تحريف القرآن، ومسألة سلامة النّص القرآني، فقد كثر الحديث حول هذه المسألة، واتخذها بعض الناس سببا للطعن في إيمان القوم ووصمهم بالزندقة، واعتقاد النقص والزيادة في كتاب الله.
والحق أن الطعن في سلامة النّص القرآني منقول عن طائفة من علماء الشيعة، بل في بعض الكتب المصادر عند القوم، وهو ما يزيد المسألة تعقيدا، فقد ورد على سبيل المثال في الكافي للكليني (١)، وهو من أوثق مراجع القوم في الرواية النصوص التالية:
عن جعفر بن محمد قال: (لم يجمع القرآن كله إلا الأئمة، وإن القرآن الذي جاء به جبريل إلى محمد صلّى الله عليه وسلّم كان سبع عشرة ألف آية) (٢).
عن أبي الحسن المضاي قال: «قرأ أمير المؤمنين: يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ (من خلافة علي) وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ، فقلت: تنزيل؟ فقال:
نعم» (٣).
وفي الكافي للكليني أيضا في تأويل قوله تعالى: ائْتُونِي بِكِتابٍ مِنْ قَبْلِ هذا أَوْ أَثارَةٍ مِنْ عِلْمٍ: (إن الله تعالى لما قبض نبيه صلّى الله عليه وسلّم، ونوزعت فاطمة في ميراثها من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فاعتزلت الناس خمسة وسبعين يوما حتى كتبت مصحفها، فأرسل الله جبريل إليها، حتى كتبت مصحفا فيه علم ما كان وما يكون، وما لم يكن إلى يوم القيامة) (٤).
عن محمد بن جهم الهلالي أن أبا عبد الله قال: (أمّة هي أزكى من أمّة) في سورة النّحل، ليست كذاك، ولكنها: (أئمة هي أزكى من أئمتكم) (٥).
(٢) الكافي للكليني، باب ٤٧١، حديث (٢٨).
(٣) أصول الكافي للكليني، كتاب الحجة، باب النكت من التنزيل في الولاية. ١/ ٤١٢، رقم الباب في المعجم المفهرس (١٦٦).
(٤) الكافي، باب فيه ذكر الصحيفة، ١/ ٢٤٠، وانظر كذلك باب ٩٨، حديث (١ و ٢ و ٣ و ٤) ١/ ٣٤٤، وقد عنون الكليني لهذا الباب بقوله: باب فيه ذكر الصحيفة والجامعة ومصحف فاطمة عليها السلام.
(٥) الكافي للكليني، باب ٩٢، حديث (٧).