وتجب الإشارة هنا إلى أن ما روي عن الصحابة من اختيارات في القراءة مما لم يدرج في المتواتر ليس له حظ من القبول، ويحرم اعتقاد أنه من القرآن، وهو على كل حال
ليس إلا اختيارات لبعض الكلمات لا يجتمع منها بحال نص قرآني كامل، ويجب حمله على أحد الوجوه الثلاثة الآتية:
١ - الطعن في إسناد هذه الرواية، وهذا من باب تحصيل الحاصل، إذ القرآن لا يقبل إلا متواترا، فما لم تندرج هذه الرواية في المتواتر؛ فهي حكما ليست من القرآن الكريم، والمتواتر كله مضبوط محفوظ مدوّن.
٢ - حمل ذلك على أن الصحابي أراد بذلك التفسير، فأدرجه في مصحفه، أو لقنه للمتلقي على أنه تفسير للنّص القرآني وليس جزءا منه.
٣ - حمل ذلك على أنه وهم من الصحابي، أو من الراوي المتلقّي عنه، وأنه لا يقاوم الصحيح المروي عن الصحابي نفسه بأسانيد التواتر المحفوظة.
ومن الأمثلة على ذلك المردود مما أورده بعض علماء القراءات:
١ - روي عن علي رضي الله عنه: (يريد ينقاص) بدلا من (يريد أن ينقض) (١).
٢ - ونسب إليه أيضا: (فمن خاف من موص حيفا) بدلا من (جنفا) (٢).
٣ - قرأ أبي بن كعب رضي الله عنه: (وغير الضّالين) بدلا من (ولا الضالين) (٣).
٤ - وقرأ أيضا: (للذين يقسمون من نسائهم) بدلا من (للذين يؤلون) (٤).
٥ - وقرأ ابن مسعود: (وكان عبد الله وجيها) بدلا من (وكان عند الله) (٥).
(٢) انظر البحر المحيط لأبي حيان ٢/ ٢٤.
(٣) انظر البحر المحيط لأبي حيان ١/ ٢٤.
(٤) انظر البحر المحيط لأبي حيان ٢/ ١٨٠ م ورواها أيضا عن ابن عباس الطبري في جامع البيان.
(٥) انظر المحتسب لابن جني ٢/ ١٨٥.