وقرأ الباقون: إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ بفتح الميم، وضم اللام والراء.
وحجتهم ما روي في التفسير، جاء في قوله: إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ أي: (إن سؤالك إياي أن أنجي كافرا عمل غير صالح)؛ لأن نوحا قال: رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي [هود: ١١/ ٤٥]، فقال الله تعالى: إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ الذين وعدتك أن أنجيهم، إن سؤالك إياي عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ، وقيل: لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ أي: من أهل دينك.
فالهاء في قراءتهم كناية عن السؤال، ولم يجر له ذكر ظاهر، وذلك جائز فيما قد عرف موضعه أن يكنى عنه، أو جرى ما يدلّ عليه كقوله عزّ وجلّ: وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْراً [آل عمران: ٣/ ١٨٠]، فكنّى عن البخل لأنه ذكر الذين يبخلون اكتفاء به عن ذكر البخل، وكنّى به، وقال: حَتَّى تَوارَتْ بِالْحِجابِ [ص: ٣٨/ ٣٣]، يعني الشمس. وهذه أعلام لا يجهل موضعها؛ قال الشاعر:
إذا نهى السّفيه جرى إليه | وخالف، والسّفيه إلى خلاف |
والسؤال في قصة نوح لم يجر له ذكر، ولكنه لما ذكر إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي دلّ على السؤال.
وقال آخرون منهم الزجاج: (الهاء كناية عن ابن نوح)، أي إنه ذو عمل غير صالح كما قال الشاعر:
ترتع ما رتعت حتى إذا ادّكرت | فإنما هي إقبال وإدبار (١) |
وفي عمل فتح ورفع ونونوا | وغير رفعوا إلا الكسائي ذا الملا |