ثالثا- مشروع كتابة مصحف عثمان:
إن المصحف العثماني هو الوثيقة الأم التي انبثقت عنها سائر القراءات المتواترة، وقامت عليها الجهود المتعاقبة للوقوف على أصل التنزيل من الذكر الحكيم.
والمصحف العثماني وثيقة من أهم وثائق تاريخ العرب إن لم نقل إنها أهمها على الإطلاق، حيث قامت عليها ألوف الدراسات والبحوث خلال التاريخ الإسلامي.
وقد كتب عثمان ستة مصاحف وزّعها في الأمصار، واحتفظ لنفسه بمصحف واحد منها، وهو الذي كان بيده عند استشهاده.
ولكن هذا المصحف وقرناؤه من المصاحف الستة غير موجودة بأيدي الناس اليوم، ويتنازع شرف الانتساب إليها ثلاثة مصاحف (١):
١ - مصحف المشهد الحسيني بمصر بالقاهرة، وهو الذي نقل إلى المشهد المذكور عام ١٣٠٤ هجري.
٢ - مصحف اسطنبول بتركيا، وهو محفوظ في متحف طوب قابوسراي، وهو مكتوب على الرّق، وعليه قطرات حمرا.
٣ - مصحف طشقند في أوزبكستان، وهو موجود بحوزة الإدارة الدينية بطشقند، مكتوب على الرّق، عدد ورقاته ٣٥٣ ورقة، بقياس ٦٨* ٥٣ سم، وقد نقل إلى طشقند عام ١٨٦٩ م.
وليس هذا محل مناقشة ثبوت هذه المصاحف، والاستدلال والتأريخ لها، فقد تكفّلت بذلك دراسات عديدة، يمكن مراجعتها.
ولكن الذي أقترحه في هذا السبيل هو إصدار مصحف عثمان مرة أخرى؛ إما استنساخا عن أحد هذه المصاحف، أو استكتابا (٢) عنها وفق ما قرره علماء الرسم في مصنفاتهم، دون نقط ولا شكل، وفق الكتبة الأولى، وإتاحة ذلك لعامة المتعلمين والمشتغلين بخدمة القرآن الكريم.
(٢) أردت بالاستنساخ تصوير أحد هذه المصاحف عن طريق آلة التصوير، وأردت بالاستكتاب العهدة إلى أحد الخطاطين المهرة إلى إعادة كتابة المصحف وفق الكتبة العثمانية نفسها.