابن تيمية: (فمن كان أبوه من أهل الكتاب قبل النّسخ والتّبديل، ثم إنه لما بعث الله عيسى ومحمدا صلّى الله عليه وسلّم كفر بهما وبما جاءا به من عند الله، واتّبع الكتاب المبدّل المنسوخ كان كفره من أغلظ الكفر، ولم يكن كفره أخفّ من كفر من دخل بنفسه في هذا الدين المبدّل، ولا له بمجرد نسبه حرمة عند الله، ولا عند رسوله، ولا ينفعه دين آبائه إذا كان هو مخالفا لهم، فإن آباءه كانوا إذ ذاك مسلمين، فإن دين الله هو الإسلام في كل وقت، فكل من آمن بكتب الله ورسله في كل زمان فهو مسلم، ومن كفر بشيء من كتب الله ورسله فليس مسلما في أي زمان كان) (١).